كوكب ترامب... "صديق الفحم" ينسحب من اتفاقية المناخ

02 يونيو 2017
C55DC4AB-A6A4-47EC-9EFB-F2A62D6447AD
+ الخط -

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الخميس، انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس حول المناخ، ملتزماً بوعوده خلال حملته الانتخابية تحت شعار الدفاع عن الوظائف الأميركية، وخفض القيود التنظيمية التي تحكم عمل الشركات و"التحرر من القيود المالية والاقتصادية الشديدة التي يفرضها الاتفاق على بلادنا"، وفق تعبيره. 

وشكل انسحاب أميركا من اتفاقية باريس للمناخ صدمة دولية، إذ إن ترامب الذي يوصف بـ"صديق الفحم" بدلاً من "صديق البيئة"، قرر دعم الصناعات الملوثة لزيادة الإيرادات وخلق الوظائف.

في الواقع، أبدى ترامب منذ إعلان ترشحه اتجاهاً واضحاً نحو إعلاء صوت الصناعات الكبرى، وخصوصاً النفط والغاز وتحديداً إعادة إحياء قطاع الفحم، سعياً لدعم الاستثمارات التنقيبية ولو كانت تداعياتها البيئية مكلفة.

تأثيرات الانسحاب الأميركي على الاتفاق ليست بسيطة. إذ إن الولايات المتحدة إضافة إلى الصين من أكثر الدول التي تنتج ملوثات تؤثر على المناخ العالمي. وتداعيات تراجع ترامب عن هذا الاتفاق لا تطاول حصراً الاقتصاد الدولي، وإنما أيضاً تؤثر على الاقتصاد الأميركي واقعاً ومستقبلاً.

ورحب منتجو الفحم الأمريكيون بقرار الرئيس "دونالد ترامب" الخميس بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، وهو الإعلان الذي أعقبه ارتفاع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنحو 0.6%، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".

ترامب الذي صرح أن التغير المناخي هو خدعة لضرب الاقتصاد الأميركي، رسخ مقولته الغريبة بأوامر تنفيذية ووعود متلاحقة سبقت إعلان الانسحاب من اتفاقية باريس. منها مثلاً خفض معايير مراقبة انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن إنتاج الغاز وتكرير النفط، مع إنهاء الاستخدام التنظيمي للبصمة البيئية و"الكلفة الاجتماعية للكربون" التي تحدد حجم الأضرار الناجمة عن انبعاث كل طن إضافي من ثاني أكسيد الكربون.

وقام ترامب بإلغاء قانون حماية المجاري المائية والذي يمنع منتجي الفحم من إلقاء المخلفات في مجاري المياه. وكذا، يسوق لخطة بنية تحتية قيمتها تريليون دولار ستتضمن إعادة إحياء الفحم.

ويرى ترامب، وفق تصريحاته، أن هذه القرارات ستخلق فرص عمل جديدة وتحقق ما يسميه "الاستقلال الطاقوي" للولايات المتحدة. إلا أن المحللين الأميركيين يؤكدون أن عمليات تعدين الفحم تُدار آلياً ولا توظف سوى بضعة آلاف من العمال في سوق تضم أكثر من 150 مليون عامل.

وكذا، اقترح ترامب إلغاء التمويل الاتحادي للبحث العلمي حول تغير المناخ، وخفض ميزانية وكالة حماية البيئة بنحو الثلث.

وأصدر أمراً تنفيذياً يطلب فيه من الوكالات الحكومية أن تتراجع عن خطة الطاقة النظيفة في عهد أوباما، والتي أنشئت للحد من الانبعاثات الناجمة عن محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وتعزيز الطاقات المتجددة. وأعلن ترامب أثناء توقيعه على النظام قائلا "إن إدارتي ستضع حداً للحرب على الفحم".

وكان حوالي 900 مستثمر وشركة، والعديد منهم أميركيون، وقعوا على رسالة مفتوحة بعنوان: "قطاع الأعمال يدعم الكربون المنخفض"، يدعون فيها الإدارة الأميركية لعدم الانسحاب من اتفاقية باريس، خوفاً من المخاطر التي قد يسببها ذلك على الاقتصاد الأميركي وبيئة الأعمال والاستثمار، والشروط الدولية المتعلقة بالتجارة وغيرها.

وأظهرت دراسة قامت بها مؤسسة "ابتكار الطاقة" الأميركية، أن إلغاء خطة الطاقة النظيفة وحده يمكن أن يكلف 600 مليار دولار ويتسبب في 120 ألف وفاة مبكرة بحلول سنة 2050.

ويشرح مارك مالوك براون، وهو نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة، في مقالة له، أن الجهود لبناء اقتصاد أكثر استدامة سيجلب فوائد أكبر بكثير.

وأظهر تقرير في 2016 أعدته مؤسسة "مخاطر قطاع الأعمال" وشارك فيه رؤساء تنفيذيون أميركيون بالإضافة إلى قادة سابقين على المستوى البلدي والفيدرالي، أن التوفير في تكاليف الوقود من تخفيض بمقدار 80% في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول سنة 2050 يمكن أن يتجاوز الاستثمارات الرأسمالية المطلوبة بمقدار 150 مليار دولار.

وكذا قدّرت مفوضية قطاع الأعمال والتنمية المستدامة أن الشركات قد تحقق مبلغ 12 تريليون دولار على شكل إيرادات وتوفير في حالة تطبيق نماذج أعمال مستدامة.

ومثل هذه النماذج قد تخلق كذلك حوالي 380 مليون وظيفة بحلول سنة 2030 في قطاعات اقتصادية مهمة، بما في ذلك الطعام والزراعة والطاقة والنقل والصحة والحكومة البلدية. ففي قطاع الطاقة وحده تقدر الفرص الاستثمارية بحوالي 4.3 تريليونات دولار.

وفي مقالة له على موقع "بروجكت سانديكايت"، يشرح خافيير سولانا، الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، أن كلفة طاقة الرياح انخفضت في أميركا بنسبة الثلثين منذ عام 2009، وانخفضت كلفة الطاقة الشمسية على نطاق المرافق بنسبة 85%. في حين أشار إلى ارتفاع عدد الوظائف في صناعات الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 32% و25% على التوالي، في عام 2016 وحده.

وفي السياق نفسه، انتقد تقرير لموقع "سي أن أن" ما صرّح به ترامب، الخميس، في أعقاب إعلانه خروج بلاده من اتفاقية باريس حول التغيّر المناخي، بأنه تمكن من خلق ما يزيد عن مليون وظيفة في القطاع الخاص منذ مجيئه، حتى يبرّر انتقاداته للاتفاقية، عندما قال إنها لا تساهم في خلق فرص العمل.

واعتبر التقرير أن الرقم الذي قدمه غير صحيح. ويشدد التقرير على أن البيانات الرسمية الحكومية تبيّن أن عدد الوظائف الخاصة منذ يناير/ كانون الثاني، حين استلم ترامب مكتب قيادة البلاد، لم يزد عن 493 ألف منصب إلى غاية الآن، أي عكس ما أشار إليه ترامب، عندما قال إن الاقتصاد بدأ ينتعش ويعود لقوته بشكل كبير. ومع إضافة الوظائف الحكومية أو الفيدرالية، أكد التقرير أن عدد الوظائف لا يتعدى 522 ألفاً.
(العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة
متظاهرون أمام الفندق يحملون لافتات تقول "فلسطين ليست للبيع" (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر ناشطون أمام فندق "هيلتون دبل تري" في مدينة بايكسفيل بولاية ماريلاند الأميركية الذي استضاف مزاداً لبيع مساكن أقيمت على الأراضي الفلسطينية المسروقة
الصورة

سياسة

أعرب المشتبه به في محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رايان ويسلي روث عن رغبته في القتال والموت في أوكرانيا.
الصورة
زائر يتفقد منتجات "إنتل" في معرض تكنولوجي بتل أبيب، 3 سبتمبر 2019 (فرانس برس)

اقتصاد

يسيطر الخوف على قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، والاقتصاد بشكل عام، من تداعيات الأزمة الحادة التي تتعرض لها شركة إنتل، التي لديها أنشطة واسعة في إسرائيل.
الصورة
دونالد ترامب في مكتبه في نيويورك، 1987 (Getty)

منوعات

من المقرر طرح فيلم "ذي أبرنتيس" The Apprentice المثير للجدل والمستوحى من سيرة دونالد ترامب، في صالات السينما الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول
المساهمون