عيدهم في السجن

18 يوليو 2015
+ الخط -
أن تحتفل بالعيد فهذا حق لك، أن لا تنسي آلاف المظلومين الذين يقضون أعيادهم في السجون، فهذا حقهم عليك.
انتهي رمضان، ويأتي عيد الفطر المبارك، وفي السجون آلاف الأبرياء يقضون العيد في ظلمتها، وتحت قهر السجان، تماماً كما قضوا الشهر الكريم.
بدءاً من تهم التظاهر، وانتهاءا بحمل روايات كرواية جورج أورويل، 1984، مروراً بتهم من عينة انتقاد النظام الحاكم، كما تتحفنا وزارة الداخلية المصرية، بين حين وآخر، بأخبار القبض علي مواطنين يديرون صفحات معارضة للنظام القائم، تبقي حقيقة واحدة، آلاف الأسر ستقضي عيدها متحسرين علي أعياد مضت، كانت قد جمعتهم بأحبائهم، قبل أن يخطفهم النظام من بين ظهرانيهم، قتلا أو اعتقالا.
"عيدهم في السجن" هو عنوان فعالية أقامتها حركة طلاب مصر القوية، للتدوين عن المعتقلين في عيد الفطر المبارك، على مواقع التواصل الاجتماعي، وعنوان المقال مقتبس منه.
قررت أن أدعم الفكرة، أن أكتب عن المعتقلين، دونوا عنهم، خلدوا أسمائهم، إن كنا لا نستطيع إخراجهم من سجونهم، فعلى الأقل لا ننساهم. اكتبوا عن شبابٍ كل ذنبهم أنهم حلموا بغدٍ أفضل، عن شباب يدفعون فاتورة أحلام جنرالٍ، يظن أنه لن يقدر عليه أحد، من أحمد بديوي وياسين صبري وغيرهم من شباب مصر القوية، إلى عشرات الآلاف من الإخوان المسلمين، مروراً بأحمد ماهر وهاني الجمل ومئات المعتقلين من "6 إبريل"، وغيرهم من شباب الثورة. يدفع المصريون فاتورة حكم زعيم فلاسفة وسياسيي العالم.
احترت عمّن أكتب من بين كل هؤلاء في السجون، تمنيت لو أن مقالي يمتد لأكتب عن كل شخص قضى يوما واحدا معتقلا من أجل غيره، قبل أن يكون لأجل نفسه، اخترت نموذجين من المجهولين الذين لا يعلم أحد عنهم شيئا، والمجد كل المجد لهؤلاء المجهولين.
الأول في محافظة كفرالشيخ. عقب استشهاد طلاب الحربية في استادها الرياضي، اعتقل الأمن عشرات من الساسة المعارضين، وقام بتعذيبهم، وممن اعتقلوا طالب في الثانوية العامة، اسمه عمار الديب، اعتقل مع والده عقب التفجير، منع من حضور امتحاناته، وأطلق سراحه عقب انتهائها، ما زال والده معتقلا مع مجموعة أخرى، أغلب الظن أنه سيتم إخراجهم للإعلام خلية إرهابية، مثل صهيب عمر ورفاقه.
النموذج الثاني عمر ياسر شاهين، اعتقل في المنصورة، قبل عام ونصف، وهو في الصف الثاني الثانوي، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات، في قضايا من فصيلة التظاهر والتحريض على العنف. قضى عمر سنة المرحلة الثانوية كاملة داخل السجن، ذاكر عمر وامتحن خلالها وحصل علي مجموع يزيد عن 98%، هنأه والده في "فيسبوك"، والده الأستاذ في كلية الطب لا يستطيع زيارته حتى لتهنئته.
أكد الجنرال الحاكم، في أحد خطاباته، علي وجود مظلومين في السجون، انتظرته في الجملة التالية أن يعلن قرارا بالإفراج عن هؤلاء المظلومين، لكنه أكد علي ضرورة أن يُسجَن ناس لكي يعيش الآخرون. ورأيي أننا لو سجننا الجنرال ورفاقه ستحظي مصر بأكبر قدر من الاستقرار، وأقل قدر من الخسائر، فجيل العواجيز الذي يؤيده لن يتظاهر من أجله، أو ضد غيره، ويُخَرٍّب البلد كما يَدَّعُون على الشباب الذي يتظاهر ضده، فهل يُضَحي الجنرال، من أجل مصر التي طالما ترنم باسمها؟
لطالما كانت الثورات نبيلة، ولطالما كانت الانقلابات ظالمة، دائما الثوار يُسْتَشهَدُون ويدفعون أرواحهم وحرياتهم ثمن أحلامهم، ودائما ما تدفع الشعوب ثمن طموحات الإنقلابات العسكرية. لكن، يظل ثابتا أن التاريخ يضع الثوار في خانة البطولة، ويضع سجانيهم في خانات أخرى مضادة.

37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
محمد عادل (مصر)
محمد عادل (مصر)