يرفض الفلسطينيون الخضوع لتهديدات الاحتلال، وهم متمسكون بالبقاء في منازلهم رغم الأخطار المحدقة بهم جراء العدوان الإسرائيلي.
فالمواطن رجب ورش آغا من بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، أصرّ على البقاء في منزله رغم تلقيه اتصالاً هاتفياً وتسجيلاً صوتياً وإلقاء منشور من طائرة إسرائيلية على سطح منزله، ورغم تزايد التهديدات لمنطقة بيت لاهيا على وجه التحديد.
فقد ألقت طائرات إسرائيلية عشرات المنشورات التي تطلب من سكان بيت لاهيا إخلاءها بداعي "تجنيب المدنيين عمليات الجيش التي تهدف إلى وقف إطلاق النار". ومع هذه المنشورات، بُثت عشرات الاتصالات المسجلة عبر هواتف منازل المنطقة، تدعو السكان لمغادرتها إلى منطقة "جباليا البلد".
وقال ورش آغا لـ"العربي الجديد": "اتصلوا بي بشكل مباشر، واتصلوا عبر أسطوانة مسجلة على هاتف منزلي وسقطت مناشيرهم أمامي... لم أخرج من بيتي ولن أخرج". ورأى أن الجيش الإسرائيلي، إذا أراد القيام بعملية برية، فهو لا يطلب من السكان إخلاء مناطقهم، "لكن ما يجري الآن حرب نفسية".
إلا أن سكان المناطق القريبة من الحدود اضطروا للخروج من منازلهم والذهاب إلى منازل أقارب لهم وإلى مدارس افتتحتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لإيوائهم. ويقطن العشرات في مناطق التماس قرب الحدود الشمالية للقطاع، ويعملون في الزراعة.
وفي مدرسة للإيواء في مخيم جباليا، قالت تسنيم الرواغ لـ"العربي الجديد"، إن خروجها وأطفالها من المنزل جاء نتيجة قربهم من الحدود وخوفاً على الأطفال من أن يصيبهم مكروه. غير أنها أشارت إلى نيتها العودة إلى منزلها في غضون يومين إن لم يحدث اجتياح بري.
من جانبه، اعتبر الناطق باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إياد البزم، أن "التحذيرات والرسائل الصوتية والاتصالات التي كثفها الاحتلال على سكان شمال القطاع، هي حرب نفسية تهدف لإرباك المواطنين وبث الذعر في نفوس الناس".
وفي السياق، استبعد المحلل السياسي، أسعد أبو شرخ، إقدام الاحتلال الإسرائيلي على حرب برية ضد قطاع غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل "بطبيعة الحال في مأزق سببه المقاومة الفلسطينية، لذلك تريد الخروج من هذا الموقف عبر تهديداتها وتصدير أزماتها".
وقال أبو شرخ، لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل تحاول شنّ حرب نفسية على الفلسطينيين، وذلك بتصوير دباباتها وكأنها جاهزة للاقتحام، من أجل التذكير بدور جيشها الذي تقول إنه لا يُقهر"، لافتاً الى أن المقاومة سبقتها بعمليات نوعية مثل اقتحام الضفادع البحرية لمواقعها العسكرية، أو استخدام صواريخ "الكورنيت" لضرب الآليات العسكرية، إضافة إلى مواصلة إطلاق الصواريخ.
وأوضح أبو شرخ أن الاحتلال متردد في القيام بعملية برية "لأنه يدرك الثمن الباهظ الذي سيدفعه، وهو يلوح بالقيام بعملية كهذه، للتغطية على ما يرتكبه من جرائم عن طريق القصف المتواصل لقطاع غزة وسلاح التدمير ضد المواطنين المدنيين، إضافة للاستمرار في جرائمه".
على الجانب الآخر، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة ناجي شراب، أن احتمال الحرب البرية قائم، ولا يمكن أن نقول إنه ليس هناك شكل من أشكاله، لكن احتمال حدوثه خاضع لما تم إنجازه على أرض الواقع، وفي حال عدم حدوثه خلال اليومين القادمين، فاحتمالات حدوثه تتضاءل.
وأضاف شراب لـ"العربي الجديد": "إسرائيل تحاول أن تستخدم الحرب البرية ورقة ضغط على حركة حماس، وفي الوقت نفسه تدرك أن تلك الورقة تفقد قيمتها في ظل عدم تخفيض نسبة إطلاق الصواريخ من غزة". وأوضح أن "هناك حالة من التردد داخل إسرائيل تجاه الحرب البرية، واحتمال حدوثها يقتصر على شكل محدد كالتوغل في مناطق محددة".
ولفت شراب الى أن عمليات الإنزال البحري الإسرائيلي الأخيرة (التي تصدت لها كتائب القسام وسرايا القدس) كانت اختباراً لمدى جاهزية المقاومة للحرب البرية، مشيراً إلى أن ما يعين إسرائيل هو عدم وجود تحركات دولية وعربية وإقليمية نحو فرض عملية التهدئة، وأنها تسعى من وراء التلويح بالحرب البرية لدفع "حماس" باتجاه التهدئة.