في يوم الجمعة الماضي، انطلقت أولى حلقات البرنامج الإسبوعي للفنان الكوميدي محمد سعد على محطة mbc الفضائية باسم "وش السعد"، وفور انتهاء الحلقة التي حلت عليها الفنانة اللبنانية هيفا وهبي ضيفة، هوجم "سعد" بضراوة، ووُصف ما قدمه بالإسفاف والسطحية وثقل الدم.. وما يعنينا هنا هو "ثقل الدم".
يبدو أن "ثقل الدم" أصبح السمة الرئيسية للـ"كوميديانات" الذين اتجهوا، أخيراً، لتقديم البرامج التلفزيونية، بعد أن أفرغوا ما في جعبتهم الفنية في السينما والدراما على حد سواء، ولسوء حظ "سعد" أن جرعة "ثقل الدم" كانت زائدة في تلك الحلقة، خاصة وأنه قدم البرنامج بشخصية "بوحة" التي يعتبرها الكثيرون مجرد استنساخ من شخصيته الأنجح "اللمبي". ويبدو أيضاً أن حظه العاثر جعله يظهر ببرنامجه في ذلك التوقيت تحديداً، بعد أن سئم المشاهد من "ثقل دم" المقدمين عند تقديم برامج تلفزيونية.. وهو ما يستدعي التوقف والتساؤل: لماذ أصبح "الكوميديان" ثقيل الدم والظل أثناء تقديم برنامج تلفزيوني؟
الفنان محمد صبحي، الذي أضحك الملايين بمسرحياته "تخاريف، وجهة نظر، ماما أميركا"، وأفلامه "هنا القاهرة، علي بيه مظهر، العميل رقم 13" وحتى أعماله التلفزيونية "سنبل بعد المليون ويوميات ونيس"، لم يكن له نفس التأثير بوقفته على مسرح فضائية cbc ليقدم برنامجه "أعزائي المشاهدين..مفيش مشكلة خالص"، الذي يعرض من خلاله بعض "الإسكتشات" المسرحية التي يقوم بتمثيلها مع مجموعة من الممثلين.
الفنان الذي شكل الوعي الفكاهي لجيل كامل أصبح "ثقيل الظل"، يعيد استهلاك إفيهاته القديمة، وهو ما جعله موضع انتقاد كثير من المتابعين، خاصة على شبكة التواصل الاجتماعي. واعتقد البعض أن سبب آرائه السياسية واحتسابه على معسكر مضاد لأغلب الشباب هو ما يجعل اتهامه بـ"ثقل الدم" حكماً غير موضوعي. لكن عند العودة لمشاهدة مسرحياته القديمة من جديد، ومتابعة برنامجه وإسكتشاته المسرحية، لن تضحك، وتشعر جدياً بـ"ثقل الظل"، فضلاً عن استعلائه الدائم على من حوله في تقديم أي عمل وهو ما يظهر بوضوح خلال متابعته. كذلك محاربته لكل ما هو جديد ومتطور ليعادي الجيل الذي أثر فيه في صغره، وهو ما أظهره خلال إحدى إسكتشاته المسرحية في برنامجه عندما هاجم الموبايل و"فيسبوك" والإنترنت بشكل حاول أن يبدو كوميدياً.. لكنه لم ينجح.
يقول أحد النقاد الفنيين، (طلب عدم ذكر اسمه) إن المنتظر من الفنان الكوميدي هو "الدهشة"، وتلك "الدهشة" هي التي تجعلك تضحك، وعندما تفقد "الدهشة" قدرتها على إضحاكك يصبح الكوميديان الذي يلقيها "ثقيل الدم".
وقع "محمد سعد" في فخ التكرار في أفلامه السينمائية، فقدم شخصية الرجل الساذج مع اختلاف اسمه "اللمبي"، "بوحه"، "عوكل"، وأصبح أسير الشخصية الواحدة، ولم يستطع التخلص منها، حتى عند خوضه أولى تجاربه في التقديم التلفزيوني من خلال برنامج "وش السعد"، فظهر كشخص "ثقيل الدم". الأمر عينه حدث مع عدد من فناني الكوميديا الذين قدموا برامج تلفزيونية لم يكتب لها النجاح، مثل الفنان "هاني رمزي" الذي قدم في رمضان 2015 برنامج مقالب "هبوط اضطراري"، ومن قبله قدم برنامج "الليلة مع هاني" على فضائية mbc عام 2011، ولم يلق البرنامجان النجاح المتوقع.
وانصرف المشاهدون عن برنامج الفنان "محمد هنيدي" الذي عرض على فضائية "روتانا مصرية" عام 2012 باسم "لحظة شك trust"، رغم التوقع الكبير، حينها، بنجاح البرنامج طالما يقدمه كوميديان في حجم "هنيدي"، لكن ثقل البرنامج الذي لم يخففه إفيهات "هنيدي" لم ينجح كما كان متوقعاً له.
ومن قبلهم الفنان "أشرف عبد الباقي" الذي قدم عدداً من البرامج، ربما لن يتذكرها الكثيرون، منها "كلاكيت"، "أصل الكلمة"، "دارك"، و"جد جداً"، ورغم أنه فنان كوميدي نجح في السينما والدراما، إلا أن برامجه لم تحظ بالنجاح المتوقع، بل اعتبرها البعض "سخيفة" تفتقد روح الدعابة، ومع ذلك أصر "عبد الباقي" على خوض التجربة مراراً وتكراراً.
المتابع لتلك البرامج، والتي كان من المفترض أن تقدم الضحكة والفكاهة بشكل جديد، خاصة وأن مقدميها من كبار الكوميديانات في مصر سواء كان "صبحي"، "سعد"، "رمزي"، "هنيدي" وغيرهم، يدرك أنهم "أفلسوا" فيما يقدمونه، مقارنة بإعلامي مثل "باسم يوسف" رغم أنه قادم من بين الشاش والقطن ورائحة البنج، ولم يكن له باع كالآخرين في إضحاك الجمهور، لكنه عرف كيف يصنع البهجة، ويصل إلى مرحلة لم يصل إليها أحد من قبله في الإضحاك.
اقرأ أيضاً: (صور) قصة الطفل الذي رمته عائلته بعدما ظنّته جنيّاً