وكان أبرز هذه التعديلات وأكثرها أهمية، إنشاء وزارة جديدة هي وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، تحت رئاسة خالد الفالح، رئيس مجلس إدارة عملاق النفط السعودي، أرامكو.
وحل الفالح محل وزير البترول علي النعيمي، البالغ من العمر 80 عاما، والذي كان مسؤولا عن السياسة النفطية للمملكة منذ عام 1991.
وجرى تغيير اسم وزارة البترول والثروة المعدنية ليصبح وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
وشملت التعديلات أيضاً تغييرات كبرى في قيادات المجموعة الاقتصادية في المملكة بتعيين ماجد بن عبدالله القصبي وزيرا للتجارة والاستثمار، وتعيين أحمد الخليفي محافظا لمؤسسة النقد السعودية (البنك المركزي).
ويرى محللون سعوديون وأجانب أن التغييرات التي أعلنت، مساء السبت، ضمن سلسلة من القرارات الملكية، تحمل بصمة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، صاحب برنامج الإصلاح الذي يُعرف باسم "رؤية المملكة 2030".
ويقول الاقتصادي البارز فضل البوعينين "هذا التغيير الاستراتيجي يهدف إلى بناء قاعدة متينة لتحقيق رؤية 2030، التي تسعى إلى تحقيق تنوع اقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الصناعة".
وتحمل رؤية المملكة 2030 بين طياتها تغييرا شاملا لطريقة تفكير الحكومة السعودية وللسياسة الاقتصادية، من أجل مستقبل يقل فيه اعتماد أكبر مصدّر للخام في العالم على النفط.
وتسعى رؤية 2030 إلى تحقيق إصلاحات، من بينها إنشاء صندوق سيادي كبير، وخصخصة عملاق النفط، شركة أرامكو، عبر طرح حصة منها في اكتتاب عام، وخفض دعم الطاقة، وتعزيز الاستثمارات، وتقوية دور القطاع الخاص في التنمية، وزيادة كفاءة الحكومة.
ويقول مازن السديري، رئيس الأبحاث لدى شركة الاستثمار كابيتال، "الدولة تفكيرها تغيّر فيما يتعلق بالنفط، إذ أصبحت تنظر إليه كمصدر للطاقة وليس فقط مصدرا للدخل، كما أنها تسعى إلى تعزيز مواردها، عبر طرح أرامكو للاكتتاب".
ويضيف: "الإصلاحات في الداخل تركز بشكل كبير على الاستثمارات، وجميعها تأتي في سبيل تحقيق أهداف رؤية 2030".
وتهدف رؤية 2030 إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية، عبر زيادة أعداد المعتمرين، وتشجيع السعوديين على إنفاق أموالهم داخل البلاد، من خلال استثمارات قوية في قطاعات السياحة والترفيه.
وعيّن العاهل السعودي الملك سلمان، في مرسوم ملكي، وزراء جددا لتولي وزارات المياه والنقل والتجارة والشؤون الاجتماعية والصحة والحج، وأعاد هيكلة بعض الوزارات، في تغييرات ركزت على المجالات التي وعدت الحكومة بتطويرها.
تعزيز الكفاءة
شملت التعديلات الوزارية تعيين أحمد الخليفي محافظا لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). وكان الخليفي يشغل من قبل منصب وكيل المحافظ للأبحاث والشؤون الدولية.
وسيتولى الخليفي مسؤولية رسم السياسة النقدية للمملكة. ولن يضطلع البنك المركزي، خلال الفترة المقبلة، بدور صندوق الثروة السيادي في المملكة، إذ تسعى رؤية 2030 إلى تأسيس صندوق سيادي ضخم، عبر زيادة رأسمال صندوق الاستثمارات العامة إلى سبعة تريليونات ريال (تريليوني دولار) من 600 مليار ريال (160 مليار دولار).
ولم تشمل التعديلات تغيير وزير المالية إبراهيم العساف الذي يتولى منصبه منذ 1996.
وشملت التعديلات إلغاء وزارة المياه والكهرباء، وتمت إضافة المياه لوزارة جديدة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة، بينما نقلت الكهرباء إلى وزارة الطاقة.
ويقول جون سفاكياناكيس، مدير الأبحاث الاقتصادية لدى مركز الخليج للأبحاث "دمج الوزارات يفتح الباب لتعزيز الكفاءة، وهو الأمر الذي تحرص الحكومة على تحقيقه".
وتم تعيين توفيق الربيعة - وزير التجارة الأسبق - وزيرا للصحة، وسليمان بن عبدالله الحمدان وزيرا للنقل، وأعيدت تسمية وزارة الحج باسم وزارة الحج والعمرة.
وتضمن المرسوم الملكي أيضا دمج وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية تحت إدارة جديدة هي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وتشكيل هيئتين جديدتين إحداهما للترفيه والأخرى للثقافة.
وجرى تعيين اثنين من القيادات الاقتصادية، هما ياسر الرميان المستشار بالديوان الملكي ومحمد الجاسر المحافظ الأسبق للمركزي السعودي، مستشارين في رئاسة مجلس الوزراء.
يقول سفاكياناكيس إن هذه التغييرات "ترسل رسالة مفادها أن الأشخاص الذين تم اختيارهم سيتولون تجديد القدرات المؤسسية للدولة".
ويضيف: "هذه التغييرات مستقبلية، وستُحدث تأثيرا كبيرا في طريقة إدارة الأمور".