عودة الحريري من الرياض: كأن الاستقالة لم تكن

05 مارس 2018
سيُعلن الحريري أسماء مرشحيه للانتخابات (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
أعادت الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، إلى السعودية، الحرارة إلى العلاقات الثنائية بينه وبين آل سعود، وبين بيروت والرياض، بعد أشهر من غموض النوايا السعودية تجاه لبنان.

وساد هذا الغموض، إثر الاستقالة غير الطوعية للحريري التي أعلنها من المملكة، نهاية العام الماضي، ثم إيفاد المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا إلى بيروت، في زيارة "بالغة الدبلوماسية والإيجابية".

قضى الحريري مُعظم الأسبوع الماضي في ضيافة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ونجله وولي عهده محمد بن سلمان، قبل أن يُغادر الأخير إلى القاهرة، ويعود الحريري إلى بيروت، حاملاً سلة إجابات انتخابية محلية واقتصادية، بعد لقاءاته السعودية، وذلك على أبواب الانتخابات النيابية المرتقبة في لبنان، والمقررة في مايو/أيار المقبل.

وشكّلت زيارة رئيس كتلة "المستقبل" النيابية النائب فؤاد السنيورة، مساء الأحد، أول محطة للحريري في بيروت، وأول ترجمة مُباشرة لما اتّفق عليه الحريري مع بن سلمان في الرياض.

عاد رئيس الحكومة عن قراره إبعاد السنيورة عن دائرة صنع القرار، وتمنّى عليه الترشّح عن أحد المقاعد السُنيّة في مدينة صيدا. وهو ما يُنهي الأزمة التي استجدت بين الحريري والسنيورة، منذ قرار الحريري، انتخاب حليف "حزب الله"، ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومعارضة السنيورة العلنية لهذا التوجّه.

وقد أعلن السنيورة، اليوم الإثنين، عزوفه عن الترشّح للانتخابات "دون أن يعني ذلك الابتعاد عن تيار المستقبل"، بحسب ما قال، في مؤتمر صحافي.

وأضاف السنيورة، خلال المؤتمر الذي عقده في مجلس النواب، أنّه "مُستمر في المسيرة السياسية التي انطلق بها مع الرفيق والصديق رفيق الحريري".

ورغم قرار السنيورة، فقد حفظ الحريري ماء وجه الرجل، وحافظ على موقعه القيادي في "تيار المستقبل"، بعكس شخصيات إعلامية وسياسية أُخرى في صف الحريري، كانت محسوبة على وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، والتي ابتعدت عن دائر الضوء، مع نقل الملف اللبناني في الديوان الملكي السعودي من السبهان إلى المستشار العلولا.

ومن المنتظر أن يُعلن الحريري، بين اليوم الإثنين وغد الثلاثاء، أسماء مُرشحي "تيار المُستقبل" للانتخابات النيابية، قبيل إغلاق باب الترشح مُنتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء.

ومع تخصيص العلولا، لرئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، بلقاء مُطوّل، خلال زيارته إلى بيروت، الشهر الماضي، في انعكاس للعلاقة السياسية المتينة بين الطرفين، فإنّ ملف التحالف بين جعجع والحريري في الانتخابات النيابية، سيعود إلى طاولة البحث، بعد أن فشلت اللقاءات الثنائية العديدة التي عقدها الحريري مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، في صياغة تحالف واسع في الانتخابات.

علماً أنّ التحالف السياسي العام بين "الوطني الحر" و"القوات"، غير قابل للتطبيق انتخابياً، في ظل تشابك العلاقات السياسية لمُختلف القوى، الواقعة في أزمة صياغة التحالفات، في ظل القانون الانتخابي الجديد.


وإلى جانب الانعكاس الانتخابي، لتبادل الزيارات بين العلولا والحريري، وابتعاد السبهان الذي التصق اسمه بالتصعيد السعودي السياسي والاقتصادي ضد لبنان، بذريعة "محاربة حزب الله"، فإنّ الإيجابية التي تحدّث بها الحريري عن الزيارة، لا بد من أن تنعكس على مشاركة المملكة في المؤتمرات الثلاثة لدعم لبنان، والتي تنعقد في العاصمة الفرنسية باريس (دعم الاستثمارات) والإيطالية روما (دعم الجيش) والبلجيكية بروكسل (مساعدة لبنان في ملف اللاجئين السوريين).

ومن شأن استعادة الدعم المالي السعودي، أن تُعيد للحريري بعض الرصيد السياسي الذي خسره، في زيارته السابقة للمملكة، في حين يبقى القلق حاضراً مع ارتباط رصيد ومصير الحريري السياسي في لبنان (ومعه مصير رئاسة الحكومة) بالمزاج السعودي المُتقلّب.

المساهمون