اقرأ أيضاً: إسرائيل تخفّض سقف التوقعات من جولة كيري في المنطقة
وكان حراك إجهاض الانتفاضة ووأدها قد بدأ عبر اتصالات مكثفة مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لكن ذلك لم يؤت ثماره، مما جعل رام الله هدفاً للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي زارها الأربعاء، فيما يرتقب أن يجري وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، زيارة قريبة إلى المنطقة، قد يلتقي خلالها عباس.
وتهدف هذه الزيارات والاتصالات إلى الحيلولة دون تطور الهبّة الجماهيرية إلى انتفاضة ثالثة في وجه الاحتلال. لكنّ الرهان على الشارع أكبر من الرهان على السلطة، إذ إنّ الشارع لا يزال في حالة غليان، ومن الصعب السيطرة عليه في ظل العدوان المتصاعد إسرائيلياً.
ويقول القيادي في حركة "حماس"، مشير المصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ الانتفاضة تحركت كموجة جماهيرية وهبة شعبية منذ البداية، دون أي قرار سياسي، وكانت قراراً شعبياً بامتياز، وردّاً على حالة الظلم والقهر التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضاً: استياء فلسطيني من بان كي مون: يساوي الجلاد بالضحية
ويوضح المصري أنّ محاولات التأثير على الحراك الجماهيري والانتفاضة سلباً، وفرض التراجعات عليها، وصولاً إلى إخمادها وإنهائها، باتت مكشوفة من جهات داخلية وإقليمية ودولية، وليس مستغرباً لأنّ "أربابه غير مؤمنين بالانتفاضة، ويريدون إعادة شعبنا إلى طريق التيه والمفاوضات والعملية السلمية من جديد".
ويؤكد المصري أنّ "الانتفاضة قد انطلقت ولا عودة للوارء، والدم الفلسطيني الذي يراق في كل يوم، والإعدام بسبب ارتداء الحجاب، والإجهاز على الشبهات، من قبل العدو الصهيوني، هو وقود لهذه الانتفاضة، وإشعال للهيبها، الذي تتمدد جغرافيته في كل يوم".
ويشير القيادي في "حماس"، إلى أنّ "المراهنين على إخماد الانتفاضة، عليهم أنّ يدركوا أنّهم لن يستطيعوا أنّ يقفوا في وجه خيار شعب بأكمله، وأن يدركوا تماماً أن هذه الانتفاضة قد انطلقت، وعليهم أنّ يمارسوا ضغطهم على العدو الصهيوني وليس على الشعب الفلسطيني".
غير أنّ المصري طالب الأطراف الفلسطينية بألاّ "تنساق مع هذا الحراك الصهيوني والأميركي لإخماد الانتفاضة، وألا تسجل في صفحاتها هذا الخداع والخيانة لدماء شهداء شعبنا"، مشيراً إلى أنّ "ما دون الانتفاضة فشل على مدار العشرين عاماً الماضية"، في إشارة إلى فشل خيار المفاوضات التي تجري محاولة إعادة إحيائها.
من جهته، يؤكد المتحدث باسم حركة "فتح"، فايز أبو عيطة، لـ"العربي الجديد"، وجود محاولات حثيثة يقوم بها كيري وبان كي مون من أجل وقف الهبة الجماهيرية، وإعادة الهدوء إلى الضفة الغربية والقدس مجدداً.
ويقول أبو عيطة إنّ كل المحاولات القائمة حالياً تضغط فقط على السلطة الفلسطينية وعباس، من أجل احتواء الجماهير، وتهدئة الأوضاع، دون بذل أي جهد وضغوط على الحكومة الإسرائيلية، من أجل وقف ممارساتها في المسجد الأقصى واعتداءاتها على المقدسات.
ويوضح أنّ كل محاولات تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية لن تنجح، إذا لم تدفع هذه الجهات الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف الاعتداءات اليومية، في ظل وجود إصرار جماهيري وشعبي فلسطيني بالدفاع عن مقدساته، أمام حالة الصمت الدولي عما يجري في المسجد الأقصى.
ويشير أبو عيطة إلى أنّ الحراك الشعبي الجاري في الضفة الغربية والقدس المحتلة "رد فعل طبيعي على استمرار الاحتلال الإسرائيلي في سياسته الحالية في التعامل مع الحقوق الفلسطينية، وعدم اعترافه بها أو التزامه بالاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية".
ويلفت المتحدث باسم "فتح"، إلى أنّ "الهبة الجماهيرية تميزت بعفويتها وعدم وجود أي توجيه من قبل القيادة الفلسطينية أو الفصائل، وهو ما أدى إلى عجز الاحتلال عن السيطرة عليها، أو التعامل معها، لذلك هو يريد بأي شكل تهدئة الأوضاع دون الالتزام بواجباته".
ويضيف أبو عيطة أن "هذه الهبة الجماهيرية ستتواصل ولن تتوقف، إلا بانتزاع كامل الحقوق الفلسطينية، التي يتنكر لها الاحتلال الذي استخف بقدرة الفلسطينيين على النهوض والدفاع عن نفسه، أمام ما يقوم به من إجراءات تعسفية بشكل يومي في مدن الضفة والقدس".
وفي السياق نفسه، يقول القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، أحمد المدلل، لـ"العربي الجديد"، إنّ المساعي، التي يقوم بها كيري وبان لوأد الانتفاضة، لن تنجح في احتواء الضغط الشعبي المتصاعد في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لافتاً إلى أنّ هذه المحاولات تهدف لإعادة السلطة الفلسطينية وعباس إلى طاولة المفاوضات، بطلب من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يريد الالتفاف على الحقوق الفلسطينية واستجداء الهدوء، للخروج من المأزق السياسي الذي يعيشه في المرحلة الحالية.
ويوضح المدلل أنّ التصدّي لهذه الجهود ينبغي أن يكون بدعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للانعقاد الفوري، للاتفاق على برنامج وطني موحّد يدعم الانتفاضة في الضفة والقدس، وبناء استراتيجية وطنية موحدة توفر كل عوامل النجاح لهذه الهبة الجماهيرية.
ويؤكد المدلل أنّ المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام هما الداعم الأساسي لهذه الانتفاضة، وسيعمل ذلك على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل ممارساته التهويدية بحق القدس والمسجد الأقصى، في ظل الصمت الدولي والعربي.
بدوره، يؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مزهر، لـ"العربي الجديد"، أنّ جهود بعض الأنظمة العربية والإدارة الأميركية والأمم المتحدة واللجنة الرباعية لاحتواء الانتفاضة لن تنجح أمام الإصرار الشعبي والجماهيري.
ويوضح مزهر أنّ انتفاضة الشعب الفلسطيني ستشهد مزيداً من التصاعد خلال الأسابيع المقبلة، أمام حالة الفشل الأمني، التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية، وعدم قدرتها على التصدي للهبة الشعبية.
ويشير إلى أنّ الجهود القائمة حالياً لإعادة السلطة الفلسطينية والرئيس عباس إلى طاولة المفاوضات يجب أنّ تتوقف، في ظل رفض الشعب الفلسطيني لخيار المفاوضات، الذي لم يحقق له أي مكسب سياسي طيلة 22 عاماً، والذي ساهم في تعزيز التغول الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية.
ويشدد مسؤول الجبهة الشعبية في القطاع على أنّ تشكيل قيادة فصائلية موحدة، تعمل على دعم الانتفاضة وتعزيز الفعل الجماهيري والميداني والدعوة إلى إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، السبيل الوحيد للتصدّي لكافة الجهود الحالية الرامية إلى احتواء الانتفاضة وإجهاض ثورة الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضاً: قيادي بـ"حماس" لـ"العربي الجديد": هناك مؤامرة لإجهاض الانتفاضة