لبنان: تفاؤل حذر بعد انتخاب رئيس للجمهورية

10 يناير 2025
فرحة بانتخاب رئيس للجمهورية في بلدة القليعة الجنوبية، 9 يناير 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للبنان بعد فراغ رئاسي طويل، مع وعود بتحسين القضاء، وإعادة الإعمار، وحل قضايا النازحين، وتحسين الخدمات الأساسية.
- تباينت آراء اللبنانيين حول انتخاب عون، حيث أشار البعض إلى الضغوط الدولية، بينما رأى آخرون أهمية وجود رئيس في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية.
- يُعتبر انتخاب عون خطوة إيجابية لتحسين الوضع السياسي، مع توقعات بدور عربي في إعادة الإعمار وتشكيل حكومة قادرة على إدارة الأزمات والاستعداد للانتخابات المقبلة.

أراد لبنانيون التفاؤل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد تعطيل تجاوز السنتين، وخصوصاً أنه يصعب اختبار أسوأ من الذي مضى

بدا انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية في لبنان، حدثاً كبيراً، بعد عامين وأكثر من شهرين من الفراغ الرئاسي. وفي ظروف كهذه، هو حدث تحيط به أحداث أخرى شهدها لبنان، وكان آخرها العدوان الإسرائيلي الذي انتهى بالاتفاق على وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. تمت تعبئة الفراع برئيسٍ أعلن في خطابه عن لبنان الحلم الذي ربما أراده اللبنانيون منذ القدم.  
تعهّد عون بأن يكون الحَكَم العادل بين المؤسسات، والعمل مع الحكومة المقبلة على إقرار مشروع قانون جديد لاستقلالية القضاء، وهيكلة الإدارة العامة وتطبيق المداورة في وظائف الفئة الأولى في الإدارات والمؤسسات العامة، وحق الدولة في احتكار حمل السلاح، وإعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت وجميع أنحاء لبنان بشفافية، وحل مسألة النازحين السوريين، والاهتمام اللازم بالمدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية والضمان الاجتماعي وحماية أموال المودعين.
تعهدّات تبدو بمثابة إعلان لبنان جديد. في هذا الإطار، فردت محطات الراديو اللبنانية مساحة للمواطنين للتعبير عن آرائهم حيال هذا الحدث. وبدا أن هناك رغبة بل حاجة إلى التفاؤل، بعد كل ما عاشوه. واستعان البعض بعبارات شعرية عن لبنان الأمل والحضارة وغيرها من الكلمات.

ويقول فؤاد لـ "العربي الجديد": "بعد انتهاء الحرب وإن كان الأمر ليس محسوماً، لن يحدث أسوأ مما حدث. منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى سبتمبر/ أيلول الماضي، استُهدفت البلدات الجنوبية قبل أن تتطور الحرب لتشمل كل لبنان"، مشيراً إلى أن "الحرب التي شهدها لبنان ترافقت مع أزمة اقتصادية وانهيار أمني. كل هذه الأمور لا تجعلني متفائلاً بل واقعياً بأنه لن يكون هناك أسوأ مما سبق". يتابع: "في ما يخص رئيس الجمهورية، لا نستطيع إنكار الظروف التي انتخب فيها والضغوط الأميركية والأوروبية والسعودية. جلسة أول من أمس كانت بمثابة تصديق على انتخابه لا أكثر. مع ذلك، من المهم أن يكون هناك رئيس للجمهورية في هذه الظروف. أشعر بتفاؤل حذر. حافظ جوزاف عون خلال فترة توليه قيادة الجيش على المؤسسة العسكرية واستقرارها، وقد صمدت في ظل المساعدات والعلاقات التي نسجها". 
وبالنسبة للمطالب الأساسية، يشدد فؤاد على "الواقعية". ويقول: "ما مررنا به من أزمة اقتصادية، وتفشي كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، والحرب الإسرائيلية، والانهيار الأمني ومؤسسات الدولة، يُحتّم علينا إعطاء فرصة ووقت للجهة الجديدة التي ستتسلم زمام الأمور". ويطالب "بتأمين الدعم الخارجي للبنان على اعتبار أن النظام قائم على الدعم، واسترجاع الحد الأدنى من الأمان، والتركيز على إعادة الإعمار في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع وبعلبك وخصوصاً أن الناس لا تعرف مصيرها بعد في ما يتعلق بالمساعدات، بالإضافة إلى تأمين الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرهما، وتحسين عمل المؤسسات الرسمية، مع إعطاء الأولوية لحرية التعبير والرأي. هذا في المرحلة الأولى، على أن تكون هناك مطالب أخرى". ويرى أن خطاب الرئيس كان مشجعاً، وإن العبرة في التنفيذ.

من جهتها، تقول كلير: "بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، أشعر بتفاؤل حذر. ليس لدى رئيس الجمهورية صلاحيات بفعل اتفاق الطائف، لكن وجود رئيس أمر مطمئن للبنانيين ومفيد للعلاقات الدبلوماسية مع الخارج. كما أن الدعم الذي حصل عليه من الخارج يوحي بأن لبنان قد ينعم بالاستقرار لفترة طويلة". تضيف: "يجب أن ننتظر لنرى إن كانت رئاسة الحكومة قادرة على فعل شيء. نعيش وضعاً جديداً ومختلفاً. الفئة التي كان لديها فائض قوة لم تعد كذلك، فيما يحاول الطرف الثاني الاستفادة من هذا الوقع". في هذا السياق، "أطالب بنظام اقتصلادي حر يلغي الاحتكار ويمنح الشركات حرية الاستثمار، وبناء علاقات دبلوماسية متوازنة مع القوى الخارجية، والاتفاق على استرتيجية دفاعية على أمل ألا تنعكس سلباً على السلم الأهلي".
أما فاتن، فترى أن "انتخاب رئيس أمر إيجابي وخصوصاً أن البلد كان معطلاً دستورياً وسياسياً منذ أكثر من عامين. نحن في القعر، وبالتالي فإن انتخاب رئيس يشي بتحسين ما". تضيف أنها "تشعر بالراحة لكونه من الجنوب وقد تعهد بإعادة إعمار البلد، وخصوصاً أن عائلتها وأصدقاءها تضرروا بفعل العدوان الإسرائيلي، كما أن بعض القرى لا تزال محتلة. هذا لا يعني أن الحل يكمن في انتخاب رئيس، لكن يمكن اعتبارها خطوة إيجابية. نعيش مرحلة جديدة والملف الأهم هو إعادة الإعمار، ويبدو أن الدول العربية ستتولى الأمر في مقابل تنازل سياسي". أما عن مطالبها، فتقول إنها تتمنى "تشكيل مجلس وزراء يتمتع بالخبرة اللازمة لإدارة المرحلة الحالية، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي اللبنانية وإعادة الإعمار، ووضع حلول للأزمة الاقتصادية والمودعين، وضمان الجهوزية للانتخابات النيابية المقبلة".