كيف تقلع عن التدخين؟

31 مايو 2016
ربما تريد الإقلاع عنه (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

كثيرة هي المقالات التي تقدّم إليك نصائح في كيفية الإقلاع عن التدخين. بعضها يكتب عن خطوات "مضمونة" كفيلة بترك هذه العادة السيئة. بعضها الآخر يقدّم بطابع "علمي" النصائح نفسها. يجرّب المدخنون الراغبون في الإقلاع عن تلك الأساليب. لكن، ومن الآخر، لا شيء ينفع عادة.

العدوى نفسها تنتقل إلى أشخاص بعينهم. بعضهم يقدّم نفسه على أنّه صاحب تجربة ناجحة. بعضهم الآخر لم يجرّب أساساً التدخين. وآخرون مدخنون شرهون ولا يتورعون عن تقديم هذه النصائح لغيرهم، وهم يخالفون بصراحة مثال "لا تنهَ عن خلقٍ وتأتِ مثله..."، ولا مانع لديهم في ذلك.

بالنسبة إلى المدخنين، يريد كثر منهم الإقلاع فعلاً. لكن، ليس الأمر في اليد. ليس قراراً نابعاً من إرادة. كثيرون يعرفون ذلك، وهم أنفسهم يحاولون أن يتخذوا مثل هذا القرار الإرادي الواعي العقلاني الذي ينمّ عن اعتراف بالمشكلة أولاً كسبيل إلى علاجها كما درجت عادة التشخيص التي يغذيها الإعلام والسينما والروايات العاطفية، فتنعكس بعدها في الثقافة الجماعية وتحضر مع كلّ نصيحة من أكبر الخبراء إلى العوام.

أيّ مشكلة يريدون للمدخن أن يعترف بها؟

هل التدخين مشكلة فعلاً؟ هل هو مشكلة المشاكل؟ هل يتقدّم ما عداه؟ طيّب، فلنفترض ذلك. لنتهم التدخين بكلّ تلك الأمراض التي توضع تحذيرات عنها على علب السجائر بالذات، وهو ما لم يثبت فعلياً، على الرغم من كلّ الدراسات، وعلى الرغم من "اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ" الذي تتبناه الأمم المتحدة وتحتفل به اليوم الثلاثاء، وتحذّر فيه منظمة الصحة العالمية من هذا "المرض القاتل".

فلنفترض أنّ التدخين "يسبّب شيخوخة الجلد"، وأنّه "يضاعف خطر الإصابة بالجلطة الدماغية"، وأنّه "يسبب أمراض القلب"، و"سرطان الرئة"، ويصل بنا إلى أخطر الأمراض في وجداننا القومي، وهو "العجز الجنسي". أي ذلك الوحش الذي يتفوق غالباً على خطورة مفترضة أخرى تحذر من أنّ "التدخين يقتل".

فلنفترض كلّ ذلك. هل تؤدي كلّ هذه التحذيرات إلى إقلاع المدخنين عن تدخينهم؟ الجواب معروف سلفاً، فأعداد المدخنين حول العالم في ازدياد. وشركات التبغ تزداد أرباحها عاماً بعد عام، مهما واجهت من دعاوى قضائية، ومهما خسرت فيها.

يغفل أصحاب النصائح عن حقيقة أنّ معظم المدخنين يدخنون من أجل مشاكل اجتماعية يعيشونها ومشاكل نفسية وحتى مشاكل صحية يلهيهم التدخين عن آلامها والتفكير فيها.

مهما كان الأمر، فالتدخين سيئ. مع ذلك، فهو أقلّ سوءاً بكثير من الدوافع إليه. تلك الدوافع التي تحتاج هي بالذات إلى أيام وشهور وسنوات عالمية لا تنقطع أبداً.


المساهمون