أتت موجة الحر الشديد التي طاولت المدن السورية في اليومَين الأخيرَين لتزيد الطين بلّة. والحرّ ليس وحده ما يعكّر يوميات السوريين الذين يعانون منه بالتزامن مع انقطاع الكهرباء عن معظم المدن، وهو ما يحرمهم من الاستفادة من جميع وسائل التبريد الممكنة كالمراوح والمكيفات والثلاجات. أما آخرون فيحرَمون من الاستحمام بسبب انقطاع المياه.
يشير أحمد العيسى وهو طبيب في ريف حمص إلى أن "درجات الحرارة تتخطى تلك المعلن عنها"، مضيفاً أن "ثمة عشرات الإصابات بضربات شمس. ويستقبل المستشفى حيث أعمل، حالات إغماء مع ارتفاع في حرارة الجسم وتعرق شديد. وقد نشرنا تعليمات تحذّر من التعرض إلى الشمس قدر الإمكان وشرب المياه بكميات أكبر وتجنب الخروج في ساعات الذروة خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال".
بالتزامن مع موجة الحرّ الشديدة، تأثر الجنوب السوري بعاصفة رملية مصدرها الأردن، طاولت درعا والسويداء. يخبر محمد أن "ما شهدته السويداء الأحد والإثنين من انتشار للأتربة والغبار في الجو ليس مسبوقاً. جدّي يبلغ من العمر 87 عاماً، يقول إنه لم يعش حالاً جوياً كهذا. وتتسبب الأتربة بصعوبة في التنفس، ما يدفع الأهالي إلى استعمال الأقنعة الواقية في خارج المنزل وحتى في داخلها".
وفي حين تصف سلمى ما تتعرض له قائلة "كأنني فرّوج (دجاج) مشوي يتقلب في لهيب النار"، يرى أبو عدنان وهو سائق في دمشق إيجابية في موجة الحر، إذ تترافق مع تسهيلات عند الحواجز الأمنية. يقول ضاحكاً: "كنا نتوقّف 10 دقائق وصارت دقيقتين".
من جهته، يخبر عبد الهادي وهو بائع في أحد أسواق دمشق الشعبية أنه أمضى اليومين الماضيين في المنزل. "لم أقصد العمل بسبب الحر الذي لا يطاق، ولم أعد أخرج إلا مساءً. ضربة شمس لرجل في مثل سني من شأنها أن تتعبني كثيراً، كذلك فإن إقبال الناس على السوق ضعيف جداً". أما طه من حلب، فيقول إن "الحرّ الشديد يتسبب لي بحالة من العصبية الدائمة. أشعر بأنني منهك وعاجز عن القيام بأي شيء. في بيتنا 200 ليتر من الماء مخصصة لأسبوع كامل، بالتالي لا نستطيع الاستحمام ولا نملك حتى المراوح. المشهد داخل بيتنا كوميدي، نقضي نصف نهارنا مستلقين على البلاط".
إلى ذلك، فإن انتشار الأتربة والغبار في بعض المدن تسبّب في حالات اختناق في كل من السويداء ودرعا، خصوصاً لدى الصغار وكبار السن. ويؤكد عباس وهو ممرض في السويداء "وجود حالات ضيق تنفس واختناقات، أخطرها تلك التي تصيب مرضى الربو. وبالفعل تعرّض بعضهم إلى نوبات حادة تطلبت مدّهم بالأكسجين".
أما في حلب، فيشير غياث وهو طبيب أطفال إلى "ارتفاع كبير في حالات التسمم والإسهال التي تصيب الأطفال تزامناً مع ارتفاع الحرارة وعدم وصول المياه النظيفة وعدم توفّر الثلاجات اللازمة لحفظ الأطعمة والمشروبات. وفي المستشفى حيث أعمل، نستقبل يومياً ما بين 30 و50 حالة يومية، وهو عدد كبير". يضيف أن قسم الطوارئ استقبل حالات إغماء وتقيؤ متواصل وانخفاض في ضغط الدم وتجفاف أصابت كبار السن، ومعظمهم من النازحين.
بدوره، أعلن الهلال الأحمر السوري عن استقبال عياداته حالات كثيرة تعرّضت لضربات شمس، فأصدر تعميماً ينصح فيه السوريين بتجنب التعرض للشمس واعتمار القبعات التي تقي من أشعتها في أوقات الذروة. كذلك أكد على ضرورة شرب المياه وتفادي المنبّهات، وملازمة كبار السن غرف المنزل الأكثر برودة مع إغلاق الستائر.
من جهة أخرى، يشير المهندس الراعي أحمد صفوان إلى "نشوب عشرات الحرائق في اليومين الماضيين في ريف اللاذقية وحماه وحمص بسبب ارتفاع درجات الحرارة وبعض القذائف".
وكانت المديرية العامة للأرصاد الجوية السورية قد أعلنت صباح أمس الإثنين، أن ارتفاعاً طرأ على درجات الحرارة لتصبح أعلى من معدلاتها بنحو 4 إلى 6 درجات مئوية، وذلك نتيجة امتداد المنخفض الموسمي الهندي السطحي المترافق بامتداد مرتفع جوي شبه مداري في طبقات الجو العليا. وتوقعت أن يكون الجو حاراً بين صافٍ وغائم جزئياً بشكل عام، وذلك مع احتمال هطول زخات مطر مع رعود على المناطق الجنوبية والقلمون، ومع ضباب على المناطق الشرقية والجزيرة والبادية. وتكون الرياح غربية إلى شمالية غربية خفيفة إلى معتدلة السرعة والبحر منخفض ارتفاع الموج.
كذلك توقعت المديرية استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصبح أعلى من معدلاتها بنحو 5 إلى 7 درجات مئوية، فيكون الجو حاراً مع احتمال هطول زخات مطر مع رعود في المناطق الجنوبية والقلمون، ومع ضباب على المناطق الشرقية والجزيرة والبادية.
اقرأ أيضاً: العراقيّون يحترقون