أهالي العسكريين، قطعوا طوال ساعات قبل ظهر اليوم الجمعة، مدخل بيروت الشمالي في منطقة الصيفي، في محاولة للضغط على الحكومة اللبنانية. نظام مغيط، شقيق العسكري المخطوف إبراهيم مغيط، يقول لـ"العربي الجديد": "يرفض الأهالي وجود صيف وشتاء تحت سقف واحد، حزب الله أطلق أسيره وأعاده إلى أهله، أما نحن فتعبنا من الانتظار".
يشير نظام بيده إلى والدة أحد العسكريين المخطوفين، ليدلّ على حالة القلق التي تسيطر على كل الأهالي، وما هي إلا دقائق قليلة حتى نقلت السيدة إلى المستشفى، بعد قيام القوى الأمنية بفتح الطريق بالقوة، واعتدائها على الأهالي والصحافيين الذين حضروا لتغيطة التحرك، إذ عمد العناصر إلى إبعاد الصحافيين وضرب بعضهم، قبل أن ينتقلوا لفض اعتصام الأهالي. وقد استخدمت القوى الأمنية أعقاب البنادق والهراوات للضرب، كما أوعز أحد الضباط لسيارات الدفاع المدني باستخدام خراطيم المياه لإبعاد الأهالي. وفي حين طلب ضابط آخر من الأهالي "الذهاب إلى بلدة عرسال حيث يحتجز تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" أولادهم، وقطع الطريق فيها، انزوى عدد من عناصر القوى الأمنية، وبكوا على مشهد قمع أهالي العسكريين.
إلى ذلك هدّدت "جبهة النصرة" في بيانٍ لها، بإعدام أحد العسكريين مساء الجمعة، محمّلة "حزب الله والحكومة مسؤولية التأخير في بدء عملية التبادل بين العسكريين والموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية"، وقد طالبت "النصرة" "إطلاق سراح جمانة حميد كدليل حسن نية من الحكومة". وسبق أن أوقف الجيش حميد، أثناء قيادتها سيارة مفخخة قرب عرسال في فبراير/شباط الماضي، قبل أن يدعي عليها القضاء اللبناني بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي.
الحكومة: المفاوضات مستمرة وقطع الطرقات ممنوع
وفي وقت لم تعلن الحكومة عن موقفها من إطلاق حميد، حمّل الوزراء اللبنانيون الخاطفين مسؤولية عرقلة المفاوضات، إذ رأى وزير العمل سجعان قزي (أحد ممثلي حزب الكتائب في الحكومة) في حديث لـ"العربي الجديد" أن الخاطفين "يبتزون الدولة اللبنانية من خلال اللعب على وتر علاقة الأهالي بالحكومة وبحزب الله، ما يعني أنّهم غير جديين في موضوع المفاوضات من خلال المقايضة أو غيرها".
وحمل قزي على الأهالي قطع الطرقات، فاعتبر أنّ "تصعيدهم بات يمنع الدولة من إحراز تقدم في المفاوضات، ولينظروا إلى أهالي أسير حزب الله الذين نجحوا في إطلاق ابنهم"، وطلب قزي من الأهالي "الثقة بالحكومة أكثر من ثقتهم بداعش والنصرة"، مؤكداً "استمرار المفاوضات الصعبة عبر خلية الأزمة الحكومية، التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، ومدير عام جهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والوسيط القطري".
وفي مؤشّر على وجود خلافٍ داخل الحكومة بشأن كيفية التعاطي مع ملف العسكريين، استنكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، "فقدان الدولة لأعصابها بدل التفاوض الجدي مع الخاطفين". وقارن جنبلاط عبر موقع "تويتر" بين "تصرّف الحكومة مع العائلات المفجوعة، ومع من يقطع الطرقات بالمواكب الأمنية".
تمضي المفاوضات إذاً، على وقع التهديدات بإعدام العسكريين واحداً تلو الآخر ليجد الأهالي أنفسهم معلقين بين نارين: نار القرار الحكومي بمنع قطع الطرقات، ونار المهل المتلاحقة التي يطلقها الخاطفون لذبح أبنائهم أو إعدامهم بالرصاص.