يبدأ الملك الإسباني الجديد، فيليبي السادس، اليوم الاثنين، زيارة إلى المغرب تستمر حتى غد الثلاثاء، هي الأولى له إلى بلد عربي، ولدولة خارج الاتحاد الأوروبي، بعد تنصيبه ملكاً على عرش إسبانيا قبل أسابيع قليلة. وتأتي زيارة الملك الشاب بعد جولة أوروبية شملت البرتغال والفاتيكان.
ويرى مراقبون أن قضايا الإرهاب، والهجرة، والاقتصاد، تخيم على أجندة أول زيارة لفيليبي السادس إلى الرباط، وسيتم استقباله من قبل من الملك المغربي، محمد السادس، الذي يقيم على شرف ضيفه الكبير حفل إفطار رسمي بمثابة وجبة عشاء، كما يلتقي ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ورئيسيْ مجلسي النواب والمستشارين.
ويؤكد الاختصاصي في العلاقات المغربية ـ الإسبانية، سمير بنيس، أن الزيارة التي يقوم بها الملك الإسباني إلى المغرب تكتسي أهمية كبيرة، وتبرهن على المكانة الكبيرة التي يحظى بها المغرب في السياسة الخارجية الإسبانية، ولا سيما أنها تأتي بعد أسابيع قليلة من تربّع الملك فيليبي على العرش.
ويقول بنيس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن هذه الزيارة تعتبر رسالة هامة توجهها مدريد إلى الرباط، وتوضح أن ملك إسبانيا يسعى إلى الحفاظ على متانة العلاقات التي لا تجمع فقط بين البلدين، بل كذلك بين العائلتين الملكيتين في الرباط ومدريد.
ولفت بنيس إلى ما اعتبره مستوى غير مسبوق في مجال التعاون الأمني واللوجسيتي بين المغرب وإسبانيا، في مجال محاربة الهجرة السريّة، ولا سيما في خضم تكاثر محاولات التسلل لمهاجرين سريين إلى سبتة ومليلية، فضلاً عن التفاهم والتنسيق الثنائي الكبير بين البلدين على صعيد محاربة الإرهاب، والجماعات المتطرفة.
وتأتي زيارة فيليبي السادس إلى الرباط، بالتزامن مع إعلان سلطات المملكتين عن تفكيك العديد من "الخلايا الإرهابية" في مدينتي سبتة ومليلية، اللتين توجدان على التراب المغربي وتخضعان للسيادة الإسبانية. وهي الخلايا التي تنشط في مجال تهجير "جهاديين" مغاربة شباب إلى سورية والعراق، للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) خصوصاً.
وكان المغرب قد رفع درجة تأهبه الأمني إلى أقصى درجة، مشدداً المراقبة على العديد من المؤسسات العمومية والخاصة الحيوية، والحراسة اللصيقة على المطارات والفنادق والأسواق الكبرى وغيرها، في سياق إعلان وزارة الداخلية عن وجود معلومات استخباراتية، تؤكد جدية تهديدات إرهابية ضد المغرب.
وفي هذا السياق، يقول رئيس "مركز الذاكرة المشتركة بين المغرب وإسبانيا"، عبد السلام بوطيب، إن زيارة الملك الإسباني للمغرب تأتي في وقت حساس، في ظل ما يتعرض له البلدان معاً من تهديدات تنظيمات متطرفة، إذ باتت منطقة شمال أفريقيا، وجنوب أوروبا، جاذبة لتجار الأسلحة والمخدرات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعتزم إسبانيا تعزيز تواجدها على رأس الشراكة التجارية للمغرب مع أوروبا، في ظل تمكنها، خلال السنوات الأخيرة، من أن تتقدم على فرنسا لتصبح أول شريك تجاري للرباط. ورفعت حصتها من الواردات المغربية إلى 13.5 في المئة، مقابل 12.9 في المئة بالنسبة لفرنسا.
ويوجه المغرب نحو 50 في المئة من صادراته في مجال الألبسة الجاهزة إلى إسبانيا، و48 في المئة من صادراته من فواكه البحر والقشريات والصدفيات والرخويات، و41 في المئة من صادراته من الأسلاك والكابلات الكهربائية. في المقابل، يستورد من إسبانيا 30 في المئة من الفيول والغاز، بالإضافة إلى آليات ومعدات صناعية وسيارات.
ولم تمر زيارة الملك الإسباني إلى المغرب من دون أن تظهر مطالب جمعيات ومنظمات حقوقية، إذ طالب مركز "الذاكرة المشتركة" الملك فيليبي السادس بالإقدام على قرارات شجاعة، بخصوص ما وصفه بـ"جرائم الحرب الإسبانية في منطقة الريف، وخصوصاً استخدام الغازات السامة خلال فترة احتلال إسبانيا للشمال المغربي".
وفي السياق، وجّه فرع منظمة العفو الدولية في إسبانيا طلباً للملك الإسباني كي يناقش مع نظيره المغربي، موضوع "التضييق على حرية الصحافة والرأي والتعبير، ومواجهة الأمن للمتظاهرين بالعنف المفرط" وفق تعبير المنظمة.