18 أكتوبر 2024
لبنان.. الخارج وتشكيل الحكومة
مضى قرابة ثلاثة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، وعلى الرغم من كل الاتصالات والمشاورات خلال هذه الفترة، ومن محاولات تدوير الزوايا بين الأطراف المعنيّة، لم يتمكّن الرجل من التوفيق بين مطالب القوى السياسية والكتل النيابية، وبالتالي لم يتمكّن، إلى اليوم، من تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع كل الأطراف اللبنانية في هذه المرحلة بالذات.
جرى الحديث حتى أيام قليلة عن عقد داخلية تعيق تشكيل الحكومة. واحدة مسيحية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وأخرى درزية لا يعترف بها الزعيم وليد جنبلاط. وثالثة سنّية يحاول الرئيس المكلف التهرّب من مواجهتها. ورابعة تتصل بحصة لرئيس الجمهورية، لا يريدها له أحد. ثم صار يُسمع أن ثمّة معوّقات خارجية تعيق تشكيل الحكومة، وترفض تشكيلها في هذا التوقيت، فقد لمح رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، إلى أن هناك بعض الشكوك حول وجود عقبات ومعوّقات خارجية أمام تشكيل الحكومة، غير أن شيئاً ملموساً في هذا الخصوص غير قائم، ولم يشر بري إلى الجهات الخارجية.
وأشار رئيس الجمهورية، ميشال عون، في كلمته في عيد الجيش، إلى وجود عقبات ومعوّقات خارجية أيضا. ولما تحدث وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، عن فك أسر لبنان من الاعتقال السياسي، كان يوحي إلى عامل خارجي يعيق تشكيل الحكومة.
ونقلت صحيفة الجمهورية أن الرئيس المكلف، سعد الحريري، وفي زيارته أخيرا باريس، طلب من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التدخل لدى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للموافقة على تشكيل الحكومة، باعتباره (بن سلمان) من يعيق تشكيلها، إلا أن مكتب الحريري في بيروت نفى هذا الحديث، وأكد أن زيارة الحريري باريس كانت عائلية ولم يلتقِ خلالها أيّاً من المسؤولين الفرنسيين، كما نفى أن تكون السعودية عنصراً معوّقاً لتشكيل الحكومة.
هل هناك فعلاً وحقيقة معوّقات خارجية تحول، حتى الساعة، دون تشكيل الحكومة اللبنانية؟
وأين يمكن أن تكون هذه المعوّقات؟ ومن المستفيد منها؟ أم أنها مجرّد تعمية وتمويه على العقد الداخلية لشراء مزيد من الوقت، وفرض مزيد من الشروط؟ بالتعمق في أسباب كل هذا التأخير، تجد أن هناك عقداً داخلية فعلية، هي العقد المذكورة، خصوصا أن كل طرف يتعامل مع تشكيل الحكومة كما لو أنها غنيمة يريد الفوز بأكبر قدر منها، لا مصلحة وطنية ومسؤولية نهوض ببلد. ولذلك نعم يمكن أن تشكّل العقد الداخلية وطمع الأطراف و"قلّة مسؤوليتهم" معوّقاً كبيراً أمام تشكيل الحكومة. ولكن ذلك لا يمنع، ولا يحجب إمكانية وجود معوّقات خارجية هي السبب الحقيقي خلف العقد الداخلية، ويحول دون تذليل العقبات.
المعروف اليوم أن المنطقة مترابطة ومتداخلة في ملفاتها وأزماتها، وللقوى الفاعلة فيها على المستوى الإقليمي، أو الدولي، مصالح متشابكة ومتعارضة، وبالتالي من مصلحتها ربط النزاع في بعض الملفات، حتى تتحوّل الساحات إلى مناطق ضغط بيد تلك القوى الفاعلة، وبالتالي تجد أن من مصلحتها أن تقدّم ملفا أو تؤخّر آخر.
بهذا المعنى، ندرك أن لبنان اليوم محكوم بنظرة القوى الإقليمية الفاعلة ومصلحتها، ومن هذه القوى بالدرجة الأولى السعودية، وبدرجة أخرى إيران. وقد يكون من مصلحة السعودية أن تؤخّر تشكيل الحكومة في لبنان، حتى لا يقع البلد مرّة واحدة تحت "الهيمنة" الإيرانية، بعد فوز حلفاء إيران في لبنان بالانتخابات النيابية، وهو ما فاخر به ذات يوم قائد فيلق القدس الإيراني، اللواء قاسم سليماني. بل من مصلحتها أن تؤخّر ذلك بانتظار ما ستنجلي عنه الأمور في العراق وسورية واليمن، وحتى في إيران نفسها، في ضوء العقوبات الأميركية من ناحية، والانتفاضة الشعبية في الداخل الإيراني من ناحية ثانية.
وقد يكون من مصلحة إيران، أو بعض حلفائها، كالنظام السوري، أن يؤخّر تشكيل الحكومة، لأنه مع كل يوم تأخير تزداد فرص ضغطه وتأثيره على القرار اللبناني، ولذلك لا يبدو مستعجلاً على ذلك، بانتظار تمكّنه أكثر فأكثر من السيطرة والهيمنة على القرار السوري، في ضوء تصفية المعارضة المسلحة عبر ما تعرف بالمصالحات.
أمام هذا المشهد، يبدو أن المعوّقات الخارجية تفعل فعلها الحقيقي في تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية، وإن كانت على هيئة عقبات داخلية، وبغض النظر عن اتفاقها أو اختلافها.
جرى الحديث حتى أيام قليلة عن عقد داخلية تعيق تشكيل الحكومة. واحدة مسيحية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وأخرى درزية لا يعترف بها الزعيم وليد جنبلاط. وثالثة سنّية يحاول الرئيس المكلف التهرّب من مواجهتها. ورابعة تتصل بحصة لرئيس الجمهورية، لا يريدها له أحد. ثم صار يُسمع أن ثمّة معوّقات خارجية تعيق تشكيل الحكومة، وترفض تشكيلها في هذا التوقيت، فقد لمح رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، إلى أن هناك بعض الشكوك حول وجود عقبات ومعوّقات خارجية أمام تشكيل الحكومة، غير أن شيئاً ملموساً في هذا الخصوص غير قائم، ولم يشر بري إلى الجهات الخارجية.
وأشار رئيس الجمهورية، ميشال عون، في كلمته في عيد الجيش، إلى وجود عقبات ومعوّقات خارجية أيضا. ولما تحدث وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، عن فك أسر لبنان من الاعتقال السياسي، كان يوحي إلى عامل خارجي يعيق تشكيل الحكومة.
ونقلت صحيفة الجمهورية أن الرئيس المكلف، سعد الحريري، وفي زيارته أخيرا باريس، طلب من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التدخل لدى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للموافقة على تشكيل الحكومة، باعتباره (بن سلمان) من يعيق تشكيلها، إلا أن مكتب الحريري في بيروت نفى هذا الحديث، وأكد أن زيارة الحريري باريس كانت عائلية ولم يلتقِ خلالها أيّاً من المسؤولين الفرنسيين، كما نفى أن تكون السعودية عنصراً معوّقاً لتشكيل الحكومة.
هل هناك فعلاً وحقيقة معوّقات خارجية تحول، حتى الساعة، دون تشكيل الحكومة اللبنانية؟
المعروف اليوم أن المنطقة مترابطة ومتداخلة في ملفاتها وأزماتها، وللقوى الفاعلة فيها على المستوى الإقليمي، أو الدولي، مصالح متشابكة ومتعارضة، وبالتالي من مصلحتها ربط النزاع في بعض الملفات، حتى تتحوّل الساحات إلى مناطق ضغط بيد تلك القوى الفاعلة، وبالتالي تجد أن من مصلحتها أن تقدّم ملفا أو تؤخّر آخر.
بهذا المعنى، ندرك أن لبنان اليوم محكوم بنظرة القوى الإقليمية الفاعلة ومصلحتها، ومن هذه القوى بالدرجة الأولى السعودية، وبدرجة أخرى إيران. وقد يكون من مصلحة السعودية أن تؤخّر تشكيل الحكومة في لبنان، حتى لا يقع البلد مرّة واحدة تحت "الهيمنة" الإيرانية، بعد فوز حلفاء إيران في لبنان بالانتخابات النيابية، وهو ما فاخر به ذات يوم قائد فيلق القدس الإيراني، اللواء قاسم سليماني. بل من مصلحتها أن تؤخّر ذلك بانتظار ما ستنجلي عنه الأمور في العراق وسورية واليمن، وحتى في إيران نفسها، في ضوء العقوبات الأميركية من ناحية، والانتفاضة الشعبية في الداخل الإيراني من ناحية ثانية.
وقد يكون من مصلحة إيران، أو بعض حلفائها، كالنظام السوري، أن يؤخّر تشكيل الحكومة، لأنه مع كل يوم تأخير تزداد فرص ضغطه وتأثيره على القرار اللبناني، ولذلك لا يبدو مستعجلاً على ذلك، بانتظار تمكّنه أكثر فأكثر من السيطرة والهيمنة على القرار السوري، في ضوء تصفية المعارضة المسلحة عبر ما تعرف بالمصالحات.
أمام هذا المشهد، يبدو أن المعوّقات الخارجية تفعل فعلها الحقيقي في تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية، وإن كانت على هيئة عقبات داخلية، وبغض النظر عن اتفاقها أو اختلافها.