منذ أيام، استعمل رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مصطلح "الإسلام الفاشي" لوصف العمليات الإرهابية في باريس وكوبنهاغن. وأثار ربط الإسلام بالفاشية التعليقات، لأن فالس الاشتراكي سطا على مصطلح كان اليمين يحتكره إلى وقت قريب. وقد سبق وأن استخدم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش المصطلح (2006) ليضفي مصداقية أكبر على حربه ضد الإرهاب. وسار على الدرب نفسه صحافيون وأشباه "الخبراء" في الإسلام، كالبريطاني كريستوفر هيتشنز والإيطالي كارلو بانيلا والفرنسي برنار هنري ليفي.
ينطوي مصطلح "الإسلام الفاشي" على مغالطة وابتزاز يقومان على التعميم والتبسيط والإسقاط، ويمرّر فكرة خبيثة أن من أراد فهم الإسلام ما عليه إلا أن يتسلّح بالمفاهيم التي تأسست عليها الفاشية والنازية من القائد الأوحد واضطهاد اليهود والتنكيل بالمعارضين وقمع الحريات وتهميش المرأة.
فلا داعي مثلاً لتحمّل مشقة تعلّم العربية أو دراسة تاريخ وسوسيولوجيا الشعوب الإسلامية أو الحفر في الذاكرة الاستعمارية. يكفي أن يجيد المرء لعبة الإسقاط؛ كأن يقابل موسوليني وهتلر وفرانكو وبن لادن والظواهري والزرقاوي والبغدادي. أما القرآن فلا يختلف مضمونه عن كتاب هتلر "كفاحي"، كما ذهب السياسي اليميني الهولندي خيرت فيلدرز في هذياناته.
والأخطر في استعمال مصطلح "الإسلام الفاشي" هو الابتزاز. فإذا كان الإسلام لا يختلف عن الفاشية بل هو وريث شرعي وامتداد فكري لها، فالمطلوب من المسلمين هو التكفير عن المحرقة والكف عن "اضطهاد" اليهود في كل مكان، حتى في المستوطنات!
من هنا يمكن أن نفهم دعوات بنيامين نتنياهو اليهود الفرنسيين إلى الهجرة إلى إسرائيل. وهناك من يستثمر اتصالات الحاج أمين الحسيني بهتلر من دون مراعاة السياق التاريخي ومكافحة الاستعمار البريطاني. ولكن ألم يبرر ونستون تشرشل تحالفه مع ستالين بالقول إنه مستعد للتحالف مع الشيطان من أجل الدفاع عن وطنه؟
ولا يعدم هؤلاء أصواتاً سطحية تساند "نظريتهم" أو تصب فيها. فنجد الجزائري بوعلام صلصال يشن هجوماً على جبهة التحرير ويتهمها بالنازية، كما في روايته "قرية الألماني"، لوجود محارب في صفوفها كان نازياً قبل أن يلتحق بالثوار الجزائريين!
إن التصدّي لمصطلح "الإسلام الفاشي" ضرورة ملحة لأنه لا يخاطب العقول وإنما يستثمر في الذاكرة والمخيال المثقلين بالخوف والقتل وفيديوهات داعش.
* روائي وأنثروبولوجي جزائري مقيم في نيويورك
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
