كلفة الحياد الباهظة

04 مايو 2015
تشكل ليبيا العمق الاستراتيجي لتونس (فرانس برس)
+ الخط -
كنّا تساءلنا ما إذا كانت تونس ستدفع ثمن حيادها في ليبيا، وقرار تغيير موقفها من مجريات الأحداث هناك، والتعامل مع طرفيْ الأزمة على قدم المساواة، على أساس نظرة واقعية تفهم الموقف في ليبيا على حقيقته وتهدف إلى خدمة مصلحة البلاد، بعيداً عن المنطق الأيديولوجي الأعمى الذي يحطم في طريقه كل شيء.

ولم يكن ذاك السؤال منذ أيام اعتباطياً ولا مطلقاً، وإنما كان يستند إلى معطيات موضوعية، تونسية وليبية وعربية ودولية، يميّزها تضارب المصالح وتباين الرؤى حول الأزمة في ليبيا وخصوصاً حول من يشغل كرسي المستقبل فيها، بما فيه من غاز وبترول ويورانيوم في جارتها النيجر، وما تحمله ليبيا من عمق استراتيجي أفريقي ومن آفاق رحبة بحكم ثرائها المترامي الأطراف الذي يجعل منها فضاءً تشغيلياً رحباً لجارتيها مصر وتونس ولعدد من العمالة العربية والأفريقية، وخصوصاً إذا ما بدأت مرحلة إعادة الإعمار، بعد إحكام الدمار.

وجاءت أولى الردود على هذا الخيار الجديد قوية في اليومين الماضيين، حين جاء خبر إعدام صحافيَيْها المختطفين في ليبيا، سفيان الشورابي ونذير القطاري، ليشكل صدمة للإعلاميين والمواطنين التونسيين من جهة وإنذاراً صريحاً للمسؤولين بضرورة الانتباه الشديد للآتي من جهة ثانية.

وبغض النظر عمّا إذا كان خبر الإعدام صحيحاً أو لا، فإن موعد الإعلان عنه لم يكن في رأي كثيرين بريئاً جداً، فقد تزامن مع إعلان استئناف الرحلات الجوية بين تونس وغرب ليبيا، ومع إلغاء الإتاوة على الحدود من الجانب الليبي بعد إلغائها تونسياً، مع ما يعكسه هذان القراران بالذات من تقارب ولو إداري لم يرق بعدُ إلى السياسي بين تونس وقوات فجر ليبيا. كما أنه تزامن مع تسريبات تفيد بأن تونس تريد فعلاً أن تدخل على خط المصالحة الليبية، أو لعلّها بدأت تستعدّ لجسّ نبض المنطقة حول إمكانية ذلك. وهو خيار لا يروق، في ما يبدو، للبعض محلياً وإقليمياً. ويبقى السؤال الآن حول الطريقة التي ستتعامل بها تونس مع هذه الإنذارات، وما إذا كانت ستستمر في خيارها الجديد أم تعود إلى صمتها القديم.
دلالات
المساهمون