غوتيريس لقادة العالم بقمة العمل المناخي: الطبيعة ترد بغضب

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
23 سبتمبر 2019
B571006A-5A02-4ED0-A70F-8E18F7B26CFA
+ الخط -
افتتح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، اليوم الاثنين، قمة العمل المناخي في نيويورك، بحضور عدد من قادة العالم. وتهدف القمة إلى حث قادة العالم على تقديم اقتراحات عملية للحد من مخاطر التلوث البيئي والاحتباس الحراري والتخلي عن الوقود الأحفوري.

وقال غوتيرس في كلمته: "الطبيعة غاضبة، وسنخدع أنفسنا إن اعتقدنا أنه يمكننا أن نخدع الطبيعة، فهي ترد بغضب. إذا نظرتم إلى الأشهر الأخيرة، فإن شهر يوليو/تموز الأخير كان الأكثر سخونة على الإطلاق".
وأدرج غوتيريس عددا من الأمثلة حول تأثير التغيير المناخي والاحتباس الحراري على الحياة اليومية للبشر، إذ سجل العالم الصيف الأكثر حرارة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وأكثر شتاء بردا في النصف الجنوبي، وبين أعوام 2015 إلى 2019، سجل العالم ارتفاع درجة الحرارة بشكل مطرد.
وأضاف محذرا: "كرتنا الأرضية تطلق صرخة: توقفوا. إذا لم نقم بتغيير أساليب حياتنا بشكل ملح فإننا نعرض الحياة نفسها للخطر"، ودعا قادة العالم الحاضرين إلى الالتفات لما يحدث من تغيرات مناخية لم يعد من الممكن تجاهلها، وأعطى مثالا بارتفاع منسوب المياه في المحيطات، وهو ما يهدد باختفاء مدن كاملة من جراء ذوبان الأنهار الجليدية بسرعة غير مسبوقة، فضلا عن انتشار الجفاف وحرائق الغابات وزيادة التصحر ونقص موارد المياه وزيادة عدد الإعصارات وارتفاع حدتها.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "لا تخطئوا عندما ترون تلك الصور، فنحن لا نرى الأضرار فقط بل نرى المستقبل. وعلينا أن نتحرك الآن. ما زلت رغم كل ذلك متفائل، وما يدعوني للتفاؤل هو هؤلاء الحضور. وقت الكلام انتهى لأننا تكلما كثيرا، وهذه القمة ليست قمة نقاش بل تحرّك، وأنتم قدمتم إلى هنا بالتزامات بخصوص تحسين المساهمات الوطنية بحسب اتفاقية باريس".
في السياق ذاته، قال مسؤول في الرئاسة الفرنسية، اليوم الاثنين، إن مانحين دوليين كبارا سيقدمون مساعدات إضافية بقيمة نصف مليار دولار لحماية الغابات المدارية، بما في ذلك غابات الأمازون التي تستعر فيها حرائق. وأضاف على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ، أن فرنسا ستساهم بمبلغ 100 مليون دولار في هذه الحزمة.

ووجه غوتيريس تحية للشباب الحاضرين، وأثنى على الحلول التي قدموها، وعلى إصرارهم على أن يتحمل الجميع المسؤولية، وأن يتحرك العالم بسرعة، وأضاف: "إنهم على حق. لقد فشل جيلي في تحمل مسؤوليته في حماية كوكبنا، ويجب أن يتغيّر هذا. حالة المناخ الطارئة هي سباق نخسره الآن، لكنه سباق يمكن أن نفوز فيه. نحن الذين تسببنا في أزمة المناخ، ويجب أن نوجد الحلول، والتكنولوجيا معنا".

وقال غوتيريس إن "خارطة الطريق موجودة، والدراسات العلمية تؤكد أن ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 1.5 درجة مئوية سيؤدي إلى ضرر لا يمكن تغييره في منظومتنا البيئية، والعلم يؤكد أنه ما زال هناك وقت لحل المشكلة. لكن ذلك سيتطلب تغييرات جذرية في مجتمعاتنا. يجب ربط التغير المناخي بنموذج جديد للتنمية، وبعولمة عادلة، ومعاناة أقل، ومساواة أكثر بين البشر على الكوكب".


ودعا إلى زيادة الدعم المالي لصندوق المناخ، والوفاء بالعهود التي قطعتها الدول المتقدمة لتوفير 100 مليار دولار من مصادر عامة سنوياً بحلول عام 2020 لدعم ومساعدة الدول النامية، وتطبيق الأهداف التي وضعت في اتفاقية باريس، واستثمار الزخم للعمل المستقبلي والقمم التي ستعقد في تشيلي نهاية العام وفي بكين ولشبونة ونيويورك مستقبلاً.

وختم غوتيريس كلمته بمناشدة العالم التركيز على المسؤولية الفردية والجمعية، قائلاً: "أرفض أن أكون شريكاً في تدمير بيتنا الوحيد. لن أكون شاهداً صامتاً على جريمة تدمير حاضرنا، وحقنا في مستقبل مستدام. لن أكون موجودا وقتها، لكن حفيداتي سيكن هناك، وأحفادكم أيضا، ومن واجبنا جميعاً أن نفعل كل شيء لوقف أزمة المناخ قبل أن توقفنا".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة عددا من الشباب لتقديم مداخلات أمام القادة المجتمعين في القاعة، وكان بين هؤلاء الناشطة السويدية غريتا ثونبورغ، والتي وجهت كلمات صريحة للقادة المجتمعين، وقالت إن الشباب حول العالم يراقبهم، ويراقب ما إذا كانوا سيفون بوعودهم في القمة. "لقد سرقتم أحلامي وطفولتي من خلال كلماتكم الفارغة، وأنا واحدة من الشباب المحظوظين. كيف تجرؤون على ذلك؟".

مسيرات واشنطن ضد تجاهل التغير المناخي (ماندل نجان/فرانس برس) 

وفي خطوة مفاجئة، حضر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى قاعة مؤتمر المناخ، وتصادف حضوره مع مداخلة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قبل أن يغادر القاعة بعد قرابة عشر دقائق، دون أن يقدم مداخلة، إذ لم ترسل بلاده أي مسؤول رفيع المستوى إلى القمة.

وشهدت الأيام الأخيرة مسيرات ووقفات حاشدة في أنحاء العالم، قادها طلاب المدارس، لتنبيه العالم إلى مخاطر التغير المناخي وتأثيره على حياة البشر على كوكب الأرض، ويسعى نشطاء للضغط على الساسة الأميركيين بإغلاق محاور الطرق الرئيسية في العاصمة واشنطن، اليوم الاثنين، للفت الانتباه إلى قمة الأمم المتحدة للمناخ التي سيحضرها زعماء دول صغيرة على جزرمهددة من ارتفاع منسوب مياه البحار.
وقالت كايلا بامبرغر، المتحدثة باسم جماعة (إكستينكشن ريبليون)، وهي واحدة من نحو 24 جماعة مشاركة في الاحتجاج الذي يطلق عليه اسم "أغلقوا واشنطن": "شيء واحد تعلمناه، وهو أن إغلاق مدينة وسيلة فعالة جدا لتوصيل فداحة أزمة المناخ"، بحسب وكالة "رويترز".
وتروج جماعة إكستينكشن ريبليون، التي تقول إنها مدعومة من مئات العلماء، لعصيان مدني سلمي للضغط على الحكومات من أجل الحد من انبعاثات الكربون، والحيلولة دون وقوع كارثة مناخية.
وعطلت الجماعة في إبريل/نيسان الماضي، أجزاء من لندن لمدة أكثر من 11 يوما، فأوقفت القطارات، وشوهت واجهة شركة شل العملاقة للطاقة.

ذات صلة

الصورة
سياح عند بحيرة ياسمينة في صحارى مرزوكة - جنوب شرق المغرب - 20 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

أحيت الأمطار الغزيرة، التي هطلت أخيراً في جنوب شرق المغرب، بحيرات وبركاً مائية كانت قد نضبت لسنوات بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في الصحارى.
الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
غوتيريس خلال المقابلة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 16 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

وقعت أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة على رسالة لدعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رداً على إعلان إسرائيل أنه "شخص غير مرغوب فيه".
الصورة
جنود إسبان من "يونيفيل" قرب الخيام، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

سياسة

تُظهر الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وكأن القوة الأممية باتت في آخر أيامها في لبنان.
المساهمون