فرنسا: الإسلاموفوبيا طريق الإعلام في الانتخابات

14 مارس 2015
"أوقفوا الاسلاموفوبيا" كان مطلب المتضامنين مع ضحايا شابل هيل(Getty)
+ الخط -
صنعت مدينة روبيه الحدث هذا الأسبوع في فرنسا. المدينة الشمالية شكّلت مادة دسمة في صفحات الجرائد وعلى مواقع التواصل، بعد التقرير الذي أعدّته صحيفة valeurs actuelles الأسبوعية حول المدينة التي عدّتها الصحيفة "المدينة رقم واحد إسلاميًا في فرنسا".

التقرير الذي نشر في الخامس من مارس/آذار الحالي تحت عنوان "روبيه، مدينة المساجد الستة"، يرسم بورتريه سوداوياً عنصرياً وطائفياً للمدينة؛ باعتبارها خارجة عن الهوية الفرنسية. في طريقة العرض يعمد معدّ التقرير على تصوير الأحياء الفقيرة، والتي تعيش "بؤسًا مزمنًا" كحاضنة للحالات الإسلامية التي تكوّنت بشكل مؤسسات وجمعيات مرتبطة بادارة إسلامية مركزية، تتبع لأئمة المساجد والمجالس التمثيلية للجاليات الإسلامية. ثم يشير إلى واجهات المحلات التي تحتوي على ملابس إسلامية نسائية (الحجاب والبرقع) في شارع Alma في الطرف الغربي للمدينة.

في القسم الثاني ينتقل الصحافي إلى الحديث عن غالبية "مهاجرة" تسكن في روبيه، ويقول: "أصبحت المدينة بأغلبية سكانها خارج البيئة الأوروبية وفقدت هويتها الوطنية. السكان ذوو البشرة البيضاء أصبحوا غرباء، وبالطبع هم لا يملكون إمكانات الرحيل".

لا يتناسى معدّ التقرير بيار-ألكسندر بوكلاي الإشارة إلى الحادث الذي صادف فريق العمل الخاص بـvaleurs actuelles إذ تعرّضت سيارة التصوير إلى اعتداء أثناء جمع المعلومات والصور في شارع Alma.

تصدّت يومية "صوت الشمال" (la voix du Nord) للتقرير، وأفردت تحقيقا مضادا يدحض المعلومات. ويقول برونو رونوي: "ليست المرة الأولى التي تذهب صحيفة طابعها ليبرالي محافظ إلى سق كليشيه وأكاذيب تظهر فرنسا على طريق الأسلمة. لقد اقتربت الانتخابات في المحافظات وهذا النوع من التقارير سيشدّ عصب الناخبين".

ويضيف: "كل ما ورد في تقرير الصحيفة اليمينية كاذب. الصورة المأخوذة لواجهات الحجاب والبرقع ليست في شارع Alma إنما في شارع lannoy ذات الغالبية الفرنسية. والحادث الذي ذكره صحافي valeurs actuelles مفتعل بما أنّه كان في حماية مناصري "الجبهة الوطنية" أثناء إعداد التقرير".

أما في ما يخصّ الأرقام الواردة حول نسبة 60 في المائة من سكان روبيه غير الفرنسيين يقول رونوي: "بحسب المركز الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، فإنّ نسبة المهاجرين الذين يحملون الجنسية الفرنسية تبلغ 19.3 في المائة ونسبة الأجانب تبلغ 10 في المائة، والنسبتان مجموعتان لا تساويان نصف الرقم الذي ذكره التقرير".

وفي ردّ على ما ذكره التقرير أيضا حول الطابع الراديكالي الذي تتميّز به مساجد المدينة، تقول صحيفة "ليبراسيون": "هنالك مسجد وحيد شهد دعوات سلفية، وقد تم وضع اليد عليه بعد الكشف عن خلية جهادية كان أفرادها يرتادون المسجد، وعرفت لاحقا بتصدير فرنسيين إلى العراق وسورية، أما باقي المساجد فمشهود لها إدانتها للعنف والتطرف الديني".

لاقى التقرير - الحدث صدى كبيرا كان في أغلبيته الساحقة رافضًا للصورة حول مدينة "روبيه". حتى عمدة المدينة المنتخب عن حزب ساركوزي غرّد على "تويتر" رافضًا كل ما جاء في التقرير، وقال "هذه مدينتنا ونحن نحبها، التقرير لم يحترم ذلك وذهب إلى سياسة السكوب الإعلامي".

ولا يمكن الحديث عن مدينة "روبيه" دون الاشارة الى اهميتها بالنسبة للانتخابات. وكان اليمين الفرنسي شديد الحرص على تصويرها بشكل دائم على أنها خير مثال على أسلمة فرنسا واتجاهها أكثر فأكثر نحو فقدان هويتها الوطنية.
وكانت ليديا غويروس عضو حزب الرئيس ساركوزي والهاربة من الجزائر خلال أحداث التسعينات قد أصدرت كتابا العام الفائت تحت عنوان "الله أكبر، الجمهورية أيضا" فيه تصوير لشهادات من مدينة "روبيه" ويحمل دعوة صارخة من أجل العلمانية والجمهورية وعدم التحالف مع الجبهة الوطنية ومحاربة الاصولية الدينية.


إقرأ أيضاً: مصانع الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة: الحقائق المرعبة