12 نوفمبر 2024
كابوس الانهيار المالي في لبنان
يعيش المواطنون اللبنانيون على وقع التطورات المتسارعة بحتمية الانهيار المالي لبلدهم. وهم يشاهدون يوماً بعد يوم تدني قيمة رواتبهم بالعملة المحلية، والخسارة المستمرة في قدرتهم الشرائية، وفقدان الأمل بأنهم يوماً ما سيستطيعون استرجاع ودائعهم في المصارف التي جمعوا فيها "تحويشة العمر".
يشعر المواطنون اللبنانيون بأنهم وحيدون في مواجهة وحش الانهيار، ليس هناك من يحميهم، لا الحكومة الجديدة ولا العهد ولا مجلس النواب ولا زيارات المسؤولين الإيرانيين ولا مستشارو البنك الدولي. وحدهم ضحية الجريمة التي صنعها التواطؤ الجهنمي الذي جمع بين حيتان المال والطبقة السياسية التي حكمت لبنان عقودا، وفاقمها صمت حزب الله طوال هذه السنوات على هذه الجريمة التي كانت تحدث في حق المجتمع اللبناني برمته.
الكابوس الذي يعيشه الشعب اللبناني، على الصعيدين، المالي والاقتصادي، انعكس أيضاَ على الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري الذي بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية للحرب الأهلية السورية التي أدّت إلى تراجع الاقتصاد السوري بنسبة 70% بين 2010 و2017، والارتفاع المخيف في معدّلات الفقر، يعاني السوريون اليوم أيضاً من انعكاسات الأزمة المالية في لبنان، إذ لم يعد في إمكانهم الاعتماد على التحويلات بالعملة الصعبة من لبنان، وفقدوا فرص العمل التي كانت متوفرة لهم قبل الأزمة هناك، ناهيك عن خسارة النظام والمقرّبين منه القدرة على الحصول على العملة الصعبة من المصارف اللبنانية.
يوحي مشهد الوضع الحالي في لبنان أننا أمام نهاية حقبة من تاريخ هذا البلد الذي شكل النظام المصرفي أحد أعمدة استقراره الأساسية. وكما قال الزميل في صحيفة النهار جهاد الزين، أن الدولة اللبنانية ماتت أمنياً في 1975، في بداية الحرب الأهلية، فهل سيكون عام 2020 عام موتها مالياً؟ جيل اللبنانيين الذي عاش الحرب الأهلية، ودفع ثمنها من حياته قتلاً وتدميراً وتهجيراً، استطاع أن يصمد وأن يبني حياة كريمة، وها هو يراها اليوم على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.
المطالب التي رفعها الشباب اللبناني المنتفض منذ اليوم الأول هي محور الأزمة الحالية. ولكن من يحاسب الطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى هذا الانهيار؟ ومن سيتولى قيادة البلد نحو شاطئ الأمان، ويقوم بالإصلاحات المؤلمة المطلوبة؟ والأهم من يقدر على إخضاع حيتان المال الذين هم اليوم السبب الأساس وراء كل الفشل المالي الذريع الذي وقع فيه لبنان.
لا تنحصر الأزمة بدفع الديون الخارجية المستحقة على لبنان فحسب، بل هي الآن باتت تشمل كل
المجالات، وتطرح شكوكاً عميقةً بشأن قدرة الدولة على الاستمرار في تأمين الحد الأدنى من حياة مواطنيها. ويتشاطر بعض أولي الأمر فكرة أن ما يمر به لبنان قابل للحل، إذا توفرت النيات الصادقة والإرادة والعزيمة لدى أصحاب القرار. وعندما نشاهد وجوه المسؤولين اللبنانيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، تتحول شكوك اللبنانيين بإمكانية الخلاص والخروج من الأزمة إلى ما يشبه اليقين بأن الآتي أعظم.
استحقاقات كثيرة تنتظر لبنان في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الاستحقاقات المالية. هناك موقف لبنان من "صفقة القرن" الذي لا بد أن يطرح بجدّية بعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلي في الشهر المقبل (مارس/ آذار)، وبصورة خاصة موقف الدولة اللبنانية من مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين لن يتمكّنوا من العودة إلى منازلهم في فلسطين، أو إلى الدولة الفلسطينية العتيدة. سيشكل هذا الموقف اختباراً مهماً للحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب التي تنظر إليها إدارة الرئيس الأميركي، ترامب، بشكوكٍ كثيرة، وتتهمها بأنها حكومة حزب الله.
كيف سيتصرّف حزب الله في المرحلة اللاحقة؟ هل سيسعى الى تحييد لبنان عن الصراع الإيراني - السعودي الدائر في المنطقة، والذي ارتد سلبياً على لبنان، أم سيواصل النهج الذي اتبعه قبل الأزمة، والذي كان سبباً لإحجام دول الخليج عن تقديم الدعم للبنان؟ والأهم هل ستنجح الحكومة الجديدة في الحصول على ثقة المجتمع الدولي، إذا عجزت عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة؟ في ظل هذه التساؤلات يشعر اللبنانيون بأنهم وحيدون في مواجهة الخطر الداهم من دون أي اهتمام عربي أو دولي بمأساتهم.
الكابوس الذي يعيشه الشعب اللبناني، على الصعيدين، المالي والاقتصادي، انعكس أيضاَ على الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري الذي بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية للحرب الأهلية السورية التي أدّت إلى تراجع الاقتصاد السوري بنسبة 70% بين 2010 و2017، والارتفاع المخيف في معدّلات الفقر، يعاني السوريون اليوم أيضاً من انعكاسات الأزمة المالية في لبنان، إذ لم يعد في إمكانهم الاعتماد على التحويلات بالعملة الصعبة من لبنان، وفقدوا فرص العمل التي كانت متوفرة لهم قبل الأزمة هناك، ناهيك عن خسارة النظام والمقرّبين منه القدرة على الحصول على العملة الصعبة من المصارف اللبنانية.
يوحي مشهد الوضع الحالي في لبنان أننا أمام نهاية حقبة من تاريخ هذا البلد الذي شكل النظام المصرفي أحد أعمدة استقراره الأساسية. وكما قال الزميل في صحيفة النهار جهاد الزين، أن الدولة اللبنانية ماتت أمنياً في 1975، في بداية الحرب الأهلية، فهل سيكون عام 2020 عام موتها مالياً؟ جيل اللبنانيين الذي عاش الحرب الأهلية، ودفع ثمنها من حياته قتلاً وتدميراً وتهجيراً، استطاع أن يصمد وأن يبني حياة كريمة، وها هو يراها اليوم على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.
المطالب التي رفعها الشباب اللبناني المنتفض منذ اليوم الأول هي محور الأزمة الحالية. ولكن من يحاسب الطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى هذا الانهيار؟ ومن سيتولى قيادة البلد نحو شاطئ الأمان، ويقوم بالإصلاحات المؤلمة المطلوبة؟ والأهم من يقدر على إخضاع حيتان المال الذين هم اليوم السبب الأساس وراء كل الفشل المالي الذريع الذي وقع فيه لبنان.
لا تنحصر الأزمة بدفع الديون الخارجية المستحقة على لبنان فحسب، بل هي الآن باتت تشمل كل
استحقاقات كثيرة تنتظر لبنان في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الاستحقاقات المالية. هناك موقف لبنان من "صفقة القرن" الذي لا بد أن يطرح بجدّية بعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلي في الشهر المقبل (مارس/ آذار)، وبصورة خاصة موقف الدولة اللبنانية من مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين لن يتمكّنوا من العودة إلى منازلهم في فلسطين، أو إلى الدولة الفلسطينية العتيدة. سيشكل هذا الموقف اختباراً مهماً للحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب التي تنظر إليها إدارة الرئيس الأميركي، ترامب، بشكوكٍ كثيرة، وتتهمها بأنها حكومة حزب الله.
كيف سيتصرّف حزب الله في المرحلة اللاحقة؟ هل سيسعى الى تحييد لبنان عن الصراع الإيراني - السعودي الدائر في المنطقة، والذي ارتد سلبياً على لبنان، أم سيواصل النهج الذي اتبعه قبل الأزمة، والذي كان سبباً لإحجام دول الخليج عن تقديم الدعم للبنان؟ والأهم هل ستنجح الحكومة الجديدة في الحصول على ثقة المجتمع الدولي، إذا عجزت عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة؟ في ظل هذه التساؤلات يشعر اللبنانيون بأنهم وحيدون في مواجهة الخطر الداهم من دون أي اهتمام عربي أو دولي بمأساتهم.
دلالات
مقالات أخرى
20 أكتوبر 2024
06 أكتوبر 2024
21 سبتمبر 2024