في الجزائر، تتميّز الاحتفالات بطقوس خاصة ما زال أهل البلاد يتمسكون بها. لم تغيّرهم التبدّلات الطارئة على المجتمع.
عادة نحر الأضاحي بشكل جماعي، معروفة في البلاد كسنّة متّبعة، وكذلك الإكثار من الصدقات في العيد. ويوم الأضحى الأول بالذات، تميّزه زيارة الأقارب، أحياءً وأمواتاً.
التحضيرات بدأت قبل أيام. والهم الأساس كان الأضحية. وبالرغم من ارتفاع الأسعار، فقد حاول الجزائريون ما أمكنهم تأمينها. وبما أنّ الأضحية تحتل هذا المركز المرموق، فالأسبوع الجاري كان مناسبة للفتية والأطفال في التباري بكباشهم، والتفاخر بها، من خلال مباريات شعبية في المبارزة تحوّل الحارات إلى ساحات مهرجان.
من جهتهن، تفضّل النساء طلاء الكباش بالحنّة التقليدية ليلة العيد. وتتوزع المهام، فالرجال يمارسون عملية النحر، أما ربّات البيوت فيقمن بتنظيف المنازل، وتحضير الأفرشة الفاخرة، لاستقبال الضيوف، كما يحضّرن الحلويات لتقديمها مع الشاي والقهوة يوم العيد.
بالنسبة لمآدب ما بعد نحر الأضاحي، فهي تختلف بين منطقة وأخرى وبين عائلة وسواها. وليس اللحم وحده ما يستخدم في المأكولات الجزائرية التقليدية، فهناك أحشاء الأضحية ورؤوسها، التي تلقى رواجاً في كثير من المناطق. وهذه الزوائد هي ما يأكله الجزائريون بالذات في اليوم الأول للعيد، بينما يحتفظ باللحم لليوم الثاني. ونتيجة لذلك تنتشر مقولة: "لا عيد بدون بوزلوف". والبوزلوف طبخة تقليدية يستخدم فيها رأس الأضحية.
كما أنّ أصحاب الأضحية لا يأكلون منها قبل أن يوزّعوا شيئاً من لحمها للفقراء.
إذاً فالكبش، وبخاصة صاحب القرنين الكبيرين، هو نجم العيد الأول. ومع ذلك، فإنّ فرحة الأطفال لا تكتمل إلاّ بالملابس الجديدة، والتباهي بها منذ ساعات العيد الأولى، وحتى نهاية أيّامه الأربعة. لكنّ معظم العائلات الجزائرية أبدت تذمراً شديداً هذا العام، بسبب قلة السلع المعروضة في الأسواق. فيما أبدى الكثيرون استياءهم من غلاء ملابس الأطفال.
كذلك، سبق العيد ازدحام كبير لشراء اللوازم، من خضر مختلفة وتوابل لتحضير الأطباق الخاصة، وهو ما ضاعف الأسعار. ويضطر المواطن الجزائري، في هذه الأحوال، إلى إنفاق مبالغ خيالية على المواد الغذائية فقط، بخاصة في ظلّ غياب رقابة الدولة على الأسعار.
أضحية ملغومة
سبق الأسبوع الأخير قبل العيد، إغلاق لأسواق المواشي في الولايات الجزائرية، استمر لأسابيع. وتميّزت إعادة فتح الاسواق بإجراءات احترازية لمنع انتشار الأوبئة، لا سيّما "اللسان الأزرق". فانتشرت فرق بيطرية لمراقبة الماشية. كما شهدت الأسواق حضوراً أمنياً كثيفاً.
على صعيد الأسعار، يؤكد الكثير من الفلاحين أنهم يبيعون الخراف للتجار بأسعار معقولة، وهو ما يصل معدله إلى 25 ألف دينار جزائري (300 دولار). ويعتبر هؤلاء أنّ السماسرة هم الذين يرفعون السعر بما يتجاوز الخمسين ألفاً (600 دولار).
لكنّ الأخطر، في هذا المقام، أن يبادر بعض مربّي المواشي إلى أساليب تسمين الكباش والخراف، بغرض تحقيق الربح السريع. ومن الأساليب المعتمدة، إضافة بعض المواد الكيميائية إلى الأعلاف، عندها يسمن الخروف، أو الكبش، خلال أقل من شهر، يسبق بيعه، ويضمن الأمر للبائع ربحاً أكبر، مع كلّ كيلوغرام إضافيّ، وذلك بالرغم من استمرار التحذيرات من احتمال الإصابة بالسرطان بسبب هذه المواد، التي تستخدم أساساً في أعلاف الدواجن.
نشاطات العيد