قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، اليوم الخميس، إن هناك أزمة كبيرة تواجه سوق الصرف الأجنبي في مصر.
وأضافت أن وصول الفارق بين السعر الرسمي لصرف الجنيه المصري وبين سعره في السوق الموازية إلى 100%، يعبر عن أزمة حقيقية، وأن اتجاه السلطات المصرية لمعالجة تلك الأزمة أمر صائب.
وأكدت مديرة الصندوق، في حوار مع تلفزيون وكالة بلومبرغ الأميركية اليوم، على ترحيب الصندوق بأن السلطات المصرية قررت أن تعالج المشكلات الصعبة التي تواجه الاقتصاد.
وتزور لاغارد العاصمة السعودية الرياض حاليا، للمشاركة في الاجتماع المشترك لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول الخليج، والذي يشارك فيه أيضا وزير الخزانة الأميركي، جاك ليو.
وقالت لاغارد إن التحرك المصري لعلاج المشكلات هو بالأساس "من جانب السلطات المصرية من أجل الشعب المصري والاقتصاد المصري.. وإذا قرروا أن يتحركوا فإننا بالتأكيد ندعم تحركهم هذا، وسنضع أموالا على الطاولة لمساعدتهم خلال الطريق.. لكن القرار قرارهم".
وحسب عاملين في البنوك المصرية، "يستقر سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية في البنوك عند 8.88 جنيهات للدولار منذ مارس/آذار الماضي، رغم الحديث الحكومي المتكرر عن الاتجاه لتحريك السعر، بينما واصل قفزاته في السوق السوداء ليتراوح بين 16.25 و16.50 جنيها للدولار، حسب أصحاب شركات صرافة لـ"العربي الجديد".
وأرجع خبراء اقتصاد تهاوي الجنيه المصري إلى تراجع مصادر النقد الأجنبي وهي: الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج والسياحة وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية.
وألمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة، خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى إجراءات "قاسية" من أجل إصلاح الاقتصاد الواهن. ووعد السيسي بأن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد".
وقال رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، في مقابلة تلفزيونية، الاثنين الماضي، إن مصر تأمل في تلقي الموافقة النهائية على برنامج إقراض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في غضون شهرين.
ويترقب الجميع في مصر تخفيضاً كبيراً في سعر قيمة الجنيه، أو تعويما كاملا للعملة، في إطار إصلاحات ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
ويحتاج الاتفاق النهائي للقرض إلى موافقة نهائية من مسؤولي إدارة الصندوق، كما يتعين على مصر ترتيب تمويل ثنائي يصل إلى ستة مليارات دولار لكي يوافق مجلس الصندوق على البرنامج ويفرج عن الشريحة الأولى من القرض البالغة نحو 2.5 مليار دولار.
وكانت مصر قد نالت، في شهر أغسطس/آب الماضي، الموافقة المبدئية على الاتفاق البالغة مدته ثلاث سنوات، ويهدف إلى سد عجز الميزانية وتحقيق التوازن في أسواق الصرف، لكن المجلس التنفيذي للصندوق لم يقره بعد.
وحسب تصريحات سابقة لمديرة صندوق النقد، يتطلب الحصول على قرض الصندوق البدء في إصلاح دعم المواد البترولية، بجانب مرونة لسعر العملة المحلية مقابل الدولار.
وأشار محاور بلومبرغ إلى التصريحات السابقة لمديرة الصندوق بضرورة أن تتحرك مصر لحل أزمة سعر الصرف في إطار سعيها للحصول على موافقة على برنامج الدعم المالي الذي تطلبه من الصندوق، متسائلا حول ضرورة وجود احتياطي كاف من النقد الأجنبي لدى مصر قبل أن تُقدم على خطوة تخفيض قيمة عملتها.
وردا على سؤال حول الأسلوب الأكثر كفاءة في علاج مشكلة سعر الصرف، وما إذا كانت بالصدمة من خلال التعويم الحر أم بتخفيض تدريجي للعملة، قالت لاغارد لبلومبرغ "الطريقة الصحيحة والسرعة المناسبة والجدول الزمني يتحدد كلياً بناء على الظروف".
وأضافت مديرة الصندوق "عندما يكون لديك احتياطي منخفض جدا، والفارق بين السعر الرسمي وغير الرسمي واسعا جدا، فقد رأينا تاريخيا أن التحولات السريعة أكثر كفاءة.. لكن الأمر فعلا يتعلق بالظروف.. في حالات أخرى كان تدريجيا.. الظروف المحلية هي التي تحدد".
وأكدت لاغارد أنه حتى لو كانت هناك طريقة محددة تم الاتفاق عليها بين السلطات المصرية والصندوق، فإن هذا لن يعلن، وقالت "لو الطريقة تحددت لن يتحدث عنها أحد، لأن تلك القرارات تتخذ بسرعة، وأحد أوجهها هو الحفاظ على سريتها ثم التحرك للأمام".
وقالت مديرة الصندوق، في نهاية حديثها عن مصر، إن السلطات المصرية "قريبة جدا" من تحقيق هدف تأمين مبلغ يصل إلى 6 مليارات دولار عبر مصادر التمويل الثنائي، وهو أحد متطلبات إتمام اتفاقية قرض الصندوق.
وأضافت "أتمنى أن يتمكنوا من الحصول على موافقة مجلس الصندوق خلال الأسابيع المقبلة".