عشرات الآلاف يواصلون التظاهر في بيلاروسيا ضد لوكاشينكو المتمسك بالسلطة

23 اغسطس 2020
أكثر من مائة ألف شخص تظاهروا في مينسك الأحد (Getty)
+ الخط -

تظاهر عشرات آلاف البيلاروسيين، بعد ظهر الأحد، ضد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، مواصلين الضغط بعد أسبوعين من ولادة حركة احتجاج تاريخية تنديداً بنتائج الانتخابات الرئاسية.

وهذا الأسبوع، وعد رئيس الدولة، البالغ 65 عاماً، والذي يتولى السلطة منذ 26 عامًا، بأنه "سيحل مشكلة" حركة الاحتجاج، التي يعتبر أنها ثمرة مؤامرة غربية، ووضع الجيش في حالة تأهب، متهماً حلف الأطلسي بالقيام بمناورات عند حدود بيلاروسيا.

واحتشد الأحد المتظاهرون، الذين حملوا أعلاماً حمراء وبيضاء، هما لونا المعارضة، في ساحة الاستقلال والشوارع المحيطة بها، هاتفين بصوت واحد شعارات مثل "حرية!".

وتحدثت وسائل إعلام وحسابات على تطبيق "تيليغرام" مرتبطة بالمعارضة عن أكثر من مائة ألف متظاهر في العاصمة البيلاروسية، للأحد الثاني على التوالي.

وفي 16 أغسطس/ آب، نظم تجمع هائل مقابل تعبئة أضعف من جانب مناصري الرئيس. وخرجت تظاهرات الأحد في مدن أخرى خصوصاً في موغيليف وغرودنو.

وقال إيغور، وهو متظاهر يبلغ 32 عاماً "لا نريد سوى أمرين: إجراء انتخابات صادقة وإنهاء العنف". وتندد المعارضة بإعادة انتخاب لوكاشينكو في التاسع من أغسطس/آب في انتخابات تقول إنها اتّسمت بعمليات تزوير، وكذلك بالقمع الوحشي للتظاهرات بعد الاقتراع.

وسأل إيفغيني، وهو متظاهر يبلغ 18 عاماً "إذا كان فعلاً فاز في الانتخابات (بـ80% من الأصوات)، فلماذا إذاً يخرج هذا العدد من الناس إلى الشارع ضده؟".

وأفاد صحافيون في وكالة "فرانس برس" بأنّ عناصر من شرطة مكافحة الشغب كانوا منتشرين بأعداد كبيرة، الأحد، إلا أنهم لم يتدخلوا ضد هذا التجمّع غير المرخص له.

لوكاشينكو مسلحاً

وأظهر مقطع مصور من بيلاروسيا الرئيس لوكاشينكو وهو يحمل بندقية ويرتدي سترة واقية من الرصاص، أثناء هبوطه من مروحية أقلته إلى مقر إقامته حيث تعصف الاحتجاجات المناهضة للحكومة بالعاصمة.

عندما هبط لوكاشينكو في قصر الاستقلال في مينسك، كان المتظاهرون متجمعين في ساحة قريبة. وتم نشر الفيديو على تطبيق "تيليغرام" للمراسلة على قناة تصفها وسائل إعلام أخرى بأنها قريبة من خدمة لوكاشينكو الصحافية.

ويشكك المتظاهرون في النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 9 أغسطس/ آب التي منحت لوكاشينكو ولاية سادسة ووصفوها بأنها "مزورة".

لا أوكرانيا ثانية

وحذرت وزارة الدفاع من أنه في حال وقعت اضطرابات بالقرب من النصب العائدة للحرب العالمية الثانية، فإن المسؤولين عن ذلك "لن يكونوا في مواجهة الشرطة وإنما الجيش". وبعض هذه النصب، خصوصاً في مينسك، كانت محاطة بأسلاك شائكة ويحرسها جنود مسلحون.

من جهتها، قالت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا التي أعلنت نفسها فائزة في الانتخابات الرئاسية، "إنني فخورة بالمواطنين البيلاروسيين الآن، لأنهم مستعدون بعد 26 عاماً من الخوف، للدفاع عن حقوقهم".

وأضافت المعارضة التي لجأت إلى ليتوانيا المجاورة، في مقابلة مع "فرانس برس"، "أدعوهم إلى مواصلة" الاحتجاجات.

على الصعيد الدبلوماسي، اعتبر الاتحاد الأوروبي، الذي رفض الانتخابات الرئاسية ويعتزم فرض عقوبات على السلطة في بيلاروسيا، أنه لا يزال ضرورياً "التعامل" مع الرئيس البيلاروسي.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنّ الاتحاد الأوروبي "لا ينوي تحويل بيلاروسيا إلى أوكرانيا ثانية"، في إشارة إلى الخلاف مع روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014.

وقبل الاستحقاق الرئاسي، اتهم الرئيس البيلاروسي روسيا بالعمل خفية لإسقاطه، لكنه غير موقفه رأسا على إثر الاحتجاجات، معلناً عن دعم الكرملين لنضاله في وجه المحاولات الغربية لزعزعة الاستقرار.

من جهته، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، من "إثارة الاضطرابات من الخارج" ومن "سيناريو أوكراني" جديد، في إشارات إلى خصوم موسكو الغربيين.

صمود الرئيس

ورغم موجة قمع عنيفة للاحتجاجات في الأيام التي تلت الانتخابات الرئاسية، واصل البيلاروسيون تعبئتهم بأعداد كبيرة للمشاركة في تظاهرات لا تُحصى وسلاسل بشرية سلمية، لكن الرئيس البيلاروسي بقي صامداً، ولم يتحدث سوى عن خطة إصلاح دستوري مبهمة للخروج من الأزمة السياسية.

وتمكن حتى الآن من الاعتماد على ولاء القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على الرغم من تسجيل انشقاقات في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية.

وانتهز الرئيس فرصة تفقّده وحدات عسكرية منتشرة في غرودنو في غرب البلاد قرب الحدود مع بولندا، السبت، ليندد بالاحتجاجات الأخيرة، متّهماً القيّمين عليها بتلقي الدعم من دول غربية.

وأعطى توجيهاته للجيش بالتأهب "لحماية وحدة أراضي بلادنا"، معتبرا أنه تتهددها "تحركات مهمة لقوات الحلف الأطلسي في المنطقة المجاورة" للحدود البيلاروسية على أراضي بولندا وليتوانيا.

والسبت، نفى الأطلسي نشر أي "تعزيزات" عند الحدود مع بيلاروسيا، مؤكداً أن المزاعم في هذا الإطار "لا أساس لها".

وأطلقت سلطات بيلاروسيا، الخميس، ملاحقات قضائية بتهمة "المساس بالأمن القومي"، ضد "مجلس التنسيق" الذي شكلته المعارضة، خلال الأسبوع الجاري بهدف تشجيع الانتقال السياسي بعد الانتخابات، كما هدد لوكاشينكو بالانتقام من العمال الذين شاركوا بالإضراب لتحدي سلطته، عبر تسريح العمال أو إغلاق خطوط الإنتاج.

ويبدو أن خطته أثمرت، حيث انخفض، هذا الأسبوع، عدد المضربين في المصانع الحكومية، وهي أساس النظام الاقتصادي والاجتماعي البيلاروسي.

 

(فرانس برس, أسوشييتد برس)