يعود الفنان علي عبد الستار إلى الغناء، وهذا بحد ذاته حدث، فالمطرب القطري الذي عرفه الجمهور العربي بأغنيته الخالدة "يا ناس أحبه"، قرر أن يكون عشقه القديم "الغناء" حاضراً معه بعدما ابتعد عنه بإرادته لعدة سنوات، أسس لنفسه فيها مكاناً اقتصادياً هاماً في استثمارات الدولة القطرية التي أصبحت وجهاً عالمياً قوياً.
عبد الستار الذي عاد للغناء، بإنتاجات غنائية خاصة، ما زال يتلمس ذوق الجمهور الصعب، فجيل الجمهور الجديد بات يفرض حتى على كبار المطربين نمطه الخاص، فالفترة التي غاب بها عبد الستار عن طرح الجديد، كانت مقياساً لحدوث تطور نمط موسيقي يعتمد على التكنولوجيا والإبهار التقني في التوزيع الموسيقي، وهو ما جاراه عبد الستار لدى عودته بأغانيه، وبدا ظاهراً في "أسفار 1" قبل ثلاثة أعوام، حيث عمد إلى التنويع الموسيقي شكلاً وإلى تعدد اللهجات، في سبيل مخاطبة أذواق الجمهور المتنوعة، فضلا عن تقديم الغناء السهل الممتع، للمحافظة على العصا من المنتصف بين جمهوره القديم الذي "دك مداميك" صوته في ذاكرتهم بأغانيه التي رافقت ظهوره كـ"يتيمة" و"يا حبيبي" و"المعنى يقول"، وبين جيل جديد يرى في علي عبد الستار، فلكلوراً.
يعلم عبد الستار أن ملعبه الأساسي هو "الغناء الخليجي" فكانت العودة لتقديم الغناء المحبب في أنحاء الجزيرة العربية والمطلوب في الأردن وبعض دول المغرب العربي، فكان "أسفار 2"، ألبومه الجديد الصادر حديثاً والمتنوع في موضوعات أغانيه، والمثير أن "العادة القديمة والإيجابية" التي كان يحرص عليها عبد الستار في ألبوماته التي قدمها مع "روتانا" و"فنون الجزيرة" و"العبدول" قبيل ابتعاده عن الساحة الفنية، والمتمثلة باكتشاف المواهب الجديدة في الكلام واللحن والتوزيع الموسيقي، ما زالت حاضرة بقوة في ألبوماته.
وفي "ذوق"، التي يغنيها بلهجة بيضاء مفهومه: "ذوق.. حبيبي في منتهى الذوق، لا جيت أقله يا حبيبي يخجل وقلبه يروق/ فوق حد العشق ترا فوق، لو غاب عن عيني ثواني أموت أنا من الشوق)، حيث يستقرئ عبد الستار نجاح رائعته "يا ناس أحبه" ابنة المقام الموسيقي "النهاوند" القريب، من "مقام الكورد" في الأغنية الجديدة.
لا ينقص علي عبد الستار شيء، ليعود لمكانته الطبيعية في المهرجانات والحفلات الكبرى، فهو من جيل الرواد في الغناء الخليجي، وله احترامه وحضوره وجمهوره، إنما يعوزه "بعض الحظ" و"القليل من التوفيق" في اقتناص أغان لامعة بشكل أكبر، بحيث تنقش لها موطناً في مكتبة الموسيقى العربية.