1
هل كان ثمة طريق،
حيث سرنا من المقهى
إلى البيت؟
لا أتذكر أني رأيت السناجب
التي تقضم ثمار البلوط
بأياديها الصغيرة وهي تراقب المارة،
ولا أني، كعادتي، ارتعبت من الشاحنات
التي تشبه عمالقة بملامح صلبة،
إشارات المرور لم تكن،
وخطوط المشاة أيضاً،
ولا أجراس القطار،
أو لوحات الإعلانات الضخمة،
وعربات الهوت دوغ.
الآن،
الآن فقط،
حين بدا جسدكِ،
لغةً أخرى،
انتبهتُ،
كم يُخفي الكلامْ.
2
الأشجارُ هادئةٌ،
تتملى نفسها في النهر.
أصوات بشر بعيدين،
تتناهى قربنا.
حتى أنتِ،
صار الكلام،
حيواناً صغيراً،
يولد للتوّ،
حارّاً،
وعارياً،
بين يديك.
3
كل شيء يحكي،
الوشوم،
الأبنية العالية،
الساكسفون على الرصيف،
الشجيرات المقصوصة أشكالاً،
الطائرات،
لافتات التحذير والاتجاهات والإرشادات،
المجيب الآلي
للمطاعم،
والمكاتب،
والباصات،
ولكن،
حين ترجع آخر الليل،
وتغلق الباب،
لا شيء يتغير،
صمت مطبق،
صمت هائل.
4
ابن الجيران ذو التسعة أعوام، توقف فجأة عن الركض، تسمّر مكانه، وشبك يديه ووضعهما على قلبه، وبدأ يحرّكهما للخارج والداخل، وهو يدمدم: دوم دوم دوم دوم. سألته ماهذا؟ قال: أنا شجرة.
5
ينام اندرو، طباخ البار البدين، جالساً، خلال الأحاديث المملة التي لايحبها، يضع رأسه على صدره وينام، ويصحو فجأة إذا انتقل الحديث، من السياسة إلى الفتيات، وصار مسلياً، فيضحك حتى السعال، ثم يظل يسعل حتى يصمت، وحين يهدأ، يبتسم ابتسامة خفيفة، كطفل خائف من شيء، قبل أن ينام مجدداً، آذناً لنا بالعودة إلى ما كنا فيه.
* شاعر سوري مقيم في نيويورك