فلاحو مصر يمتنعون عن توريد الأرز للحكومة

27 سبتمبر 2016
الحكومة تشتري المحصول من المزارعين بأسعار بخسة (Getty)
+ الخط -


يُحجم الآلاف من مزارعي الأرز في مصر، عن توريد محصولهم للحكومة، كما جرت العادة في كل عام، بعدما أدركوا أنها تشتري منهم هذه السلعة الاستراتيجية بأسعار تقل كثيراً عن تلك المتداولة عالمياً، ما ينذر بأزمة نقص في المعروض، يترتب عليها ارتفاع كبير في الأسعار محلياً.
وقال مسؤولون بوزارتي التموين والزراعة، في تصريحات صحافية لوسائل إعلام، إن ما تم توريده، حتى الآن، من المزارعين لم يتخط 25% من الكميات المطلوبة، على الرغم من حصاد أكثر من 70% من محصول الأرز للموسم الحالي، على مستوى الجمهورية.

وحددت الحكومة المصرية، أسعار توريد الأرز لصالح الشركة القابضة للصناعات الغذائية عند مستوى 2400 جنيه (270 دولاراً) لطن الأرز والشعير عريض الحبة، و2300 جنيه لطن الأرز والشعير رفيع الحبة، فيما يشتريه تجار بأسعار تزيد عن الحكومة بنحو 300 جنيه للطن.
وتسعى الحكومة لشراء نحو مليوني طن أرز من المزارعين، وقيدت التوريد بفترة زمنية 50 يومياً، تنتهي في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الجاري.

وقال خبراء لـ "العربي الجديد"، إن السياسات الخاطئة للحكومة، وراء إحجام المزارعين عن توريد محصول الأرز للمضارب، بعدما تولّد شعور لديهم بأنهم يتعرضون لخديعة ما، فالحكومة التي تشتري منهم الأرز بأسعار بخسة، تسمح للتجار بتصديره للخارج بأسعار تصل إلى ألف دولار للطن، كما حدث العام الماضي.
واعترضت لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية على الآليات التي أعلنتها وزارة التموين والتجارة الداخلية، لتوريد مليوني طن أرز وشعير من المزارعين.

وقالت اللجنة في مذكرة تقدمت بها إلى مجلس الوزراء، بعد أسابيع من بدء موسم حصاد الأرز، إن هذه الآلية تؤدي إلى نفس النتائج التي وصلت إليها منظومة توريد القمح، من فساد وإهدار للمال العام.
وتضمنت الآليات، الاستعانة بشركة تفتيش ومراجعة معتمدة من الهيئة العامة للسلع التموينية، تكون مسؤولة عن فحص ووزن الأرز من مضارب القطاع العام ومن القطاع الخاص، إلا أن الفحص لا يتم إلا بنهاية الموسم.

وقال الإعلامي أحمد موسى، في برنامجه "على مسؤوليتي"، المذاع على فضائية "صدى البلد"، إن جهات رقابية رفعت تقريراً على أعلى مستوى تحذر فيه من احتمالية حدوث أزمة في توريد الأرز مثل القمح.
وقال مستشار وزير التموين السابق، وأستاذ الاقتصاد الزراعي، عبدالتواب بركات: "المزارعون يفضلون الاحتفاظ بمحصول الأرز لأن السعر الذي حددته الحكومة لا يرضيهم، بل يحقق لهم خسائر كبيرة"، لافتاً إلى أن نقص مياه الري خلال موسم زراعة الأرز وغلاء أسعار إيجارات الأراضي، وتحصيل غرامات زراعة الأرز، أدت إلى زيادة تكلفة الإنتاج.

وأضاف بركات في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن من الأسباب التي تدفع المزارعين إلى الاحتفاظ بمحصول الأرز أيضاً، هو الإعلان المبكر للحكومة عن خفض المساحة المخصصة لزراعة الأرز، خلال العام المقبل، إلى جانب فرق السعر الكبير بين سعر الحكومة وأسعار التجار والأسعار العالمية.
وأشار بركات، إلى أن الحكومة دائماً تلوح باستيراد الأرز الرخيص، لكنها تعجز عن تنفيذ ذلك بسبب أزمة الدولار، وهو ما يخلق شعوراً لدى المزارع بأن الدولة تحتكره وتأخذ منه المحصول بربع السعر العالمي للأرز المصري الذي يعد من أفضل أنواع الأرز في العالم.

وأوضح مستشار وزير التموين السابق، أن حكومة عبدالفتاح السيسي تخلت عن برنامج السلع التموينية، الذي أقرته حكومة، هشام قنديل، في النصف الأول 2013، فهذا البرنامج كان يدعم الأرز عبر شرائه من المزارعين بأسعار تزيد بنحو 400 جنيه للطن، عن تلك التي يعرضها التجار.
ويرى بركات أن المزارع بات يشعر أن الحكومة تلتهم حقوقه لصالح التجار، خاصة أن الحكومة تحدد سعر الشراء عند مستويات منخفضة ما يحفز التجار على المنافسة، عبر وضع أسعار تزيد عن تلك التي حددتها الحكومة بفارق يبدو كبيراً، لكنها في الأساس يقل عن السوق العالمية بنحو 75%.

ويخزّن التجار المحاصيل التي يشترونها من المزارعين، لحين سماح الحكومة بتصدير الأرز، وهو ترخيص مؤقت تصدره الحكومة، من حين لآخر، بدعوى وجود فائض كبير في الدولة من هذا المحصول.
ويتراوح الاستهلاك المحلي من الأرز الأبيض بين 3 – 4 ملايين طن سنوياً. وتشير التقديرات إلى أن حجم الإنتاج خلال الموسم الحالي يقترب من 4.5 ملايين طن من الأرز، ما يعني أن الفائض قد يصل إلى مليون طن في المتوسط.

واستبعد بركات، تكرار عملية التوريد الوهمي لمحصول الأرز، كما حدث من قبل في توريد القمح، لافتاً إلى أن القمح يتم استيراده من الخارج بخلاف الأرز.
لكنه حذر من مخطط يستهدف تدمير زراعة الأرز، بالتواطؤ بين مسؤولين في الحكومة ورجال أعمال بارزين، لصالح مافيا الاستيراد، بحجة أن الأرز المستورد أرخص من المصري ويصل سعره إلى ربع السعر العالمي.

واتفق رئيس اتحاد الفلاحين، محمد فرج، بركات، في أن السياسات الخاطئة للحكومة هي التي تسببت في أزمة الأرز العام الماضي، والتي أدت إلى ارتفاع سعر كيلو الأرز من 4 جنيهات إلى أكثر من 8 جنيهات، لافتاً إلى أن الحكومة لم تعلن عن خطتها لاستلام الأرز من المزارعين وتوعية المزارعين بأهمية التوريد.



المساهمون