GettyImages-654546362.jpg
30 يونيو 2020
+ الخط -

تكالبت الظروف الصعبة على مزارعي المانغو في اليمن من كل اتجاه منذ ما يزيد على خمسة أعوام من الحرب الدائرة في البلاد وما فرضته من أوضاع أمنية وتجارية واقتصادية معقدة وحصار بري وبحري وجوي أضرت كثيراً بالمزارعين.
ولم يكن ينقصهم سوى فيروس كورونا الذي أغلق في وجوههم بصيص الأمل الذي لاح منذ منتصف العام الماضي لنفض غبار الكساد ووعود رفع إغلاق المنافذ بشكل جزئي لإعادة تصدير هذه الفاكهة.
وتقدر بيانات رسمية صادرة عن إدارة الإحصاء الزراعي إنتاج اليمن من الفواكه بنحو 1.5 مليون طن، يتصدرها المانغو بنحو 400 ألف و978 طناً من مساحة 25 ألفاً و914 هكتاراً، فيما تصل نسبة الفاقد في ثمار المانغو إلى أكثر من 40%.
وتسبب قرار إغلاق المنافذ البرية العاملة، خصوصاً منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، في توقف عملية تصدير كميات كبيرة من المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه إلى الأسواق الخارجية، خصوصاً الخليجية، والاكتفاء بفتح جزئي محدود لمنفذ "شحن" في المهرة (شرق)، الحدودي مع سلطنة عمان.

وكانت السعودية قد أغلقت منذ بداية الحرب أسواقها أمام السلع الزراعية التي تستوردها من اليمن ومنها المانغو واتجهت للاستيراد من دول أخرى لتغطية نقص المعروض من هذه الفاكهة في أسواقها، حيث كانت أسواقها تعتمد على المانغو اليمني بنسبة تزيد على 60% إضافة إلى أسواق دول خليجية أخرى.
وحسب مسؤول في الاتحاد التعاوني الزراعي اليمني، فإن جهودا كادت أن تكلل بالنجاح لتخفيف الإجراءات في المنافذ لإعادة تصدير كميات هذا الموسم من المانغو وبنسبة تتجاوز 50% عن النسبة التي كانت تُصدر قبل الحرب، خصوصاً إلى الأسواق السعودية، لكن تبعات مكافحة فيروس كورونا، وفق حديث هذا المسؤول لـ"العربي الجديد"، أدت إلى تعطيل كل هذه الجهود، بل أصبحت هناك جهود أخرى يجب بذلها لتسهيل انسياب المنتجات الزراعية المختلفة بين المدن اليمنية.

وفي المقابل، لم يستطع عبد الله الحمادي، وهو تاجر يعمل في تسويق وتوزيع المانغو ومنتجات زراعية أخرى، إيصال كميات كبيرة من الفواكه إلى أسواق بعض المحافظات التي أغلقت منافذ الدخول إليها بعد تفشي الفيروس.
وأعلنت السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية من اليمن، عدن وأبين وشبوة، في وقت سابق، إغلاق عملية الدخول إليها وتشديد الإجراءات على القادمين من محافظة حضرموت بشكل خاص ومن مختلف المحافظات بشكل مؤقت، الأمر الذي أصاب الحركة التجارية وعملية انسياب السلع والبضائع إلى الأسواق في هذه المحافظات بالشلل التام.
وأضاف الحمادي لـ"العربي الجديد"، أن أسواق هذه المحافظات تستوعب ما نسبته 90% من تجارته، ويعتبر هذه المشكلة الطارئة عبئا آخر يضاف إلى مجموعة كبيرة من الصعوبات والمعوقات في زراعة هذه الفاكهة والاختلالات الأمنية ووعورة الطرق والتي عقدت كثيراً من عملية وصولها من المزارع إلى الأسواق.
وقدرت إحصائية لوزارة الزراعة والري، اطلعت عليها "العربي الجديد"، الخسائر التي تعرض لها قطاع الفواكه نتيجة الصراع الدائر والقصف بنحو ملياري دولار، مرشحة للزيادة نتيجة الأعباء التي ستضيفها تبعات الإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا في اليمن مع تشديد الإجراءات على التنقل في الطرقات وإغلاق منافذ الدخول إلى أغلب المدن اليمنية.
وألحقت الحرب وما رافقها من حصار وعراقيل وأخيراً وباء كورونا كساداً كبيراً بأهم فاكهة يمنية، وخسائر فادحة يتحملها المزارعون، حسب حديث المزارع ناصح الشومي، من منطقة "الجر" الشهيرة في منطقة عبس ما بين محافظتي حجة (شمال)، والحديدة (شمال غرب).
وأكد الشومي لـ"العربي الجديد"، تكبد المزارعين خسائر كبيرة منذ بداية الحرب وما فرضته من تضييق الخناق على مزارعهم التي أصبحت تتكدس فيها أغلب المنتجات لصعوبة توزيعها وتسويقها في الأسواق المحلية والخارجية، الأمر الذي يؤدي إلى إتلاف نسبة كبيرة منها وبيع ما يبقى بأسعار لا تغطي نفقاتهم وخسائرهم.
من جانبه، يرى الخبير الزراعي أنور ناجي، أن الأوضاع الراهنة التي يمر بها اليمن ساهمت بشكل كبير في هدر الإنتاج الزراعي، حيث يعاني المزارعون من مشاكل عديدة لتوفير المشتقات النفطية وعمليات الري والنقل والتسويق نتيجة للأحداث الأمنية ومحدودية الوصول إلى الأسواق بشكل سهل.
هذا الأمر، وفق حديث ناجي لـ"العربي الجديد"، لا يساعد على استثمار المنتجات الزراعية وإيجاد أسواق بديلة لترويجها، لأن هناك عشوائية كبيرة في التعامل مع أهم منتج زراعي ينتجه اليمن.