عن مواجهة العنصريّة في لبنان

12 يوليو 2016
حراك من أجل اللاجئين في لبنان (العربي الجديد)
+ الخط -
يرفع عدد من اللبنانيين شعار "كلنا لاجئون" في سياق التحضير لمسيرة يوم الاثنين المقبل تحت هذا الشعار، لرفض الخطاب العنصري الآخذ في التصاعد لبنانياً. لا بد من توجيه شكرٍ لهؤلاء، على المبادرة التي أطلقوها، في ظلّ صمت مطبق من قبل معظم القوى الحزبية والسياسيّة الفاعلة في البلد. تمني رئيس الحكومة اللبنانيّة تمام سلام الابتعاد "قدر الإمكان عن السقوط في أفخاخ الإستثمار السياسي لهذا الملف الحساس والدقيق جداً (اللجوء)"، لا يجد صداه حتى لدى المؤسسات الرسمية الأمنيّة والسياسيّة.

فلا وزارة الداخليّة وضعت حداً لإجراءات البلديات العنصرية بحق اللاجئين، مثل منع التجوّل منذ ساعات المساء حتى الفجر، أو طرد اللاجئين من بعض البلدات، أو التفتيش المفاجئ لأماكن تواجدهم. ولا القوى الأمنيّة أوقفت حملات الاعتقال العشوائيّة، التي تطاول آلاف اللاجئين شهرياً، بذريعة عدم امتلاكهم أوراق إقامة قانونيّة؛ مع الإشارة إلى أن شروط تجديد الإقامة لعدد كبير منهم تُعدّ تعجيزية، إن على المستوى المالي أو لجهة تأمين الأوراق المطلوبة. وترتفع حدة هذه الإجراءات بعد كلّ حدث أمني، وهو ما حصل بعد الهجمات الانتحاريّة التي طاولت بلدة القاع. لم تدفع هذه الوقائع أياً من القوى السياسيّة للتحرّك.

من هنا لا بدّ من دعم هذه الخطوة الشبابية التي تكفّل بها عدد من الناشطين والمجموعات اليساريّة. لكن محاذير الخطاب المعادي للعنصرية كثيرة. يقع هذا الخطاب في مطب الاستسهال. فشعار كـ"كلنا لاجئون" لا يعدو كونه استنساخاً للتماهي مع الضحيّة بهدف الشفقة، لكنه لا يُحقق أي هدف سياسي عميق، ولا يُحارب العنصرية بشكلٍ فعلي، بل يكاد يكون الخطاب الداعم لها.

فهناك جزء أساسي من اللبنانيين، يتملّكه شعور الخوف من ارتفاع عدد اللاجئين، ويشعر بأنهم يُقاسمونه لقمة عيشه. ينظر لما يصلهم من مساعدات، على قلته، ويقول "أين حصتي"؟ لا يُمكن رمي هؤلاء بوصم العنصريّة والابتعاد عنهم.

يستطيع معادو العنصرية، أن يُظهروا أن الخطاب المؤيد لها، والأفعال الصادرة عنه، قد تؤدي إلى شرخ أهلي لبناني ــ سوري يُمكن أن يصل لحدود الاقتتال. ويستطيع هؤلاء أن يُظهروا حجم استفادة الاقتصاد اللبناني من المساعدات التي تصل للاجئين وفرص العمل التي خلقتها، وكيف عوضت هذه المساعدات جزءاً من التراجع الذي طاول قطاع السياحة. يُمكن لخطاب مواجهة العنصريّة أن يتوجه للبنانيين، كخطاب المصلحة الوطنية، التي تفترض الحفاظ على أفضل العلاقات مع الشعب السوري، من دون الوقوع في فخ التماهي، كما حصل سابقاً في حالة الثورة الفلسطينيّة.
المساهمون