تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين

02 سبتمبر 2019
الحرب التجارية تهز الاقتصاد العالمي (فرانس برس)
+ الخط -
يحفل تاريخ الاقتصاد العالمي بالعديد من الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، التي كانت لها علامات بارزة في حياة الملايين، أغلبها بصورة سلبية، لكن الملاحظ أن العدد الأكبر من الأزمات الاقتصادية كان من نصيب الاقتصاد الأميركي.

في عام 1929، وقعت أكبر الأزمات وأشهرها، أزمة الكساد الكبير، بعد أن شهدت عشرينيات القرن انتعاشاً كبيراً في مجالي صناعة السيارات والإنشاءات، حتى إن شركة فورد كانت تصنع 9000 سيارة يومياً من طراز تي الشهير وقتها، وفي نفس الوقت بلغ الإنفاق على المنازل الجديدة 5 مليارات دولار خلال عام 1925.

وبينما كانت أسعار الأسهم تشهد ارتفاعات كبيرة، كانت أسعار المستهلكين في انخفاض، إلا أن مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" لم يعبأ وقتها بالأخيرة، ودعاه قلقه من تواصل ارتفاع أسعار الأسهم إلى رفع معدلات الفائدة من 3.5% إلى 5%.

لم يؤت رفع معدلات الفائدة ثماره على صعيد أسعار الأسهم، التي استمرت في الارتفاع، ليسجل مؤشر داو جونز الصناعي 381 نقطة، وهو أعلى مستوى له حتى تلك اللحظة، إلا أنه تسبب في انخفاض الإنتاج الصناعي بمعدل سنوي تجاوز 45%.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد ضاعفت الأنباء الواردة من لندن، والخاصة بانهيار بورصتها، بعد إلقاء القبض على كلارنس هاتري، رجل الأعمال الكبير الذي حصل على قروض ضخمة مقابل أسهم ادّعى ملكيتها، من مشاكل الاقتصاد الأميركي.

وخلال تعاملات يومي 28 و29 أكتوبر/تشرين الأول، فقد مؤشر داو جونز الصناعي الشهير 25% من قيمته، ووصلت خسائره بعدها بأسبوعين إلى 45%، قبل أن تبدأ البنوك الأميركية في الانهيار، ليفلس 1350 بنكاً خلال عام 1930 وحده، ويوقف البنك الفيدرالي نشاطه الأساسي وقتها، وهو إقراض البنوك التي تحتاج للسيولة، فيصل عدد البنوك المفلسة بحلول عام 1933 إلى 11000 بنك.

في 1973-1974، ترتب على انهيار اتفاقية بريتون وودز حدوث انهيارات في أكبر بورصات العالم، وعلى رأسها بورصة لندن، الأمر الذي ضاعفت من آثاره صدمة ارتفاع أسعار النفط، في أعقاب منع العرب تصدير البترول للدول المساندة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر المجيدة. وكان من أهم نتائج الأزمة انخفاض أسعار أغلب العقارات في بريطانيا وبلدانٍ أخرى، لتجد عشرات البنوك الأوروبية والأميركية الصغيرة نفسها مهددة بالإفلاس.

ثم جاءت الثمانينيات والتسعينيات، لتشهدا عشرات الأزمات الصغيرة، في أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا "النمور الآسيوية" وأوروبا، إلا أن أغلبها تم احتواؤه، رغم ما سببه من خسائر.

وعشية اكتمال الألفية، وخلال الفترة بين 1998 و2002 عصفت بالعالم أزمات اقتصادية كبيرة، في روسيا التي أفلست حكومتها، ثم البرازيل التي فقدت عملتها 35% من قيمتها، قبل أن يضرب العالم، المتقدم بصفة خاصة، ركود كبير، ضاعفت من آثاره فقاعة الإنترنت، الناتجة عن تزايد المضاربات على شركات الإنترنت حديثة النشأة، كما العديد من الفضائح المحاسبية في بعض الشركات الأميركية، بالإضافة إلى أحداث 11 سبتمبر.

وتزامن ذلك كله مع أزمة اقتصادية طاحنة في الأرجنتين، طاولت بعض بلدان القارة أيضاً، وترتب عليها إنهاء ارتباط العملة الأرجنتينية بالدولار، وظهور عملات بديلة، وعجزت الأرجنتين عن سداد ديونها، وارتفعت البطالة وانتشرت المظاهرات وسقطت الحكومات. وفي نهاية 2002، كان أكثر من نصف الأرجنتينيين تحت خط الفقر، بالإضافة إلى ربع آخر من المعوزين، واعتبر سبعة من كل عشرة أطفال من الفقراء.

في 2008، جاءت الأزمة المالية العالمية، التي يعتبرها محللون أكبر أزمة بعد كساد الثلاثينيات الكبير، والتي بدأت بأزمة الرهون العقارية في أميركا، قبل أن تمتد إلى العديد من البنوك الكبرى في مختلف بلدان العالم. وتسبب توسع العديد من البنوك، ومنها ليمان براذرز الذي انهار تماماً خلال الأزمة، في منح القروض وشراء الاستثمارات غير المفهومة لهم ولعملائهم، في مضاعفة آثار الأزمة، وامتدادها إلى العديد من الدول.

واضطرت البنوك المركزية والحكومات وقتها إلى التدخل لشراء العديد من البنوك ومؤسسات الإقراض الأخرى، التي كانت على وشك إعلان إفلاسها، لمنع انهيار النظام المالي العالمي، إلا أن ذلك لم يمنع دخول العالم في ركود كبير، استمر لسنوات، وتأثرات به بشدة اقتصادات أوروبا وأميركا واليابان المتقدمة، كما اقتصادات آسيا الناشئة، ومنها ما لم يتعاف تماماً حتى الآن.
المساهمون