عراقيون يبيعون أثاثهم ومجوهراتهم لمواجهة السرطان

04 فبراير 2018
نسبة إصابة الأطفال بالسرطان في العراق تصل إلى 12%(Getty)
+ الخط -
يصعب على معظم المصابين بمرض السرطان في العراق الحصول على العلاجات اللازمة داخل المستشفيات  والمراكز المتخصصة. وأثقلت الأزمة الاقتصادية في البلاد على السكان لا سيما أصحاب الدخل المحدود منهم والمصابين بالأمراض المزمنة، ما جعل الفقر وقلة الإمكانيات المادية حائلاً بينهم وبين العلاج.

وقالت المريضة بشرى عمار (40 عاماً) لـ"العربي الجديد"، وهي مصابة بسرطان الدم، إنها لم تجد المال للحصول على العلاج، وهي بحاجة للعلاج الكيماوي والإشعاعي، مع قلّة المراكز المخصصة ونقص الأدوية والأجهزة اللازمة، "ما اضطرني لبيع مصوغاتي الذهبية وإنفاقها على شهر واحد من العلاج".

وتابعت: "العلاج كلفته مرتفعة للغاية، وهذا غير معقول. على الدولة التكفل بعلاج المصابين بهذا المرض اللعين، لأنه يستنزف الصحة والمال، لم يبق شيء لم أبعه حتى أثاث البيت، ورغم ذلك لم أتمكن من العلاج بالمستشفيات الخاصة أو المراكز المتخصصة. كنت دائما أبحث عن العلاج في المستشفيات الحكومية أو القريبة من سكني لأن التنقل يحتاج إلى مصاريف والعلاج فيها أقل كلفة".

يقول الشاب سرمد رؤوف (26 عامًا)، المصاب بسرطان المعدة، إنه لم يحصل على الدواء منذ أكثر من سبعة أشهر، لذلك أضطر لشرائه من الأسواق المحلية والسوق السوداء بسعر يتراوح بين 100 و700 دولار، كما أن علاج السرطان يختلف بحسب مكان الإصابة ونوع العلاج ومصادره، وكلما كانت المصادر موثوقة أكثر كانت أسعارها أعلى.

وأكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أغلب المرضى يكونون عبئا على عوائلهم لأن معظم الأسر نازحة ومهجرة أو تعاني الفقر، لافتاً إلى أن مثل هذه الأمراض تحتاج إلى غذاء خاص ورعاية، ومع قلة الدعم الحكومي يصبح الشفاء صعباً.

واعتبر أن الأزمة الاقتصادية أثرت على المواطن العادي، مشيراً إلى أن المستشفيات الحكومية كانت قبل سنوات تعالج المرضى مجاناً، إلا أنها اليوم أصبحت تصرف شريط "البراستيمول"(مسكن للألم) بثلاثة آلاف دينار أي نحو دولارين، وهذا يصعب الأمر على المرضى خصوصاً المصابين بالسرطان.

وذكرت الطبيبة سناء محمد، لـ"العربي الجديد"، أن عدد المراكز والمستشفيات المخصصة لعلاج المصابين بمرض السرطان غير كافية، خصوصاً أن أعدادهم تتزايد ويضاف إلى ذلك نقص الأدوية وارتفاع أسعارها، ما يثقل كاهل المرضى.

أوضح المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف بدر، أن المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق بلغ 2500 حالة مع نهاية العام المنصرم 2017، أي بمعدل 11 إلى 15 إصابة بين كل 100 ألف شخص. وأشار إلى أن 20 في المائة من الإصابات كانت لسرطان الثدي. وتابع أن الارتفاع الحاصل في الإصابات بين عامي 2003- 2017 يعود إلى ارتفاع عدد السكان الذي يتناسب طرديًا مع الإصابات بالسرطان.

وأكدت تقارير طبية ومصادر عالمية غير رسمية أن مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد تستقبل 12 ألف حالة سنويا تقريبا.

وأكد مدير مكتب المفوضية في محافظة ديالى، صلاح مهدي، في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، استناداً للإحصائيات الرسمية منذ بداية 2013 أن معدل الإصابة السنوية بالسرطان في ديالى بلغ 650 إصابة، ونسبة المصابين الأطفال ‎12 في المائة.

وأكد أن "الشفاء يتحقق لأغلب الأطفال المصابين مع توفر وحدة تخصصية لعلاجهم في مستشفى البتول".

وبيّن أن محافظة ديالى تفتقر لمركز متخصص بإمراض السرطان، داعيًا وزارة الصحة إلى ضرورة افتتاح مركز متخصص بأمراض السرطان في المحافظة لمعالجة كافة الفئات العمرية المختلفة التي تصاب بالمرض.

وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو 3300 مريض في مركز الأورام الخبيثة في مستشفى الجمهوري بمحافظة الناصرية، ونحو 1500 مصاب في محافظة كربلاء، كما تسجل محافظة البصرة جنوب العراق 50 حالة وفاة شهريًا بالمرض.

ويعاني أكثر من 500 مريض في محافظة صلاح الدين أوضاعاً صعبة لعدم تمكنهم من الحصول على العلاج المناسب، ولا يختلف الحال كثيرا عن باقي المدن العراقية.

وينتشر السرطان في العراق بشكل غير مسبوق. ولا تعطي الجهات الحكومية إحصاءات دقيقة وشاملة لعدد مرضى السرطان، لكن أرقام وزارة الصحة تفيد بأن أكثر من 25 ألف إصابة بالسرطان مُسجلة في العراق حتى الآن، أغلبها بسبب مخلفات الحرب وبعض أنواع الذخائر والأسلحة التي استخدمت خلال غزو العراق عام 2003.

وانضم العراق، عام 2007، إلى معاهدة أوتاوا، وهي تطالبه بتطهير أراضيه من الألغام وبقية مخلفات الحرب بحلول عام 2018، بهدف تحسين البيئة عبر مكافحة كافة أنواع الملوثات.

دلالات