صناديق التحوط العالمية... المستثمرون يتخارجون بفعل الضبابية وتقلّب الأسواق

29 اغسطس 2019
قلق في الأسواق تعززه الأزمات الدولية (Getty)
+ الخط -

في علامة جديدة على تزايد ضعف أسواق الأسهم والسندات العالمية، أكد تقرير حديث استمرار خروج الأموال من صناديق التحوط العالمية، خلال شهر يوليو/تموز الماضي، ليصل إجمالي ما سحبه المستثمرون، خلال الأشهر السبعة الأولى من 2019، إلى ما يقرب من 56 مليار دولار، في أسوأ معدل محقق خلال الفترة ذاتها من الأعوام الأربعة الماضية. 

وأوضح التقرير الصادر عن شركة "إيفستمنت" الأميركية، التي تقدم حلولاً برمجية تعتمد على البيانات للمديرين والمستثمرين، أن شهر يوليو وحده شهد خروج 8.42 مليارات دولار، وأن 37 في المائة فقط من تلك الصناديق حقق صافي تدفقات داخلة إيجابية.

وقال بيتر لورللي، مدير الأبحاث في الشركة، إن المستثمرين "تضرروا من العوائد الضعيفة، أو التي لم ترق إلى التوقعات، خاصة مع التكلفة التي يتحملونها".

وأشار التقرير، الذي يرصد تدفقات الأصول إلى صناديق التحوط ومنها، إلى أن أكبر نسبة استردادات للعملاء كانت من صناديق المضاربة على الأسهم، والتي شهدت استردادات بأكثر من 25 مليار دولار، على الرغم من أنها كانت صاحبة الأداء الأفضل منذ بداية العام، بمعدل ربحية يقترب من 10 في المائة.
وفي أغلب الحالات السابقة، توجهت الأموال الخارجة من صناديق التحوط إلى صناديق الاستثمار الخاص وصناديق الدين الخاص، التي تشير أحدث الإحصاءات إلى تمتعها حالياً بمستويات قياسية من الأرصدة غير المستغلة.

وفي نهاية يونيو/حزيران الماضي، نشرت جريدة فايننشال تايمز تقريراً، أكدت فيه أن حجم الأرصدة غير المستغلة المتوافرة لصناديق الاستثمار الخاص اقترب من 2.5 تريليون دولار، وهو أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، إضافةً إلى ما يتم جمعه للصناديق الجديدة، رغم تجاوز حجم الصفقات التي تم إبرامها خلال النصف الأول من العام ما قيمته 256 مليار دولار.

ويأتي نزيف الأموال خارج صناديق التحوط في الوقت الذي حققت فيه تلك الصناديق، بنهاية يوليو الماضي، أفضل بداية للعام منذ عشر سنوات، حيث ارتفع مؤشرها المجمع بنسبة 8 في المائة، بدافع من الأداء الجيد للأسهم والسندات، بالإضافة إلى العوائد المرتفعة المحققة في الصناديق الكلية، واسعة الانتشار في الأسواق العالمية، والتي اعتمدت في أرباحها، العام الحالي، بالأساس على انخفاض معدلات الفائدة الأميركية.
إلا أن تزايد التوقعات بالاقتراب من انتهاء أطول انتعاش في تاريخ الاقتصاد الأميركي، والذي بدأ بعد انتهاء الأزمة المالية العالمية واستمر حتى الآن لأكثر من عشر سنوات متواصلة، أضفى ضبابية على الرؤية في الأسواق، بصورة دفعت البعض إلى الخروج من تلك الصناديق، المعروفة بتذبذباتها الكبيرة مع تقلبات الأسواق.

وفي خطابه للمستثمرين بعد الإعلان عن نتائج أعمال الربع الثاني من عام 2019، أكد صندوق التحوط لون باين كابيتال الأميركي، الذي يدير أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات، أن معدلات الفائدة سجلت أدنى مستوياتها التاريخية، حيث يتم التعامل مع أكثر من 13 تريليون دولار في سوق الدين العالمية، تمثل أكثر من 20 في المائة من إجمالي الدين العالمي.

ولفت إلى أن ذلك تضافر مع المستويات التاريخية العالية من الاضطرابات التكنولوجية، ما خلق سوقاً للأوراق المالية بها العديد من القطاعات المميزة بتقييمات متفاوتة على نطاق واسع.

وفي إشارة إلى تضخم أسعار الأسهم بصورة مبالغ فيها خلال الفترة الماضية، أوضح الصندوق أن "أي تقييم حالي لمستوى الأسعار العام لسوق الأسهم يجب أن يأخذ في الاعتبار هاتين الظاهرتين".
وعلى الرغم من خروج الأموال من صناديق التحوط خلال الفترة الماضية، تسبب الأداء القوي للصناعة برمتها منذ بداية العام في استمرار الارتفاع في حجم الأصول المدارة، لتصل بنهاية يوليو/تموز الماضي إلى أكثر من 3.3 تريليونات دولار.

وتسبب الأداء السيئ لصناديق التحوط حول العالم في 2018، خاصة في الربع الأخير منه، الذي ساهم بالنصيب الأكبر في وصول خسارتها إلى أكثر من 5 في المائة، في خروج المليارات منها في بداية عام 2019. ولا تسمح القواعد المنظمة لعمل تلك الصناديق بسحب الأموال منها إلا في نهاية الشهر، أو في نهاية كل ثلاثة أشهر، في أغلب الأحوال.

ولم يكن الأداء السيئ وهروب الأموال من صناديق التحوط وحدهما مصدر قلق المستثمرين، حيث نشرت وكالة بلومبيرغ الأميركية قبل أيام تقريراً أكدت فيه انخفاض سيولة أسواق الأسهم والسندات العالمية بصورة واضحة، حتى إن التوصل إلى طرف آخر للتعامل معه لم يعد بالأمر اليسير.
وأشار التقرير إلى أن حجم التعامل اليومي في سندات الخزانة الأميركية، مقاساً كنسبة من حجم السوق، انخفض بنسبة تتجاوز 60 في المائة، مقارنةً بما كان عليه في عام 2007، وهي نفس النسبة التي انخفض بها التعامل في السندات الأقل جودة ائتمانية، والتي تدفع عادةً عوائد أعلى. وعلى الجانب الآخر، ارتفع حجم التعاملات ذات القيم المنخفضة أقل من مليون دولار، وهو ما يعكس صعوبة العثور على العملاء الراغبين في التعامل بالصفقات الكبرى.

وشهدت سوق الأسهم نفس التوجه، حيث قدّر بنك الاستثمار غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي انخفاض سيولة التعامل على الأسهم الفردية بنسبة تتراوح بين 30 في المائة و40 في المائة، بالإضافة إلى انخفاض التعاملات اليومية، والقفزات السعرية، وتزايد التذبذبات في الفارق بين أسعار البيع والشراء.
المساهمون