وردد المشاركون في المسيرة المركزية بمدينة عرابة، شعارات تؤكد على حقهم في الأراضي التي احتلها وصادرها الكيان الصهيوني، وتلك التي ما زال يحاول سلبها منذ عام 1948 وحتى اليوم. وسبق مسيرة عرابة مهرجان في منطقة راس جرابا في النقب التي يخطط الكيان لإخلائها.
ولطالما اعتبر اضراب يوم الأرض الأول في 1976 نقطة تحول في نضال فلسطينيي الداخل، وهو الإضراب الذي أغضب قادة الكيان، ودفعهم قبل خروج الفلسطينيين لاجتياح البلدات العربية ليلة يوم الأرض، بالمدرعات والدبابات، وإطلاق النيران بشكل عشوائي، ما أدى لاستشهاد خير ياسين من بلدة عرابة، وفي اليوم التالي لحق به 5 شهداء آخرون هم: خضر خلايلة، وخديجة شواهنة ورجا أبو ريا من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت الزهيري من مخيم عين شمس، والذي استشهد بمدينة الطيبة في الداخل.
واعتبرت لجنة المتابعة في بيان لها، أن "هذه الذكرى التاريخية، العنوان الأكبر لمسيرتنا الكفاحية، من أجل البقاء والصمود في الوطن، الذي لا وطن لنا سواه، وخاصة أننا ما زلنا نخوض معارك من أجل الحفاظ على القليل المتبقي من أرضنا".
وبدأت نشاطات اليوم بزيارة أضرحة شهداء يوم الأرض ووضع أكاليل من الزهور على أضرحتهم، ومن ثم كانت مسيرات ونشاطات محلية في بعض البلدات، وصولا إلى المسيرة المركزية في مدينة عرابة.
مع انتهاء المسيرة والوصول إلى مكان إقامة المهرجان الخطابي المتوج للمسيرة، حدثت مشاحنات بسبب رفع قلة من الأفراد علم النظام السوري.
كما أدى رفع العلم إلى انسحاب شخصيات مختلفة مشاركة في مسيرة يوم الأرض في عرابة لعدم احترام القرار الوحدوي برفع العلم الفلسطيني فقط خلال نشاطات يوم الأرض.
دفاعا عن الحياة الكريمة
جليلة، ابنة شهيد يوم الأرض رجا أبو ريا، قالت في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "منذ 1976 حتى اليوم، فإن يوم الأرض ليس مجرد ذكرى نحييها بمسيرة ونشاطات. يوم الأرض هو رسالة الشهداء لنا بأن نتابع المسير ونسير على الدرب وأن نوصل رسالة لأولادنا وأحفادنا من بعدنا حول قيمة الأرض. في هذه الذكرى نؤكد مجددا على أهمية أن نكون موحدين وأن نكون على قدر التحدي وإلا فلن نستطيع مواجهة المؤسسة الإسرائيلية".
وأردفت أبو ريا أن "الشهداء عندما استشهدوا فإنهم خرجوا ليدافعوا عن الحياة الكريمة ولم يكونوا هواة موت، ولذلك يجب أن نكون على قدر المسؤولية ونقدّر الثمن الذي دفعوه وهو أرواحهم".
وعقبت أبو ريا على الأحداث التي يشهدها قطاع غزة اليوم في مسيرة "العودة الكبرى"، مشيرة إلى أن "غزة اعتادت أن تدقع ثمنا باهظا دائما بأرواح أبنائها، ولكن اختيار ذكرى يوم الأرض تحديدا لتنظيم برنامج ضخم، هو دلالة أخرى على رمزية هذا اليوم وأهميته لشعبنا الفلسطيني في كل مكان".
وأضافت: "شهداء آخرون يرتقون في غزة اليوم لأجل الأرض وقيمتها بالنسبة لشعبنا. هناك كل يوم يوجد شهداء. قضيتا كفلسطينيين واحدة أينما كنا، ودمنا واحد وهمنا واحد وهو أرضنا وهويتنا.. وكرامتنا، وإلا فلن نستطيع أن نعيش حياة كريمة".
"أرض أكثر وعرب أقل"
من جهته، قال النائب في الكنيست الإسرائيلي عن القائمة المشتركة، مسعود غنايم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "شعبنا ما زال يكافح ويناضل من أجل وجوده وهويته ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من أرضه. الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ما زالت ماضية في مخططاتها، التي كان عنوانها وما يزال أرض أكثر وعرب أقل".
وأضاف غنايم: "الأسباب التي أدت إلى يوم الأرض 1976، من مصادرة الأرض ومحاولة طمس الهوية، هي أيضا ما زالت قائمة حتى يومنا هذا. ونضال الشعب الفلسطيني مستمر في كل أماكن تواجده. وما يحدث اليوم في قطاع غزة من خلال مسيرة العودة يقول الكثير حول أهمية هذا اليوم، وكذلك هي محاولة لمخاطبة الضمير العالمي، على اعتبار أن قضية اللاجئين البعض نسيها أو يحاول أن يتناساها، لذلك من حق شعبنا بالتالي أن يثير هذه القضية وأن يحاول العودة. وهي رسالة أيضا بأن شعبنا الذي صمد في يوم الأرض وقدم التضحية وضريبة الدم، هو على استعداد أن يضحي مرة أخرى، بل مرات، في سبيل وجوده وهويته".
إسرائيل تخاف الزحف
وعقبت النائبة حنين زعبي، حول مسيرة العودة الكبرى في غزة، قائلة إن "غزّة تُعيد ليوم الأرض روحه النّضاليّة ومن حصارها ما زلنا نتعلّم"، مستدركة في بيان وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد"، بأن "هذا الإبداع النضالي الخارج من الحصار، دليلٌ على أنّ الحريِة الحقيقية هي حرية الإرادات، فهنالك إرادات مقموعة ولو أطلقت سراحها، وهناك إرادات حرّة ولو حاصرتها".
وتابعت "مسيرة العودة هي تجسيد لقدرة شعبنا على إعادة تشكيل أدوات نضاله، وهذا الزحف البشري دليل على أنّ الشّعب هو قوّة النضال الحقيقية. وهذا ما تخافه إسرائيل ولا تعرف التّعامل معه، ليس انتظار الفرج الإسرائيلي، ولا المسار الدبلوماسي، ولا إغراق غزّة بمزيد من الظّلام والعقوبات. إسرائيل تخاف هدير الشعب.. فليهدر وليبتعد عن طريقه كلّ من يُعيقه، ولتكن مسيرة العودة مؤشِّر المرحلة القادمة، ولتعلن عن موت هذه المرحلة".
معركة الأرض في النقب
الأمر نفسه أكدته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، بعدما قالت في بيانها إن "ذكرى يوم الأرض تحل في ظل استمرار معركتنا على ما تبقى من أرض مهددة بالمصادرة. والمعركة على توسيع مناطق نفوذ مدننا وبلداتنا لنستعيد بعضا من أراضينا المصادرة. كما أن المعركة مستمرة لإنقاذ مقبرتي عزالدين القسام في حيفا، وطاسو في يافا، وإنقاذ ما تبقى من مقابر ومساجد وكنائس في القرى الفلسطينية المدمّرة".
وشدد البيان على أن "المعركة الأكبر من حيث حجم المؤامرة والمساحة، هي في النقب، الذي تواجه فيه جماهيرنا منذ عشرات السنين مؤامرات المصادرة والاقتلاع من الأراضي، وتدمير البلدات لغرض إقامة المستوطنات. إن كانت السلطات قد أعلنت عن تجميد مشروع برافر رسميا، إلا أن هذا المشروع الخطير قائم فعليا على الأرض، فها هي قرية العراقيب تسجل الذروة بعد الذروة في عدد جرائم الهدم، فيما خطر التدمير والتهجير يداهم قرية أم الحيران. والخطر يتفاقم على قرية الفرعة وجوارها".