فيتو إيراني على العبادي... والسيستاني يلمح لرفض عودة المالكي

05 مايو 2018
حرب تصريحات متواصلة بين العبادي وقادة "الحشد"(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
أسبوع واحد يفصل العراقيين عن الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء برلمانهم الرابع بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، في ظل كشف مصادر سياسية عن وجود فيتو إيراني على تولي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ولاية ثانية، مقابل دعم طهران لتقارب بين تحالفي "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه نائب الرئيس العراقي نوري المالكي، و"الفتح" برئاسة النائب هادي العامري المقرّب من إيران. لكن هذا الدعم يصطدم برفض المرجعية الدينية في النجف لكل التدخّلات الخارجية وتلميح المرجع علي السيستاني إلى رفض عودة نوري المالكي إلى السلطة، بدعوته، على لسان ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أمس الجمعة، إلى "تفادي الوقوع في شباك المخادعين من الفاشلين والفاسدين، من المجربين أو غيرهم".

التقارب بين المالكي والعامري ينبغي أن يفضي إلى تشكيل كتلة سياسية قوية قادرة على الظفر بمنصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات المقرر أن تجرى في 12 مايو/أيار الحالي، بحسب قيادي في "دولة القانون"، أكد لـ"العربي الجديد" أن حظوظ العبادي في تولي ولاية ثانية أصبحت ضعيفة بسبب وجود اعتراضات داخلية متمثلة بجمهور مليشيا "الحشد الشعبي" الذي استفزه رئيس الوزراء العراقي أخيراً من خلال تأخيره صرف مستحقات المليشيا المالية، وأخرى خارجية يأتي في مقدمتها افتقاد العبادي للدعم الإيراني.

وأضاف القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الإيراني الإيجابي في العراق سواء كان عسكرياً أو سياسياً، كما لا يمكن نسيان مواقف طهران في تلافي الانقسامات الشيعية المتكررة"، مشيراً إلى أن مسؤولين إيرانيين زاروا العراق أخيراً أكدوا صراحة أنهم ضد ترشيح العبادي لولاية ثانية، وأن موقفهم سيبقى داعماً للتحالف بين المالكي والعامري في حال تم تشكيله بالفعل بعد الانتخابات.

في السياق نفسه، أكد المرشح عن "ائتلاف دولة القانون"، سعد المطلبي، وهو من المقربين من المالكي، أن الحديث عن التجديد للعبادي لولاية ثانية واستنساخ حكومته أمر صعب جداً بسبب انقسام الشيعة إلى خمسة تحالفات قوية، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن الوضع اليوم يختلف عن السابق. وشرح المطلبي أنه "في السابق كان لدينا التحالف الوطني فقط، ومن أراد تشكيل الحكومة حينها تحدث مع قياداته وتم الاتفاق على اختيار العبادي"، معتبراً أن التنبؤ في الوقت الحاضر غير ممكن بسبب ارتباط المسألة بمزاج الناخب العاطفي الذي قد يغيّر رأيه في اللحظات الأخيرة، لكنه استدرك أن "الشيء المؤكد أن ائتلاف دولة القانون سيكون الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان"، مشيراً إلى تقارب كبير مع تحالف "الفتح" التابع لـ"الحشد الشعبي".

وبشأن المسافة بين "الفتح" و"دولة القانون" من جهة، و"الفتح" و"ائتلاف النصر" بزعامة العبادي من جهة أخرى، قال المطلبي إن "الفتح أقرب إلينا بكثير". وأقر المطلبي، وهو عضو في مجلس محافظة بغداد، بوجود تدخّلات خارجية، مشيراً إلى أن "الإيرانيين أذكياء وسيتعاملون مع الواقع الذي يتلاءم مع مصالحهم". ورأى أن موضوع تشكيل الحكومة المقبلة لن يكون سهلاً على الأميركيين لأنهم لا يمكن أن يفتحوا خط تواصل وتفاهم مع تحالف "الفتح" الذي تقف وراءه "الحشد الشعبي"، موضحاً أن الانتخابات السابقة التي أجريت عام 2014 شهدت طبخة سياسية حرمت المالكي من تشكيل الحكومة حين تمكّنت القوى الخارجية من الاتصال بالجهات المعارضة له وتحريضها على عدم القبول به، وهذا الأمر قد لا يتكرر. وأشار إلى أن الخلاف بين "دولة القانون" و"ائتلاف النصر" متعلق بحكومة الأغلبية السياسية التي يطالب ائتلاف المالكي بتشكيلها، موضحاً أن ائتلافه غير مستعد للتعامل مع أي تحالف يعيد العمل بالمحاصصة والتوافق السياسي.


في المقابل، يبدو الفريق السياسي المقرب من العبادي غير مكترث بالحديث عن تلويح إيران بسحب يدها من دعمه لولاية ثانية. وأكد مستشار رئيس الوزراء العراقي، رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن العبادي يعوّل على جماهيره في الداخل وخصوصاً المحافظات المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، موضحاً على صفحته في موقع "فيسبوك" أن مستوى التأييد لقائمة العبادي "النصر" في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى "يثبت أننا أمام معادلة وطنية".

ويأتي الحديث عن دعم إيراني للمالكي والعامري على حساب العبادي، بعد نحو أسبوعين على لقاءات منفصلة جمعت السفير الإيراني في العراق ايرج مسجدي بالمالكي والعامري للاتفاق على تشكيل كتلة شيعية كبيرة قادرة على تشكيل الحكومة المقبلة، وفقاً لمصادر سياسية، أكدت أن العبادي الذي لم يكن ضمن دائرة لقاءات مسجدي، أصبح خارج إطار الدعم الإيراني للمرحلة المقبلة.

لكن المرجعية الدينية في النجف المتمثّلة بالمرجع علي السيستاني، قطعت الطريق على التدخّلات الإيرانية وغيرها، حين أكدت خلال خطبة الجمعة أنها ترفض أي تدخّل خارجي في الانتخابات، لأن العملية الانتخابية تمثّل حقا للعراقيين وحدهم. كما أعلن السيستاني عن دعمه للتعددية السياسية لحكم العراق خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يُعتبر نسفاً لمشروع الأغلبية السياسية الذي طرحه المالكي.

ولا يقتصر الرفض الإيراني للعبادي ودعم خصومه على الاتفاقات السرية، إذ وصل هذا الأمر إلى الشارع الذي يشهد حملات دعائية غير مسبوقة لتحالف "الفتح" المدعوم من إيران، كما قال عضو التحالف المدني العراقي عمر مؤيد، الذي أشار إلى أن الحملات الانتخابية لـ"الفتح" وصلت إلى كل مكان في العراق. ولفت مؤيد في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "تحالف الفتح جلب عدداً كبيراً من الشاحنات ووضع عليها شاشات كبيرة الحجم تبث أناشيد حماسية تروج لتولي رئيس التحالف هادي العامري قيادة المرحلة المقبلة"، مؤكداً أن الجميع يعلم أن الأموال الطائلة التي يصرفها التحالف التابع لـ"الحشد الشعبي" جاءت من إيران.

يأتي ذلك في وقت تتواصل فيه حرب التصريحات والمواقف بين العبادي و"الحشد الشعبي". وأكد رئيس الحكومة وجود فساد في صفوف قيادات "الحشد" تسبّب بمقتل مسؤول المالية في المليشيا قاسم الزبيدي، موضحاً خلال كلمة ألقاها الخميس الماضي في النجف أن بعض قيادات المليشيا يقومون بسرقة أموال المقاتلين وتوزيعها بينهم بالطريقة التي يريدون، متوعداً بملاحقتهم وإجبارهم على دفع ثمن أفعالهم. وأضاف "قبل عام ونصف تم تعنيف أحد المعنيين في الحشد الشعبي بسبب إخباره رئيس الوزراء بتفاصيل تخص أعداد وأموال المقاتلين وكيفية إدارة الملف المالي للحشد".
يشار إلى أن مسؤول مالية مليشيا "الحشد"، القيادي في حزب "الدعوة" الحاكم قاسم العبيدي، كان قد فارق الحياة الأحد الماضي بعد إصابته بجروح السبت إثر اعتداء عليه من قبل مسلحين مجهولين في منزله ببغداد.

المساهمون