في مدرستنا "تمييز"

07 فبراير 2015
المدارس الحكومية لا تلبي طموحات الأهل (فرانس برس)
+ الخط -

لن أقول إن طفلي هو الأذكى على الإطلاق. لا يحفظُ عواصم دول العالم أو يتكلّم اللغات الأجنبية بطلاقة. لا يعرفُ النوتات الموسيقية أو يعزف على أية آلة. بالكاد يرقصُ على ألحانٍ يسمعها في السيارة أو البيت أو أماكن أخرى. يحب عدداً من الشخصيات الكرتونية الأكثر شهرة بين الأطفال. يلعبُ الكرة إذا وجد له شريكاً. يعشق تناول بيضة "كيندر" واكتشاف اللعبة التي تخبئها له، ولم يدرك بعد أن الشركة المصنّعة لها اعتمدت سياسة الفصل بين الجنسين، فاختارت اللون الأزرق للدلالة أو التأكيد على ذكوريته. ولم تنسَ أن تخصّ الفتاة باللون الزهري.

يتشاركُ هذه الصفات مع أطفال آخرين. إلا أنها لا تخوّله أو تخولّهم دخول المدرسة التي يريدون، حتى وإن قبلَ أولياء الأمور مرغمين دفع بضعة ملايين إضافية في المدارس الخاصة. بالنسبة للأهل، هناكَ معايير عدة تتحكم في اختيار مدرسة أطفالهم المستقبلية، منها اللغة الأساسية التي تعتمدها (الفرنسية أو الإنجليزية)، القسط السنوي، قربها من المنزل، سمعتها، وغيرها.

الحديث هنا عن المدارس الخاصة فقط، باعتبار أن تلك الحكومية لا تلبي طموحات الأهل، بسبب إهمالها من قبل المعنيين، حتى لو اضطروا إلى ذلك، بسبب ظروفهم المادية.
في بريطانيا، تتولّى مؤسسات التعليم المحلية مسؤولية مراقبة المدارس، والتأكد من عدم إقدامها على التمييز بين الأطفال، وصولاً إلى تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص. لا يمكن رفض طفل لأية سبب. وفي حال شعر الأهل بوجود تمييز ضد أطفالهم، بسبب العرق أو الجنس أو الجنسية أو الدين، فعادة ما يكون القانون لصالحهم. في هذا البلد وغيره من البلدان الأوروبية، يضطر الأهل إلى اختيار المدرسة القريبة من أماكن إقامتهم. يدفعهم هذا الشرط أحياناً إلى تبديلها، لضمان دخول أطفالهم إلى المدرسة المبتغاة.

يختلف الأمرُ تماماً في لبنان. تضع المدارس ذات السمعة الطيبة، والتي لا يستطيع دخولها إلا أطفال الطبقة الوسطى وما فوق، شروطاً غير معلنة لقبول التلاميذ، تعرفها وزارة التربية والتعليم العالي ومدراء المدارس والجهات الداعمة لها (سفارات، مؤسسات دينية، إلخ)، ويعرفها الأهل. تتضمن الشروط الوضع الاجتماعي والمادي لأولياء الأمور، طائفتهم، إتقانهم للغات الأجنبية، عدد المقاعد، وغيرها. ولا ننسى "الواسطة".
تُمارسُ هذه المدارس كل أشكال التمييز بحق الأطفال، بموافقة الأهل أنفسهم الذين يقبلون الإهانة بمجرّد تقديم طلبات الانتساب إليها والقبول بشروطها. مدارسنا لا تستحق أطفالنا. لن أقول إنه الأذكى. لكنه على الأقل، لم يعرف التمييز بعد.
دلالات
المساهمون