عندما يعتذر شباب العرب عن أفعال "داعش"

12 أكتوبر 2014
+ الخط -

نشط، في الفترة الأخيرة، وسم على "تويتر" و"فيسبوك" بالإنجليزية، يعتذر فيه شباب المسلمين والعرب عن أفعال داعش، وخرجت، أيضاً، في دول غربية مظاهراتٌ، تندد بأفعال داعش، لإثبات براءة المسلمين منها، وفي بعض الدول العربية، تم حرق علم داعش استنكاراً. كل تلك الفعاليات كانت باللغة الإنجليزية وموجهة للغرب، مع أن داعش قتلت وقطعت رؤوس عشرات، إن لم نقل مئات، العرب في سورية والعراق. فكيف ينظر الغرب لداعش، وكيف ينظر العرب لأنفسهم؟

هل ينظر الغرب لداعش على أنها تنظيم إسلامي خطير، يهدد أمن الولايات المتحدة؟ وهل هناك مخاوف من حدوث 11 سبتمبر آخر. بعد حادثة "11 سبتمبر"، جميع الحوادث التي وقعت في أميركا كانت "جرائم" جنائية، وليست أعمالاً "إرهابية". وكل من قاموا بتلك العمليات كانوا أميركيين، فالتهديد داخل أميركا داخلي، وليس خارجياً، والجدل الدائر في الشارع الأميركي، مع اقتراب موعد الانتخابات، يتعلق بسن قوانين تحد، أو تمنع، استخدام أو  حمل السلاح على المواطنين العاديين، وكلما احتدم النقاش أكثر، زادت مخيمات إطلاق النار في المدن الأميركية، وازداد الإقبال عليها. وقبل أسابيع، نشرت دراسة أعدها أطباء نفسيون عن أسباب انضمام الشباب الأميركيين إلى تنظيم داعش، وبحسب الدراسة، فإن الدافع حالة نفسية، أو رغبة تدفع أفراداً للبحث عن أجوبة، أو تفسيرات معيّنه لحالات غامضة في الحياة، أو البحث عن هوية معينة.
 
وبحسب أصحاب الدراسة، فإن معظمنا يمر بـ"الحاجة للحسم المعرفي"، إلا أن تفاقمها عند بعضهم يدفعهم إلى الانضمام إلى داعش، لأنهم يجدون فيها هوية معيّنة. وهذا يثبت أن لا علاقة للدين بأفعال داعش.

قبل أيام، تعرض قناة "سي بي اس" الأميركية مقابلات مع أميركيين، انخرطوا في صفوف داعش، ويتركز محورها حول إن كان هؤلاء ينوون مهاجمة بلادهم في المستقبل، وهذا يعتبر خوفاً وتهديداً داخلياً، وليس خارجياً. وفي مقابلة للرئيس الأميركي، باراك أوباما، مع برنامج "ستون دقيقة"، قبل أسبوعين، قال: "إن الضربات الجوية لن تلغي وجود داعش، وإنما سوف تحد من نشاطها، أو امتدادها إلى دول أخرى"، وأكد أن داعش لا تمثل الدين الإسلامي، وعلى دول المنطقة أن تقوم بعمل مصالحة، تقوم على التسامح، وإن في تلك الدول، ويعني العراق وسورية، قبل أن يُسأل الشاب عن مستوى تعليمه، مثلاً، يُسأل عن مذهبه".
 
إذا كان رئيس أكبر دولة في العالم يعلن، عبر البرنامج الأكثر مشاهدة في بلاده، براءة الإسلام من داعش، وإذا كانت الأبحاث النفسية توصلت إلى الحالة التي دفعت، وتدفع، الشباب الغربي للانضمام إلى صفوف داعش، فلماذا يعتذر العرب والمسلمون، بعد ذلك، عن أفعال داعش؟
 
قبل سنوات، نشرت كاتبة أميركية كتاب "نهاية أميركا"، هاجمت فيه الرئيس آنذاك، جورج بوش، وحربه على العراق، واعتبرتها غلطة، وشبهت بوش بأدولف هتلر، إلا أنها لم تعتذر للشعب العراقي على هذه الغلطة التي كلفت تدمير بلد كامل؟ فلماذا يعتذر العرب والمسلمون عن أفعال داعش، التي لا تمثل الإسلام لا من قريب، ولا من بعيد.

يمكن القول إن الحملة الأمنية بعد أحداث "11 سبتمبر" ضد المسلمين والعرب، أحدثت حالة من عدم الثقة بالنفس، لدى العرب والمسلمين، فالمسلم يشعر، دائماً، بأنه متهم قبل أن تثبت الجريمة وليس الأدلة. مثلاً، بعد الانفجار الذي وقع في ماراثون بوسطن، انتشرت على "فيسبوك" و"تويتر" تعليقات من العرب، تندد بالحادثة، وكأنها خطوة استباقية لتسجيل براءة مسبقه قبل الاتهام.

كلنا، عرباً ومسلمين، ندرك أنه لا علاقة لداعش بالإسلام، وبغضّ النظر عن الجهة التي دعمت داعش، ووفرت لهذا التنظيم الإجرامي السلاح والمال، هل يوجد من العرب من يبحث في أسباب انضمام الشباب العربي إلى داعش، كلنا نؤمن بأن الإسلام ليس أحد تلك الأسباب، وأن الأسباب نفسية، اجتماعية، مادية وسياسية.

لا يوجد أسهل من تقديم الأعذار والاعتذار، ولكن، إلى متى سوف يبقى يقدم العرب اعتذارهم عن جرائم، هم أول ضحاياها وآخرهم.

avata
avata
فاطمة شحادة (فلسطين)
فاطمة شحادة (فلسطين)