طمطم

01 اغسطس 2017
+ الخط -

وسط المخيم المنقسم بين مؤيّدٍ ورافضٍ لاتفاق "أوسلو"، اختارت الأم أن تنادي طفلتها بـ"طمطم". كان لقب مطلق النار في الهواء غضباً "أبو النار"، أما "أبو الليل" فدافع عن ياسر عرفات حتى طُرد من مخيم برج البراجنة. فترة عصيبة يتقرر فيها مصير شعب، وكذلك تقرر مصير "طمطم". 

حاولَت الطفلة إخفاء لقبها الجديد عن رفيقاتها في المدرسة، لكنْ، سُرعان ما علمت إحدى الفتيات وهي جارة "طمطم"، حتى نادتها به أمام الزميلات. ومن ثمَّ بدأ أساتذة المدرسة بنسيان اسمها الحقيقي، وأصبحَ لقب "طمطم" أشهرَ أسماء مدرسة الأونروا للبنات.

في البدء، أحبّت الطفلة اسمها الجديد، ولا سيما أنه اسم شخصية كرتونية، صفاتها جميلة في مسلسل العرائس المصري الشهير "بوجي وطمطم". لكنها رفضته في مرحلة لاحقة، وشعرت أنه لقب سخيف، وإذا استمر معها في محيطها سيواصل معها حياتها حتى موتها.

غير أن رغبتها في استرجاع اسمها الحقيقي سرعان ما أصبحت أمنية صعبة التحقيق، إذ نسي الجميع اسمها، واللقب أصبح يسبق أي فعل تقوم به، لتُصدم بأن جدول زيارات المكتبة للتلميذات كتب فيه "طمطم" بدل اسمها الثلاثي.

غضبت من نفسها وأمها وزميلاتها وأساتذتها، وعملت على إلغاء هذا اللقب. وكلما سمعت أحدهم يناديها بـ"طمطم" لا ترد وتقول: "نادِني باسمي الحقيقي".

فشلت كل محاولاتها، حتى سألت أمها: لماذا أطلقتِ عليّ لقب طمطم؟ أجابت الأم: إنها شخصية كرتونية، وخدودك كانت تحمرّ مثل الطماطم. 

لم تجد حلاً لمنع "طمطم" من التداول، خصوصاً في المدرسة، حتى ذهبت إلى معلمة التربية الدينية تستشيرها في ذلك، فوعدتها بمساعدتها. وبالفعل كتبت المعلمة أوراقاً ووضعتها على المجلة الحائطية للمدرسة تحث على عدم "التنابز بالألقاب". وخصصت أسبوعاً كاملاً لحصص الدين أن تكون حول الألقاب ومضارها وضرورة عدم استخدامها. لكن لا حياة لمن تنادي، ولم تتعظ التلميذات. فقررت "طمطم" أن تبتعد عن زميلاتها وانتظرت سنوات كثيرة، حتى أصبحت في الجامعة، المكان الذي تتبدل فيه بعض العلاقات، ووجدت لها أصدقاء جددا.

سنوات مرت واستطاعت نسيان "طمطم" تجربتها هذه، وتخرجت وعملت وتعرفت على شاب وقررا الزواج، وأصبح اللقب "نَسْيًا منسِيًّا"، هكذا ظنت. إلى أن أرسل لها حبيبها رسالة على الهاتف يقول لها ألقاك مساءً عند أهلك "طمطم".

لم تنتظر للمساء حتى تعرف كيف اكتشف هذا السر الخطير، اتصلت به على الفور وسألته، بعصبية، كيف عرفت بهذا الأمر؟ رد ببساطة سألني أخوك هل ستمر لرؤية طمطم؟ فأعجبني اللقب.

أسرعت لتوضح له أنها تنزعج من هذا اللقب، لكنه تمسّك باللقب ووجده "رومانسياً" وحاول إقناع "طمطم" بتقبله، انتهى السجال بأن يناديها بـ"توتو" اختصاراً لـ"طمطم".

واليوم "توتو" أم، واختارت لابنتها لقب "زقزوق"، لتبدأ قصة جديدة من الألقاب.

صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.