صراخ الأطفال والخوذات البيضاء: "مشان الله لا تموتي يامو"

06 أكتوبر 2016
محاولات متواصلة لحماية النساء والأطفال (فيسبوك)
+ الخط -


استهدف طيران النظام السوري عشرة مراكز تابعة للدفاع المدني، وقصف الطيران الروسي ستة مراكز في شهر أغسطس/ آب الماضي، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لكن ذلك لم يمنع أصحاب الخوذ البيضاء من الاستمرار في عملهم، ما جعلهم الأوفر حظاً لنيل جائزة نوبل للسلام غداً الجمعة، وتعويض مالي بقيمة 90 ألف دولار بعد فوزهم بمسابقة الرايت لايفليهود، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

لم تكن بدايات العمل في فريق الدفاع المدني بالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة مدروسة، ولم يكن مخططا لها أن تتحول إلى منظومة؛ فلم تكن في بداياتها سوى عدد من المتطوعين لا يزيد عددهم عن عشرة أشخاص، في كل منطقة محاصرة، لكن تضاعفت أعدادهم حتى وصلت إلى ثلاثة آلاف متطوع، موزعين على 121 مركزاً في ثماني محافظات.

ويروي مدير المركز 106 دفاع مدني في ريف حماة الغربي، إبراهيم جودي، وأحد عناصر الدفاع المدني في محافظة حماة المؤلفة من 279 متطوعاً، القصة لـ"العربي الجديد"، فيقول "كنت موظفاً بمؤسسة المياه حين بدأت الثورة، ولم يمض وقت طويل حتى انتقلت الثورة لمرحلة جديدة تجسّدت باستهداف النظام للمدنيين وقصفهم بشكل مكثف، فبدأت أنا ورفاقي دون أي تنسيق بالذهاب إلى مكان وقوع أي قذيفة أو أي مكان مستهدف من قبل الطيران، لإسعاف المصابين".

وأردف جودي "كنا نعتمد في عملنا في بدايات القصف على سيارة خاصة بأحد زملائنا من عناصر الدفاع المدني، وأسعفنا أكثر من حالة أثناء القصف، وكنا نتفقد كل من يحتاج إلى مساعدة لإخلاء منزله أثناء القصف، وتطور عملنا حتى بدء تشكيل الدفاع المدني السوري، فقدمت أوراقي للانتساب إليه لأن هذا العمل هو ما أبحث عنه، إضافة لتشابهه مع طبيعة عملي الأساسي، وبعد قبول انتسابي لهذه المنظومة بدأت وزملائي عمليات الإسعاف وإنقاذ المصابين وإطفاء الحرائق، وشعرنا بأهمية العمل الذي نقوم به".

"سأظل أناضل لاسترجاع الوطن. لأنه حقي وماضيّ ومستقبلي الوحيد"، عبارة قالها الكاتب الراحل غسان كنفاني مدافعاً عن وطنه فلسطين، لكنها تبدو شعارا لكل عناصر الخوذات البيضاء في سورية، الأمر الذي جعلهم الأكثر تميزاً بين كافة المؤسسات التي أنجبتها الثورة، والأكثر حيادية وتأهلاً للحصول على الجوائز، رغم أنهم لم يسعوا للشهرة لأن عملهم إنساني بحت.

لم يخرج عناصر الدفاع المدني ذات يوم لاستلام جائزة، بحسب ما قال جودي، "نخرج فقط للقيام بواجبنا الذي هو أسمى من أي شيء آخر، لا أستطيع أن أنكر أننا فرحنا لأخذ جائزة، لأن الجميع أكدوا نقاء عملنا وقيمته الحقيقية".

وقصّ جودي ذو الـ36 سنة، والأب لثلاث بنات، لـ"العربي الجديد"، قصة حدثت معه، ولا تغيب عن ذهنه أبداً، فقال "أسعفنا مرة امرأة وثلاثة أطفال بعد قصف منزلهم، وكانت الأم في وضع خطر، بينما كانت طفلة تصرخ: مشان الله لا تموتي يامو. نحن بنحبك إن شاء الله أنا باموت ولا إنت ماما. مين بدو يدير بالو علينا"، وتابع "كنت أتخيل في كل مرة هذه الطفلة وكأنها ابنتي تصيح لي أبي لا تمت، القصة تغلغلت في قلبي ولا أستطيع نسيان صراخ الطفلة حتى اليوم".

لم يعتد أهالي عناصر الخوذات البيضاء على حياة ذويهم المفعمة بالمخاطر، رغم طول المدة التي مارسوا فيها هذه المهنة، يقول جودي: "رغم أن عملي الدائم ضمن الدفاع المدني، ورغم أنهم اعتادوا على خروجي وقت القصف، إلا أن خوفهم علي لم يتغير، لذا في كل مرة أودعهم، أعتبر أنه اللقاء الأخير".

مدير المركز 106 دفاع مدني بريف حماة الغربي (فيسبوك) 


المساهمون