لا أفق في عشرية "وهران السينمائي"

31 يوليو 2017
+ الخط -


التكرار. تلك ميزةٌ تشترك فيها جميع المهرجانات الثقافية والفنّية في الجزائر؛ سواءً كانت أدبية أو موسيقية أو مسرحية أو سينمائية؛ إذ يكفي أن يحلّ ضيف ما على تظاهرة ما، حتّى يتكرّر في كلّ دوراته.

ولا يبدو أن هذه الحالة تتسبّب بأدنى شعور بالحرج لدى القائمين على تلك التظاهرات، رغم ما تتركه من انطباعٍ بأنهم يعتقدون أن ضيفهم "المتكرّر" هو الوحيد في مجاله، أو أنهم يفعلون ذلك عمدًا، مفضّلين منطق العلاقات والحسابات الشخصية على الانفتاح على ضيوف جدد.

هكذا، بإمكاننا أن نعدّد أسماء جزائرية وعربية وأجنبية تُعرَف كضيوف قارّين في "معرض الجزائر الدولي للكتاب" و"المهرجان الوطني للمسرح المحترف"، و"مهرجان جميلة العربي"، و"مهرجان تيمقاد الدولي"، وغيرها من التظاهرات الثقافية.

"مهرجان وهران للفيلم العربي"، الذي انطلقت فعاليات دورته العاشرة في الخامس والعشرين من تمّوز/ يوليو الجاري وتختتم اليوم، لم يشذّ عن هذه القاعدة؛ إذ تعود إليه وجوه حضرت في دورات سابقة، رغم أنها لم تشارك في أيّة أعمال سينمائية جديدة؛ مثل السوريَّين أسعد فضّة وجمانة مراد، واللبنانيّتَين مادلين طبر ونيكول سابا.

شارك أسعد فضّة في دورة عام 2013، التي جرى تكريمه فيها، بينما حضرت جمانة مراد في دورتَين سابقتَين، وتشارك في الدورة الحالية كعضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. صحيحٌ أن الممثّلة السورية استطاعت لفت الأنظار ببعض الأدوار في السينما المصرية، لكن المؤكّد أن تجربتها لا تزال قصيرة ومتواضعةً، بالمقارنة مع مهمّة عضوية لجنة تحكيم مهرجان سينمائي يحاول أن يكون كبيرًا.

وفي حين تعود مادلين طبر إلى المهرجان كعضو في لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة، ستكتفي نيكول سابا بالحضور "الشرفي"؛ هي التي صرّحت لوسائل إعلام محلّية بأنها كانت ستشارك كعضوٍ في لجنة التحكيم، لولا أن ارتباطها بالتصوير في عملٍ درامي جديد حال دون ذلك.

في حقيبة سابا، التي تُعرَف كمغنّية أكثر منها كممثّلة، بضعة أدوار سطحية في السينما التجارية المصرية، أبرزها "التجربة الدنماركية" مع عادل إمام. لكن القائمين على "وهران للفيلم العربي"يرون ذلك كافيًا لإسناد عضوية لجنة تحكيم إحدى مسابقاته إليها، بما أنها كانت إحدى ضيوف الدورة الماضية.

في تلك الدورة، أثار وجود الفنّانة اللبنانية جدلًا وسخريةً على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تفرُّغ وزير الثقافة الجزائري لالتقاط صور "سيلفي" معها. في وهران، تحوّل عز الدين ميهوبي من وزيرٍ إلى معجَب. وهكذا، كان متوقَّعًا أن تعود الضيفة إلى المهرجان مجدّدًا.

الممثّلة السورية رغدة، هي إحدى ضيوف الدورة الحالية. وبالنظر إلى مواقفها المعروفة من الأزمة في بلادها، ما كان لمشاركتها وتكريمها من قبل وزير الثقافة أن تمرّ بهدوء. على مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت ردود الفعل بين مرحّب ومعارض، بين من يرى فيها "وطنيةً" دافعت عن بلادها ضدّ "المؤامرات الكونية"، ومن يرى فيها "شبّيحة" ويعتبر استضافتها وتكريمها "وصمة عار" في جبين المهرجان.

يشارك في المسابقات الرسمية 31 فيلمًا من 12 بلدًا عربيًّا، إلى جانب أفلام تُعرَض خارج المنافسة. ولعلّ أبرز مستجدّات المهرجان هو استحداث مسابقة خاصّة بالأفلام الوثائقية التي ينجزها شباب بالموبايل.

أمّا التكريمات، فطغت عليها الأسماء الراحلة؛ إذ كُرّم كلّ من الممثّل الجزائري حسن الحسني المعروف باسم "بوبقرة"، والممثّلة المصرية كريمة مختار، والكاتب الجزائري مولود معمري، والناقد الفلسطيني بشار إبراهيم.

كما كُرّمت الممثّلة الجزائرية نادية طالبي، والسورية رغدة، والممثّل الجزائري حسان بن زيراري، مع أنه أحد المنظّمين.

ومع أن المهرجان يحتفل بمرور عشر سنوات على انطلاقه، فإن أجواء الدورة العاشرة لم تعكس هذه المناسبة؛ وهو ما كان واضحًا في حفل الافتتاح الذي طغى عليه الارتجال فأضحى سمةً تتكرّر في دوراته الأخيرة.

هكذا، فإن "وهران للفيلم العربي"، الذي بدأ في 2007 بطموح كبير، انتهى إلى مهرجان ارتجالي يواجه العثرة تلو العثرة، وآخرها تقليص ميزانية دورته الحالية إلى نصف ميزانية دورته السابقة.

خلال الافتتاح، اعتبر وزير الثقافة بأن الدورة العاشرة، التي تتزامن مع مرور مائة عام على إنتاج أوّل فيلم عربي، أصبح "ملتقىً لصنّاع السينما العربية". لكن الملتقى يبدأ وينتهي كلّ عام من دون أن يضيف شيئًا إلى السينما الجزائرية أو العربية. تُفتَح قاعات مدينة وهران لعرض الأفلام خلال سبعة أيام ثم تُغلَق طيلة أيّام العام. يلتقي صنّاع السينما ويفترقون من دون أن يستحدثوا أسواقًا جديدة، أو يبلوروا أفكارًا جديدة، أو يتّفقوا على تجسيد شراكات سينمائية.

يكفي أن نعلم أن فيلمًا وحيدًا فقط وُلدت فكرته خلال المهرجان، حين التقى المخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار والمنتجة الجزائرية نادية شرابي. "شارع النخيل الجريح" (2010) كان "بيضة ديك" المهرجان التي لم تتكرّر بعد.

المساهمون