لا إجازة رسميّة طارئة في الأردن

04 اغسطس 2015
يترافق الحرّ مع عواصف رملية (Getty)
+ الخط -
الطقس الحار الذي يشهده الأردن، دفع المواطنين إلى رفع الصوت عالياً للمطالبة بإعلان إجازة رسمية طارئة، خصوصاً انّهم لم يعتادوا مثل هذه الظروف الجوية النادرة.

ومع ذلك، لم تستجب الحكومة لمطالبهم، ما أشعل غضب الكثيرين على مواقع التواصل الاجتماعي. واتهم البعض الحكومة بعدم الاكتراث بسلامة المواطنين. كما أطلق كثيرون العنان لسخريتهم اللاذعة ونكاتهم النابعة من معاناتهم الشخصية، في ظل عدم توفر وسائل تكييف باهظة الثمن لديهم.

من جهته، يقول سيف الدين صبح (36 عاماً)، الذي يعمل موزعاً للبضائع في سيارة إنّ أفضل أوقات العمل لديه هي التي يقضيها في السيارة حيث يشغّل التكييف. ويضيف أنّه لولا التكييف لما تمكن من العمل وتحمل الطقس الحار. ومع ذلك، يتطلب عمله مغادرة السيارة في كثير من الأحيان لتوزيع البضائع على المحال التجارية فيتأثر بالموجة الحارة. وبذلك، فهو ينتظر كلّ يوم انتهاء الدوام كي يذهب إلى المنزل للاستحمام ولا يخرج بعدها أبداً.

أما العشريني أحمد العدوان، فاضطر أمس إلى مغادرة المنزل بسبب معاملة رسمية. يقول: "لولا الضرورة لما خرجت في هذا الجو.. وحتى سائق الأجرة حاول استغلالي وطلب زيادة للتسعيرة كأجرة إضافية للتكييف. لم أستقل سيارته، وها أنا أنتظر منذ فترة طويلة أي تاكسي ولا يوجد. كما اشتريت أكثر من زجاجة مياه لترتفع حرارتها سريعاً قبل أن أشربها".

وبالفعل، تبدو شوارع المملكة المعروفة بالازدحام الدائم شبة خالية. فيما مُنحت المؤسسات، خصوصاً تلك التي يعمل موظفوها عملاً ميدانياً، صلاحيات للتعامل مع الموجة الحارة. فأوقف معظمها عمل هؤلاء خلال ساعات الذروة حرصاً على سلامتهم. فيما أجبرت العواصف الرملية الخطوط الجوية الملكية على تحويل مسار هبوط الطائرات التي كان مقرراً هبوطها في مطار الملكة علياء جنوب عمّان، لتهبط في مدينة العقبة أقصى جنوب الأردن.

وللتخفيف من وطأة الحر، أقدمت البلديات وأمانة عمّان، على رش المياه في الأسواق العامة والمناطق الأكثر تأثراً بالموجة الحارة. كما وزعت دوريات الأمن العام والسير المياه الباردة على سائقي السيارات في الطرقات الداخلية والخارجية.

ولم تسجّل موجة الحر والعواصف الرملية وقوع ضحايا أو حوادث في الأردن. لكنها سجلت ارتفاعاً في مستوى التذمّر العام من الأوضاع الاقتصادية التي تحرم الغالبية من امتلاك أجهزة تكييف حديثة وانعكاسها الجنوني على فاتورة الكهرباء.

هي ليست المرة الأولى التي تتجاوز فيها درجات الحرارة في الأردن حاجز 40 درجة مئوية. فقد سجلت هذه الدرجات قبل عشرة أعوام. كما أنّها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المملكة تساقطاً للأمطار في شهر أغسطس/ آب، فقد حدث هذا أيضاً قبل 22 عاماً. ومع ذلك، فإنّها المرة الأولى التي يجتمع فيها الأمران معاً ليشكلا حالة جوية نادرة لم يسبق للأردنيين عيشها، بحسب الخبراء.

وعن ذلك، يقول الخبير والمحاضر في الأرصاد الجوية جمال الموسى: "تتمثل الحالة الجوية النادرة التي بدأت تتأثر فيها المملكة قبل ثلاثة أيام ومن المتوقع أن تستمر حتى الغد، بأنّ الحرارة تراوحت بين 42 و45 درجة مئوية، وصاحبها عدم استقرار جوي. وهو ما أثار الغبار والعواصف الرملية وتسبب بتساقط الأمطار في أماكن متفرقة من البلاد".

ويصف الموسى ما تتعرض له المملكة بأنه "حالة نادرة جداً"، لكنه لا يعتبرها تغيراً مناخياً بل ذبذبات جوية تحمل مؤشرات على أن شيئاً يحدث أو سيحدث في مناخ المنطقة. ويؤكد أنّ "حدوث التغير المناخي يتطلب فترات زمنية طويلة جداً".

كما يشير الموسى إلى أنّ المعيار الدولي المعتمد لإعلان العطلة نتيجة للموجة الحارة يتمثل بتجاوز درجة الحرارة 50 درجة مئوية. ومع ذلك، فهو معيار قاصر برأيه، خصوصاً في ظل عدم وجود تعريف متفق عليه للموجة الحارة. فالأرصاد الجوية الدولية تعرّفها بأنّها "ارتفاع درجات الحرارة عن معدلها الطبيعي 5 درجات مئوية لخمسة أيام متتالية"، لكن الأرصاد الأردنية تعرفها بأنها "ارتفاع درجة الحرارة من 3 إلى 5 درجات مئوية عن معدلها لمدة تتراوح بين 3 و5 أيام متتالية". فيما تعرّفها كل دولة بحسب طبيعة مناخها ودرجة تحمل المواطنين.

وبالرغم من أنّ الكثير من الأردنيين يأملون في أن تكون الموجة الحارة الحالية هي الأخيرة، فإنّ الموسى يتوقع العكس. ويقول: "كلّ المؤشرات تؤكد أنّ الموجة الحارة التي يمرّ بها الأردن ستتكرر في المستقبل".

إقرأ أيضاً: هدى تولد في قلب العاصفة
دلالات