الاقتصاد الأبيض في لبنان يدفع ثمن الحرب... إغلاقات للشركات الصغيرة

06 نوفمبر 2024
العدوان الإسرائيلي أضر بمختلف الأنشطة الاقتصادية في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة في لبنان، التي تشكل 90% من السوق المحلي، تحديات كبيرة بسبب الأزمات والحروب، مما يؤثر على قدرتها في تلبية حاجات الموظفين واستمرار الأعمال.

- العديد من الشركات تضطر إلى مغادرة البلاد أو الإغلاق، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وقد طالب الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين بدعم دولي للشركات الصغيرة والمتوسطة.

- عقد مجلس إدارة الاتحاد اجتماعًا طارئًا لمناقشة سبل الدعم، مطالبين بتسهيلات ضريبية وجمركية ودعم قطاع الاتصالات، مؤكدين على أهمية بناء مؤسسات قوية واحترام سيادة القانون.

أكد رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين، فؤاد زمكحل، في حديث خاص لـ "العربي الجديد"، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي التي تدفع ثمن الأزمات والحروب، حيث تمثل 90% من السوق المحلي اللبناني.

وأشار إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات كبيرة بسبب مشكلات السيولة التي تؤثر على استمراريتها، فعلى الرغم من انفتاح بعضها على الأسواق الخارجية، تبقى معظم أعمالها مرتبطة في السوق المحلي.

وأضاف زمكحل أن "ركائز هذه الشركات ضعيفة وغير ثابتة، مما يجعلها تتأثر بشدة بأي ضربة اقتصادية أو أمنية أو نقدية. ومع ذلك، فهي تمثل المحرك الأساسي لأي اقتصاد، خاصة اقتصاد لبنان، وتسهم في النمو السريع والإنماء عند انتهاء الأزمة، إلا أنها تواجه صعوبات كبيرة خلال الأزمة، خصوصًا في تلبية حاجات الموظفين واستمرار الأعمال".

المغادرة أو الإغلاق بسبب الحرب

وأوضح رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين أن العديد من الشركات تضطر إما إلى مغادرة البلاد أو إغلاق أبوابها، ولذا طلب مجلس الإدارة من الجهات الدولية ألا تقتصر المساعدات على الجانب الإنساني والاجتماعي، بل تشمل أيضًا صندوق دعم لهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل ما يُعرف بـ "الاقتصاد الأبيض"، وتقف ضد الاقتصاد الأسود غير الشرعي، وتساعد في إعادة الإعمار والتنمية.
وأشار زمكحل إلى أنه من الصعب تقدير عدد الشركات التي أغلقت أبوابها خلال الشهر الأول من الأزمة، حيث ركزت معظم الجهود في الأسابيع الأولى على تأمين الحماية والإيواء. وذكر أن الوضع لا يمكن مقارنته بحرب عام 2006، مؤكداً أن بعض القطاعات تضررت أكثر من غيرها، مثل القطاع السياحي الذي اضطر معظم مستثمريه إلى إغلاق أبواب مشروعاتهم وتسريح بعض الموظفين أو خفض رواتبهم، بينما تمكنت قطاعات أخرى من توفير رواتب موظفيها، ومن المتوقع أن تتضح آثار الأزمة في الأشهر القادمة، خاصة الشهرين الثاني والثالث بعد بدايتها.

وبيّن أن الفرق بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة يكمن في أن الشركات الكبيرة كانت قد أعدت احتياطيات تكفي لحوالي 4 أشهر لتغطية رواتب الموظفين، بينما تملك الشركات الصغيرة والمتوسطة سيولة تكفي لشهرين حدًّا أقصى، مشيرًا إلى أن الاقتصاد اللبناني، خصوصًا القطاع الخاص، فقد جزءًا كبيرًا من مقوماته لمواجهة الأزمات وإعادة الإعمار، إذ إن عملية إعادة البناء تحتاج إلى ركائز متينة.
وفي ما يتعلق بالمستقبل، أشار زمكحل إلى أن "الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على السوق المحلي تجد صعوبة كبيرة في مواجهة الأزمات. أما الشركات المتوسطة والكبيرة التي نقلت مواقعها إلى خارج لبنان منذ الأزمة المالية والنقدية التي بدأت قبل خمس سنوات، فإنها تعتمد الآن على مداخيل خارجية، مما يساعدها في حماية بعض الموظفين".
وأكد زمكحل ضرورة التحلي بالواقعية، إذ إن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى إغلاق الشركات أو تخفيض الرواتب وتسريح العمال، ما سيفاقم الأزمة الاجتماعية. وأضاف أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرارات واضحة لحماية المجتمع، مما يضع القطاع الخاص المُنهك في مواجهة قطاع عام متداعٍ. وحذّر من أن الحرب والتدهور الاجتماعي سيتركان آثارًا سلبية تمتد لسنوات قادمة، مشيرًا إلى انخفاض الناتج المحلي من 55 مليار دولار عام 2018 إلى 18 مليار دولار في نهاية عام 2023، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر بنسبة تراوح بين 30 و40% إذا استمرت الحرب، ليصل الناتج المحلي إلى 12 مليار دولار، مما يضع لبنان أمام اقتصاد ضعيف وشعب يعاني الفقر.

اجتماع طارئ

وكان مجلس إدارة الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين قد عقد اجتماعاً طارئاً، أول من أمس، برئاسة فؤاد زمكحل، في حضور الأعضاء في لبنان والعالم.
وأكد المجتمعون أن "سيدات ورجال الأعمال اللبنانيين يستنكرون كل أعمال العنف والحرب، ويشدّدون على أن لبنان هي منصّة الحضارات وأرض مقدسة، ورسالة إلى العالم، ويريدون أن يعيشوا بسلام حقيقي ومستدام".
شدد المجتمعون على إمكان صمود شركات القطاع الخاص في ظل هذه الحرب الكارثية، مؤكدين أن "أكثرية القطاعات الإنتاجية خسرت كل مقوّمات الصمود، لكن الأهم والأخطر هو بدء تحضير خطط واستراتيجيات لإعادة الإعمار. فالواضح أن اللبنانيين والمستثمرين والمبتكرين قد تعبوا من إعادة الإعمار ومن المرونة غير المنتجة، وعلى أسس ركيكة غير ثابتة."
وفي هذا السياق، شدد زمكحل على أننا "لن نتحدّث عن إعادة الإعمار قبل الاتفاق على رؤية موحدة وبناء أسس وأركان متينة، لإعادة الإعمار للمرة الأخيرة".

وتابع المجتمعون مناقشتهم عن "إمكانية مساعدة الشركات لمواجهة هذه المحنة التي لسوء الحظ يبدو أنها ستطول، فطالب مجلس الإدارة من المنظّمات الدولية، ليس فقط إرسال مساعدات إنسانية، لكن لخلق صندوق استثماري لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ إن هذه الشركات تدفع ثمناً باهظاً وتكوّن 90% من السوق المحلية".
وأوضح زمكحل أن "الشركات الصغيرة والمتوسطة قد خسرت سيولتها، كما خسرت جزءاً كبيراً من عمالها، وتدهورت سوقها المحلية، وفقدت ثقة زبائنها الدوليين، وليس في إمكانها الصمود أكثر من بضعة أشهر، وإذا انهارت فستكون ضربة قاضية للاقتصاد اللبناني".

مساعدة المشروعات الصغيرة

من جهة أخرى، طالب المجتمعون مجلس الوزراء والوزراء المعنيين بمساعدة شركات القطاع الخاص، وإعطائهم تسهيلات ضريبية وجمركية، لإمدادها ببعض الأكسيجين للصمود، كما تحدّث المجتمعون عن "المخاطر التي تُواجه قطاع الاتصالات أيضاً، فإذا دُمّر هذا القطاع فسننقطع نهائياً عن العالم وعن الدورة الاقتصادية"، وذكّروا بـ "أهمية توقيع العقود مع مؤسسة Star link للسماح للشركات بالتواصل المباشر مع الأقمار الصناعية، بكلفة أدنى بكثير وبمخاطر أقل".
واعتبر المجتمعون أن إعادة الإعمار يبدأ بالمؤسسات، لكن ركائز الإصلاح تبدأ باحترام المؤسسات التي ستلعب الدور الأساسي لإعادة الهيكلة، مؤكدين أن "لبنان على مفترق طرق"، ولفتوا إلى أن "احترام المؤسسات يبدأ من احترام ونشر الجيش اللبناني على كل الأراضي اللبنانية، وهو الحامي الوحيد للحدود وللبنان واللبنانيين".
وأشار المجتمعون إلى أن "جائزة نوبل الأخيرة بالاقتصاد، كانت تمنح تفسيرَ لماذا بعض الدول غنيّة والأخرى فقيرة، وعن أبحاث دقيقة حول كيفية مساعدات طبيعية للمؤسسات، وتفسير سبب ثراء بعض البلدان وبقاء بلدان أخرى فقيرة".
وأوضحوا أن المجتمعات التي تعاني ضعف سيادة القانون والمؤسسات والتي تستغل السكان، لا تحقق النمو أو التغيير إلى الأفضل، أما البلدان التي تطوّرت فهي التي بنت مؤسسات شاملة، وتدعم سيادة القانون وحقوق الملكية، وتزدهر مع مرور الوقت.