21 يوليو 2024
عن بعد ثقافي للاستراتيجية التونسية للهجرة
يبلغ عدد التونسيين في الخارج حوالي مليون و300 ألف نسمة ينضاف إليهم فاقدو بطاقة الإقامة، وبذلك تفوق نسبة التونسيين بالخارج 12% من مجموع التونسيين إجمالا، وحسب المعطيات التي يقدمها ديوان التونسيين في الخارج، فإن فرنسا تستقطب النسبة الأعلى منهم لتشكل مدينة باريس وضواحيها القطب الأول الجاذب للمهاجرين التونسيين. وتأتي إيطاليا بعد فرنسا في المرتبة الثانية ثم ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى والمغرب العربي والخليج العربي وعدد من الدول الأخرى الموزعة في المنطقة العربية.
وتتيح قراءة مشروع الاستراتيجية الوطنية للهجرة (2015 - 2020) معطيات مهمة، في مقدمتها أن ملف الهجرة في الراهن التونسي شهد، منذ اندلاع الثورة، تزايدا في مجال الاهتمام به، حتى يتسنّى للتونسيين في الخارج المشاركة الفعلية في بناء مجتمع حر ديمقراطي، علاوة على إتاحة الفرصة لكل التونسيين، بمن فيهم المهاجرون، للإسهام في مسار التنمية والاستثمار.
وقد شهدت الهجرة، منذ الثورة التونسية، قراراتٍ سياسيةٍ مهمة، من بينها انتخاب ممثلين عن الجالية التونسية في الخارج في الانتخابات الأولى للمجلس التأسيسي. واتخذت خطوتان في مجال رد الاعتبار للجالية التونسية، وهما حقان دستوريان وضعا حدا لتمييز دام طويلا: الحق الانتخابي وحق الترشح للانتخابات الوطنية لفائدة التونسيين المقيمين في الخارج، وحق الترشّح
(لجميع الانتخابات الوطنية) لفائدة التونسيين في الخارج الحاملين جنسيتين. وذلك إلى جانب وجود اتفاق بين الأطراف السياسية والمجتمع المدني على ضرورة إرساء هيكل مستقل، يتمثل في المجلس الوطني للتونسيين في الخارج، يتكون من عدة كفاءاتٍ لضمان التشاور الحقيقي بين المجتمع المدني للجالية وبقية المكونات الأخرى. وقد جعل هذا الاهتمام الوطني بالهجرة والمهاجرين من أجل إعادة الاعتبار لهذا الملف الدولة تنخرط في تفكير استراتيجي، قوامه ضرورة إرساء استراتيجية للهجرة، وإدراجها ضمن سياق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد وجد هذا الاهتمام الجاد تفاعلا من شركاء دوليين على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف، يصب في دعم إنجاح التحول الديمقراطي للبلاد التونسية، وما أفرزه من طفرة ثقافة الديمقراطية والحوكمة الرشيدة، والتصدّي لكل أشكال الفساد وألوانه.
منظومة جديدة إذن تعمل الدولة، وعبر وزارة الاختصاص (وزارة الشؤون الاجتماعية) وهياكلها المختصة، على التعاطي الجديد مع ملف الهجرة. وتبعا للمعطيات التي توفرت لكاتب هذه السطور، وتنشر لأول مرة، فإن هذا الطرح الاستراتيجي الحديث للهجرة يرتكز أساسا على الأهداف:
تعزيز الحوكمة الرشيدة في مجال التصرف في الهجرة. ضمان حقوق ومصالح المهاجرين التونسيين وتعزيزا للروابط في ما بينهم ومع البلد الأم. تعزيز مساهمة الهجرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد المحلي والوطني والإقليمي. النهوض بالهجرة المنظمة للتونسيين والوقاية من الهجرة غير المنظمة. حماية حقوق المهاجرين الأجانب وطالبي اللجوء.
ويسند هذا الطرح الاستراتيجي تدعيم للإطار المؤسساتي، والتأكيد خصوصا على إرساء مبادرات ثقافة الحوار في ما يتعلق بالخيارات الاستراتيجية للهجرة بين ممثلي الجالية التونسية وجمعيات المجتمع المدني.
وفي هذا المجال، شهد هذا القطاع ديناميكية لافتة، أطلقها وزير الشؤون الاجتماعية الحالي، محمد الطرابلسي، تمثلت أساسا في إعادة هيكلة المراكز الاجتماعية والثقافية في الخارج، علاوة على فتح عدد آخر من هذه المراكز التي أصبحت تُعنى بالإحاطة الثقافية واللغوية، مع فتح المجال العريض لجمعيات المجتمع المدني، وإشراك أبناء الجيل الثاني والثالث في تحمل مسؤولية تنشيط هذه المراكز، ووضع تصورات أنشطتها. كما أدرجت الوزارة ضمن هذا البعد الجديد خلية ثقافية للتفكير الاستراتيجي بشأن الهجرة، وإيلاء البعد الثقافي الأهمية التي يستحقها بغرض إذكاء روح الانتماء للوطن.
وفي هذا السياق أيضا، تتنزل مبادرة عن بعث تظاهرة ثقافية اجتماعية كبرى، تتوج هذا
الاهتمام، وتعنى حصريا بتثمين المبدعين التونسيين في المهجر في جميع المجالات الإبداعية، وتكريمهم، وما أكثرهم وأروعهم. وتجد هذه المبادرة اليوم طريقها إلى التنفيذ من خلال شراكة فاعلة بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والشؤون الثقافية، أفضت يوم 11 مايو/ أيار الجاري إلى الإعلان عن بعث "أيام قرطاج الثقافية للإبداع المهجري" في أعقاب جلسة تأسيسية ممتازة عقدت في مقر وزارة الشؤون الاجتماعية، بإشراف الوزيرين. وستنطلق فعاليات الأيام في مسرح قرطاج الأثري يوم 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، وتمتد أسبوعا، لتحتضن مدينة الثقافة معارض للفن التشكيلي والإصدارات التونسية والأمسيات الشعرية والعروض المسرحية والسينمائية والموسيقية والندوات وإبداعات الجيلين الثاني والثالث للهجرة في مجالات الملتيميديا، كما ستتوزع عروض أخرى داخل الجمهورية. والقناعة مشتركة لدى الوزيرين محمد الطرابلسي ومحمد زين العابدين في إيلاء أهمية كبيرة للشأن الثقافي في أبعاده الاجتماعية. وهناك حرص مشترك على أن يولد هذا المهرجان كبيرا ليؤسس لتظاهرة سنوية ناجحة ومستمرة.
وقد لفت إدراج البعث الثقافي في صلب الاستراتيجية التونسية للهجرة، باعتباره خيارا سياسيا متجدّدا، أنظار جهات ومنظمات دولية، أعربت عن مساندتها لهذه الاستراتيجية، ما يسهم في مد جسور التعاون متعدّد الأبعاد والأطراف في مجال حيوي ودقيق، أضحى من المشاغل الأساسية لملف التعاون والحوار بين ضفتي المتوسط، في ظل استمرار توتر الأوضاع في المنطقة، وخصوصا في الجارة ليبيا ودول جنوب الصحراء، إذ طالما أهمل البعد الثقافي، على أهميته، في معالجة ظاهرة الهجرة.
وتتيح قراءة مشروع الاستراتيجية الوطنية للهجرة (2015 - 2020) معطيات مهمة، في مقدمتها أن ملف الهجرة في الراهن التونسي شهد، منذ اندلاع الثورة، تزايدا في مجال الاهتمام به، حتى يتسنّى للتونسيين في الخارج المشاركة الفعلية في بناء مجتمع حر ديمقراطي، علاوة على إتاحة الفرصة لكل التونسيين، بمن فيهم المهاجرون، للإسهام في مسار التنمية والاستثمار.
وقد شهدت الهجرة، منذ الثورة التونسية، قراراتٍ سياسيةٍ مهمة، من بينها انتخاب ممثلين عن الجالية التونسية في الخارج في الانتخابات الأولى للمجلس التأسيسي. واتخذت خطوتان في مجال رد الاعتبار للجالية التونسية، وهما حقان دستوريان وضعا حدا لتمييز دام طويلا: الحق الانتخابي وحق الترشح للانتخابات الوطنية لفائدة التونسيين المقيمين في الخارج، وحق الترشّح
منظومة جديدة إذن تعمل الدولة، وعبر وزارة الاختصاص (وزارة الشؤون الاجتماعية) وهياكلها المختصة، على التعاطي الجديد مع ملف الهجرة. وتبعا للمعطيات التي توفرت لكاتب هذه السطور، وتنشر لأول مرة، فإن هذا الطرح الاستراتيجي الحديث للهجرة يرتكز أساسا على الأهداف:
تعزيز الحوكمة الرشيدة في مجال التصرف في الهجرة. ضمان حقوق ومصالح المهاجرين التونسيين وتعزيزا للروابط في ما بينهم ومع البلد الأم. تعزيز مساهمة الهجرة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد المحلي والوطني والإقليمي. النهوض بالهجرة المنظمة للتونسيين والوقاية من الهجرة غير المنظمة. حماية حقوق المهاجرين الأجانب وطالبي اللجوء.
ويسند هذا الطرح الاستراتيجي تدعيم للإطار المؤسساتي، والتأكيد خصوصا على إرساء مبادرات ثقافة الحوار في ما يتعلق بالخيارات الاستراتيجية للهجرة بين ممثلي الجالية التونسية وجمعيات المجتمع المدني.
وفي هذا المجال، شهد هذا القطاع ديناميكية لافتة، أطلقها وزير الشؤون الاجتماعية الحالي، محمد الطرابلسي، تمثلت أساسا في إعادة هيكلة المراكز الاجتماعية والثقافية في الخارج، علاوة على فتح عدد آخر من هذه المراكز التي أصبحت تُعنى بالإحاطة الثقافية واللغوية، مع فتح المجال العريض لجمعيات المجتمع المدني، وإشراك أبناء الجيل الثاني والثالث في تحمل مسؤولية تنشيط هذه المراكز، ووضع تصورات أنشطتها. كما أدرجت الوزارة ضمن هذا البعد الجديد خلية ثقافية للتفكير الاستراتيجي بشأن الهجرة، وإيلاء البعد الثقافي الأهمية التي يستحقها بغرض إذكاء روح الانتماء للوطن.
وفي هذا السياق أيضا، تتنزل مبادرة عن بعث تظاهرة ثقافية اجتماعية كبرى، تتوج هذا
وقد لفت إدراج البعث الثقافي في صلب الاستراتيجية التونسية للهجرة، باعتباره خيارا سياسيا متجدّدا، أنظار جهات ومنظمات دولية، أعربت عن مساندتها لهذه الاستراتيجية، ما يسهم في مد جسور التعاون متعدّد الأبعاد والأطراف في مجال حيوي ودقيق، أضحى من المشاغل الأساسية لملف التعاون والحوار بين ضفتي المتوسط، في ظل استمرار توتر الأوضاع في المنطقة، وخصوصا في الجارة ليبيا ودول جنوب الصحراء، إذ طالما أهمل البعد الثقافي، على أهميته، في معالجة ظاهرة الهجرة.
دلالات
مقالات أخرى
25 اغسطس 2023
02 اغسطس 2023
14 يوليو 2023