13 نوفمبر 2024
عن "اليونسكو" والعرب
كأنما اتفق العرب على ألا يتفقوا. جديد مظاهر هذا "اللااتفاق" تسميتهم أربعة مرشحين لإشغال منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، هم يعرفون أن التنافس "غير المشروع" بين المرشحين الأربعة قد يؤدي إلى خسارتهم جميعاً، إذ سوف تضعف، إن لم نقل تنعدم، فرصة الفوز بالمنصب أمام أي واحدٍ منهم، لكن العرب لا يأبهون بذلك، فقد اعتادوا الخسارات وأدمنوها، ثم ماذا يمكن أن تشكل لهم خسارةٌ صغيرةٌ مثل منصب أمين "اليونسكو"، وقد خسروا جيوشاً ومدناً وأوطاناً، خسروا التعايش الشفاف بين مواطنيهم، وخسروا قدرتهم على التنوع والتجدّد، كما خسروا الوعد ببناء مجتمعاتٍ تضمن العدل والحرية والديمقراطية!
لا نريد أن نذهب بعيداً، وما كل ما يُعرف يقال. لكن، هناك من يجزم أن اثنين من المرشحين الأربعة لا يمتلكان الحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة لإشغال المنصب، فهما غير معروفين في ميادين الثقافة والدبلوماسية، لا عالمياً ولا عربياً، ولا حتى في بلديهما، وقد رشحا، على ما يبدو، نوعاً من "التكريم" الشخصي لهما، لارتباط كل منهما بشخصيات نافذة في بلده، فمرشحة لبنان، فيرا خوري لاكويه، زوجة رجل الأعمال الفرنسي، جورج لاكويه، وهي الموظفة في سفارة حكومة جزيرة سانت لوسي الكاريبية، ولم يسجل لها رصيد في عمل ثقافي بارز، لكنها تحظى بدعم "التيار الوطني الحر" ووزير الخارجية جبران باسيل. وبحسب وليد جنبلاط، فإن مصدر ترشيحها "تأثير رجال مال من حديثي النعمة". وكان جنبلاط، ومثقفون وسياسيون عديدون، قد دعوا إلى تصحيح الخطأ، واعتماد ترشيح، غسان سلامة، الذي يمثل المنصب استحقاقاً له، يشهد له به حتى خصومه، لكن هذا لم يحصل.
المرشح الثاني هو مرشح العراق، صالح الحسناوي (طبيب)، غير معروف حتى لدى "غوغل"، ولم تعرف عنه إسهامات ثقافية أو دبلوماسية ذات قيمة معتبرة، وكل رصيده أنه عضو في البرلمان، ووزير للصحة في حكومة نوري المالكي الأولى، وقد يكون بعض رصيده في فتوى "علمية" له، عدم وجود علاقة بين استخدام الأميركيين اليورانيوم المنضّب والتشوهات الخلقية وأمراض السرطان التي ظهرت لدى أطفال ونساء حوامل في العراق، في حين أن عدة خبراء في اليورانيوم المنضب، كان أحدهم يعمل لدى الجيش الأميركي، قالوا إن الولايات المتحدة كانت تعرف تماماً التأثيرات الصحية والبيئية التي تنجم عن استخدام قواتها في العراق ذلك اليورانيوم. ولا أريد أن أخفي ظني أن فتواه تلك جاءت بغرض أن تقربّه زلفى عند مراجع دولية مالكة قرار. ولكي لا نظلمه، بحثنا عمّا قد نجهله عنه، فلم نجد سوى ما كتبه أحد أنصاره إنه "يعتمد على أخلاقيةٍ، وتراتبية فكر في إدارته المناصب التي عمل فيها، وكان مجدّداً إنسانياً في التعامل، إضافة إلى ثقافته ومعرفته الواسعة بحال العراقيين"، صدّقوني أنني لم أفهم ما يعنيه الكاتب.
هنا مرة أخرى، لا نريد أن نذهب بعيداً، ونحن نطمح أن يفوز أحد المرشحين الاثنين الباقيين، وكلاهما، على ما هو معروف، قامة علمية واجتماعية، ودبلوماسية أيضاً، فمرشح قطر حمد بن عبد العزيز الكواري، دكتوراه في العلوم السياسية، ووزير ثقافة سابق، وسفير سابق لدى "اليونسكو"، وباحث ومؤسس في مراكز بحوث عديدة. ومرشحة مصر مشيرة خطاب، دكتوراه في القانون الدولي، وزيرة سابقة لشؤون الأسرة والسكان، وسفيرة سابقة، وناشطة في حقول المرأة والطفل. وما نأسى عليه أن يخسر هذان المرشحان معاً، حيث يُتوقع أن تتشتت أصوات ممثلي الدول العربية التي فشلت في اعتماد مرشح وحيد.
هكذا إذن تطفو على السطح نتائج غياب إجماع عربي على ترشيح ممثل عربي وحيد، ليقود منظمة "اليونسكو"، وهو أمر يكاد يصبح ظاهرةً لافتة في العمل العربي، تجعلنا نترحم على الأيام الخوالي التي كانت دولنا فيها تتبنى موقفاً موحّداً في قضايا أصغر، وفي قضايا أكبر أيضاً. وليس ثمّة ما يمكن التمسك به اليوم سوى التمني على جامعة الدول العربية، وهي، على ما هو مفترض، مؤسسة العمل العربي المشترك، أن تتصدّى لظواهر مثل المتحدّث هنا عنها، وأن تسعى إلى تحقيق إجماع عربي، أقله في الاتفاق على التمثيل العربي في هذه المنظمة أو تلك، بعد أن فشلت في أن توحد الجهد العربي في مجالاتٍ أخطر وأهم. لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، في زماننا الحاضر على الأقل.
لا نريد أن نذهب بعيداً، وما كل ما يُعرف يقال. لكن، هناك من يجزم أن اثنين من المرشحين الأربعة لا يمتلكان الحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة لإشغال المنصب، فهما غير معروفين في ميادين الثقافة والدبلوماسية، لا عالمياً ولا عربياً، ولا حتى في بلديهما، وقد رشحا، على ما يبدو، نوعاً من "التكريم" الشخصي لهما، لارتباط كل منهما بشخصيات نافذة في بلده، فمرشحة لبنان، فيرا خوري لاكويه، زوجة رجل الأعمال الفرنسي، جورج لاكويه، وهي الموظفة في سفارة حكومة جزيرة سانت لوسي الكاريبية، ولم يسجل لها رصيد في عمل ثقافي بارز، لكنها تحظى بدعم "التيار الوطني الحر" ووزير الخارجية جبران باسيل. وبحسب وليد جنبلاط، فإن مصدر ترشيحها "تأثير رجال مال من حديثي النعمة". وكان جنبلاط، ومثقفون وسياسيون عديدون، قد دعوا إلى تصحيح الخطأ، واعتماد ترشيح، غسان سلامة، الذي يمثل المنصب استحقاقاً له، يشهد له به حتى خصومه، لكن هذا لم يحصل.
المرشح الثاني هو مرشح العراق، صالح الحسناوي (طبيب)، غير معروف حتى لدى "غوغل"، ولم تعرف عنه إسهامات ثقافية أو دبلوماسية ذات قيمة معتبرة، وكل رصيده أنه عضو في البرلمان، ووزير للصحة في حكومة نوري المالكي الأولى، وقد يكون بعض رصيده في فتوى "علمية" له، عدم وجود علاقة بين استخدام الأميركيين اليورانيوم المنضّب والتشوهات الخلقية وأمراض السرطان التي ظهرت لدى أطفال ونساء حوامل في العراق، في حين أن عدة خبراء في اليورانيوم المنضب، كان أحدهم يعمل لدى الجيش الأميركي، قالوا إن الولايات المتحدة كانت تعرف تماماً التأثيرات الصحية والبيئية التي تنجم عن استخدام قواتها في العراق ذلك اليورانيوم. ولا أريد أن أخفي ظني أن فتواه تلك جاءت بغرض أن تقربّه زلفى عند مراجع دولية مالكة قرار. ولكي لا نظلمه، بحثنا عمّا قد نجهله عنه، فلم نجد سوى ما كتبه أحد أنصاره إنه "يعتمد على أخلاقيةٍ، وتراتبية فكر في إدارته المناصب التي عمل فيها، وكان مجدّداً إنسانياً في التعامل، إضافة إلى ثقافته ومعرفته الواسعة بحال العراقيين"، صدّقوني أنني لم أفهم ما يعنيه الكاتب.
هنا مرة أخرى، لا نريد أن نذهب بعيداً، ونحن نطمح أن يفوز أحد المرشحين الاثنين الباقيين، وكلاهما، على ما هو معروف، قامة علمية واجتماعية، ودبلوماسية أيضاً، فمرشح قطر حمد بن عبد العزيز الكواري، دكتوراه في العلوم السياسية، ووزير ثقافة سابق، وسفير سابق لدى "اليونسكو"، وباحث ومؤسس في مراكز بحوث عديدة. ومرشحة مصر مشيرة خطاب، دكتوراه في القانون الدولي، وزيرة سابقة لشؤون الأسرة والسكان، وسفيرة سابقة، وناشطة في حقول المرأة والطفل. وما نأسى عليه أن يخسر هذان المرشحان معاً، حيث يُتوقع أن تتشتت أصوات ممثلي الدول العربية التي فشلت في اعتماد مرشح وحيد.
هكذا إذن تطفو على السطح نتائج غياب إجماع عربي على ترشيح ممثل عربي وحيد، ليقود منظمة "اليونسكو"، وهو أمر يكاد يصبح ظاهرةً لافتة في العمل العربي، تجعلنا نترحم على الأيام الخوالي التي كانت دولنا فيها تتبنى موقفاً موحّداً في قضايا أصغر، وفي قضايا أكبر أيضاً. وليس ثمّة ما يمكن التمسك به اليوم سوى التمني على جامعة الدول العربية، وهي، على ما هو مفترض، مؤسسة العمل العربي المشترك، أن تتصدّى لظواهر مثل المتحدّث هنا عنها، وأن تسعى إلى تحقيق إجماع عربي، أقله في الاتفاق على التمثيل العربي في هذه المنظمة أو تلك، بعد أن فشلت في أن توحد الجهد العربي في مجالاتٍ أخطر وأهم. لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، في زماننا الحاضر على الأقل.