علاقة المغرب وإيران لن تتأثر بـالـ"عاصفة"

07 ابريل 2015
ولي عهد أبوظبي في زيارة للمغرب (فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
يأمل المغرب الحصول على "مكاسب" سياسية كثيرة من وراء دعمه السياسي ومشاركته العسكرية في عملية "عاصفة الحزم"، التي يشنّها تحالف عربي دولي على معاقل جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) الانقلابية باليمن. لكن في مقابل هذه المكاسب، تظهر "سلبية" وحيدة في دعمه هذا، وتطال علاقات المملكة بإيران.

اقرأ أيضاً (غارات "عاصفة الحزم" متواصلة والفيصل يؤكد استمرارها)

ويرى مراقبون أنّ المغرب من خلال مشاركته في ضرب الحوثيين "يضرب عصافير عدّة بحجر واحد"، فهو يتقرب من أنظمة الخليج، ويتلمس دعمها المالي واستثماراتها، ويدافع عن خياره بالتصدّي لجبهة "البوليساريو" المطالبة بانفصال الصحراء عن المملكة.

لكن الأمر لا يخلو من عواقب سياسية لهذه المشاركة والدعم، إذ يخشى البعض من إمكانية تأثير مشاركة المغرب في "عاصفة الحزم" التي تستهدف جماعة "أنصار الله" المدعومة من قبل إيران سياسياً واستراتيجياً، على علاقاته التي كاد يستأنفها مع إيران، بعد قطيعة دبلوماسية منذ مارس/آذار 2009.
غير أنّ مصدراً مسؤولًا من داخل السفارة الإيرانية في الرباط، طلب عدم نشر اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إنّ مشاركة المغرب عسكرياً في "عاصفة الحزم" لن تؤثر في المسار التصاعدي الذي بات يسِم العلاقات الثنائية بين الرباط وطهران، والذي تُوّج أخيراً بتعيين محمد تقي نؤيد سفيراً لإيران لدى المغرب.


واستبعد المصدر نفسه أية تأثيرات سلبية لـ"عاصفة الحزم" على العلاقات الجديدة بين البلدين، مشدّداً على أنّ "سياق الأزمة التي أفضت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران، جراء مشكلة سابقة مع البحرين لا علاقة لها بما يجري حالياً بسبب اختلاف السياق والظروف".
وكانت الرباط قد أعلنت قطع علاقاتها مع طهران في مارس/آذار 2009، على خلفية موقف المغرب المتضامن مع البحرين بعد تصريحات مسؤولين إيرانيين حينها عن كونها المحافظة الرابعة عشرة لإيران، كما اتهمت الرباط سفارة إيران "بنشر التشيع، وتقويض المذهب المالكي السني في البلاد"، كما ذكرت في حينه.

بدوره، يعلّق الباحث في الدراسات الإيرانية في جامعة الجديدة، أحمد موسى، في حديث "العربي الجديد"، على احتمال تأثير مشاركة المغرب بالحملة العسكرية على الحوثيين بعلاقته مع إيران بالقول إنّه "في الوقت الذي لم تستقرّ فيه العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران، ولم يسمّ المغرب بعد سفيره لدى طهران، يطفو موضوع الانقلاب المسلّح للحوثيين المدعومين من إيران على الرئيس اليمني المنتخب" عبد ربه منصور هادي.

ويرى موسى أن "مشاركة المغرب في الحلف الدولي ضدّ تنظيم الحوثيين الموالي لإيران، لن تؤثر بشكل مباشر وكبير على العلاقات بين المغرب وإيران"، مستبعداً أن "تبادر إيران إلى سحب سفيرها المعيّن حديثاً من الرباط، كردّ فعل على مشاركة المغرب في ضرب الحوثيين" باليمن.
ويشير المحلل السياسي إلى أن "إيران في العادة، تتمسك بتمثيلياتها في البلدان الخارجية، وتحاول الإبقاء على سفاراتها في ظل وجود الأزمات والنزاعات، ولا تتسرع في سحب دبلوماسييها وإغلاق سفاراتها"، مبرزاً أن "الأمر يعود إلى تقاليد دبلوماسية قديمة".

ويتابع أنّ "الدليل هو وجود السفارات الإيرانية في أكثر البلدان عداوة لإيران في عدد من الدول، من قبيل السعودية والإمارات والبحرين، ولم تعطل إيران سفاراتها رغم المطبات التي تتخبط فيها العلاقات مع هذه البلدان، وفي مقدّمتها السعودية التي تقود الضربة العسكرية على الحوثيين".
ويلفت موسى إلى أنّ "المغرب وضع إطاراً واضحاً وخطوطاً حمراء للعلاقات التي أعاد نسجها مع إيران، إذ إنه في حال لم تتجاو إيران هذه الخطوط، وفي مقدّمتها الأمن الروحي، وقضية الوحدة الترابية، لن يتوانى المغرب في وضع حد لتلك العلاقات الثنائية".

ويضيف أنّ "العلاقات بين المغرب وإيران تبقى أيضاً رهينة لما تعرفه الأحداث في اليمن من تطورات في الأيام المقبلة، بيد أنه يمكن الجزم بأن العلاقات الدبوماسية سوف تبقى فاترة في الأمد المنظور، ولن تعرف تطوراً وتحسناً في ظل ما يجري وما هو آت".
 
ويتفق أستاذ العلاقات الدولية، سعيد الصديقي، مع موسى، مستبعداً أن تؤثر مشاركة المغرب في "عاصفة الحزم" على عملية إعادة بناء العلاقات المغربية الإيرانية، وذلك لعدّة اعتبارات، منها أن "علاقة المغرب بإيران لم تشهد تقدماً مهماً خلال الشهور الماضية".

ويشرح الصديقي، لـ"العربي الجديد"، بأن "المغرب كان حذراً جداً في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب استمرار التوتر بين هذه الأخيرة وأهم دول الخليج، التي يرتبط معها المغرب بعلاقات إستراتيجية على مستويات مختلفة، خصوصاً السعودية والإمارات".
ويتمثل الاعتبار الثاني في كون مشاركة المغرب في "عاصفة الحزم" تظل حتى الآن "رمزية، ولن تكون حاسمة في تغيير موازين القوى العسكرية داخل اليمن"، مشيراً إلى أن المشاركة المغربية جاءت في ظل دعم دولي وعربي واسع لعملية "عاصفة الحزم".

وفي الوقت نفسه، يلفت الصديقي إلى أنّه "حتى الدول الغربية، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، التي تخوض مفاوضات حاسمة مع إيران حول ملفها النووي، ساندت صراحة هذه الحملة العسكرية دون أن تخشى على مسار هذه المفاوضات المهمة لإدارة باراك أوباما".

ومن العوامل الأخرى التي تجعل من المستبعد التأثير السلبي لـ"عاصفة الحزم" على علاقات الرباط وطهران، كون إيران غير مستعدة لزيادة عزلتها الدولية الإقليمية، ولن تجعل من مشاركة المغرب إلى جانب السعودية تؤثر على علاقاتها الجديدة بالمملكة، وهي تسعى للفصل بين الموقف المغربي ورغبتها في تعزيز روابطهما الدبلوماسية".
وخلص الصديقي إلى أنه "مهما كانت التداعيات السياسية، فإن المغرب يفضل الاصطفاف إلى جانب دول الخليج، وإن كلّفه ذلك إبطاء مسار العلاقات المغربية الإيرانية أو تجميده".