صحوة مافياوية وعنصرية كورية ونفاق أميركي

29 يناير 2020
+ الخط -
ـ نشرت مجلة (ذي ويك) الأميركية مقتطفات من مقالة للكاتب داريو ديلبورتو نشرها في صحيفة (لا ريبوبليكا) الإيطالية بعنوان "المافيا في كل مكان الآن"، يشكو فيها من عودة عصابات الجريمة المنظمة للصعود والانتشار في كل أنحاء المجتمع الإيطالي، معتمداً في مقاله على تفاصيل تقرير رسمي صدر حديثاً عن القسم المخصص لمكافحة نشاطات الجريمة المنظمة في الشرطة الإيطالية. كشف التقرير عن زحف عصابات المافيا الصقلية من جنوب إيطاليا إلى شمالها، حيث بدأت الكثير من العصابات المحلية في الشمال تقوم بتقليد أسلوب عملها المفرط في وحشيته، أشار التقرير أيضاً إلى قيام عصابة في مدينة فوجيا الكائنة في جنوب شرق إيطاليا بمحاولة تفجير شاهد رئيسي في قضية منظورة أمام القضاء، وحين فشلت المحاولة الأولى تكررت مرة ثانية الشهر الماضي، وهو ما دفع آلاف المواطنين إلى التظاهر في الشوارع احتجاجاً على ذلك.

في صقلية لا زال ماتيو ميسينا دينارو زعيم عصابة كوزا نوسترا صاحبة الشهرة المدوية في عالم الإجرام يخضع للمحاكمة في إحدى دوائر مدينة تراباني الكائنة في غرب صقلية، في حين تمكنت المافيا في باليرمو من تقوية علاقاتها مع عصابات الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة. أما عصابة (جامورّا) الشهيرة في نابولي فهي تواصل في الفترة الأخيرة تقوية نفسها ونشر أنشطتها بشكل يجتذب المزيد من الشباب إلى صفوفها، وهو ما شبهه الكاتب بتأسيس أكاديمية جامورّا لتدريب الشباب.

يكشف التقرير الذي قام الكاتب بعرضه أن عصابات الجريمة المنظمة هذه تمكنت خلال الفترة الماضية من مد أنشطتها بعيداً عن الشكل التقليدي لأنشطة المافيا المقتصر على منح القروض والتربح منها والعمل في صناعة إعادة تدوير النفايات، ونجحت في الحصول على عقود حكومية مهمة في كافة المجالات، وبتورط واضح من مسئولين من كل المستويات من أعضاء المجالس المحلية إلى أعضاء البرلمان، وهو ما سمح لزعماء تلك العصابات بغسيل أموالهم ومضاعفة أرباحهم، وهو ما يجعل تأثير ذلك التزاوج بين اقتصاد المافيا والسياسات المحلية في رأيه أشد خطورة على المجتمع من الأفعال الفردية العنيفة لعصابات المافيا، لأن نجاح زعماء العصابات في شراء السلطة والقانون بمنتهى السهولة، يعني فقدان الأمل في الديمقراطية الإيطالية وقدرتها على تحقيق العدالة.


ـ في افتتاحية أحد أعدادها الأخيرة تحدثت صحيفة (هانكيوريه) الكورية عن العنصرية التي يتعرض لها اللاعبون الأفارقة في أندية كرة السلة في كوريا الجنوبية، وكيف نجح العنصريون في كوريا الجنوبية في جعلهم يشعرون أنهم غير مرحب بهم في البلاد، مستشهدة بتصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي اللاعب ذو الأصول الأفريقية ريكاردو راتليفي والذي بدأ اللعب في دوري كوريا الجنوبية في عام 2012، وبعد أن حصل على الجنسية الكورية في عام 2018 أصبح نجم خط الوسط في المنتخب الوطني الكوري لكرة السلة، لكنه برغم كل ما حققه من إنجازات رياضية جعلته مثلاً يحتذى به لدى اللاعبين الشباب، قال إنه حين يؤدي بشكل سيء أو أقل من المتوقع في بعض المباريات، لا يتلقى رسائل غاضبة عادية مثل زملائه من اللاعبين، بل يتلقى رسائل كراهية وتعليقات عنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي من الكثير من المشجعين، الذين يطالبونه بالرجوع إلى بلده ويستخدمون تعبيرات عنصرية بغيضة، وبعد أن انتشرت شكوى راتليفي وأحدثت الكثير من ردود الفعل، تشجع زميل آخر له وهو اللاعب الأمريكي من أصول أفريقية براندون براون على التعبير عن معاناته من العنصرية خلال لعبه في دوري كرة السلة في كوريا الجنوبية، مستشهداً بعشرات الرسائل والتدوينات التي تطلق عليه أوصافاً عنصرية وتتمنى له الموت أبشع ميتة.

أعربت الصحيفة عن استيائها الشديد من تلك الممارسات الكريهة، خاصة أن الرياضيين الكوريين أنفسهم يتعرضون للتمييز العنصري حين يلعبون خارج كوريا الجنوبية، وآخر واقعة حدثت في ذلك الصدد كانت حين تعرض فريق كرة الطائرة النسائي لكوريا الجنوبية من مضايقات عنصرية وجهها بعض منافساتهم من عضوات فريق كرة الطائرة الروسي، اللواتي قمن بتضييق جوانب أعينهن خلال اللعب، وهي أشهر الممارسات العنصرية التي يتعرض لها الآسيويون من غيرهم، وعلقت الصحيفة على ذلك قائلة: "على الكوريين أن يسألوا أنفسهم لماذا يشعرون بالضيق حين يسمعون أخباراً من ذلك النوع، في حين لا زال السود يتعرضون للمضايقات العنصرية في كوريا بشكل لا يتعرض له الأجانب البيض"، معتبرة أن سيادة تلك العنصرية الكريهة والمؤسفة تتناقض مع سعي المجتمع الكوري لترسيخ التعدد الثقافي.

ـ في الأسبوع الماضي تمكن 75 سجيناً على الأقل من الهرب من أحد سجون باراجواي الواقعة على الحدود البرازيلية بعد أن قاموا بحفر نفق طويل قادهم إلى خارج السجن، من بين الهاربين أعضاء في "فيرست كابيتال كوماند" أخطر عصابات المخدرات البرازيلية التي يبلغ عدد أعضاءها حوالي 30 ألف عضو، والتي اشتهرت بارتكاب جرائم قتل وحشية خلال ممارسة أعضائها لتهريب المخدرات والأسلحة، وقد قالت السلطات المختصة إن النفق ربما كان مجرد خدعة للتمويه على وجود اتفاق مع بعض مسئولي السجن على تهريب المساجين من بوابة السجن الرئيسية خصوصاً أن السجن يحتوي على أكثر من ألف نزيل، وقد أعلنت وزيرة العدل سيسيليا بيريز في تصريح لها عقب إقالة مدير السجن وستة من الضباط "نحن متأكدون أنه كان هناك مؤامرة مخزية شارك فيها حرس السجن"، ما زاد الأوضاع سوءاً أنه بعد يوم واحد من تلك الواقعة، نجح 26 عضواً من نفس العصابة في الهروب من سجن برازيلي، وحتى الآن لم تعلن شبكة (نيتفليكس) عن عمل مسلسل تلفزيوني عن أي من الواقعتين.

ـ في عددها الأخير نشرت مجلة (ذي هاربر) الأمريكية نماذج للإجراءات التي اتخذتها عدد من كبرى المؤسسات والشركات الأمريكية لاسترضاء الصين في السنوات الماضية من أجل الحفاظ على المصالح الاقتصادية التي تربط هذه المؤسسات والشركات بالحكومة الصينية، والتي كان من بينها الآتي: ممارسة الرقابة على الأعمال الغنائية الأمريكية التي تشير إلى مذبحة ميدان تيان آن مين الشهيرة والتي يحظر أي إشارة إليها من أي نوع داخل الصين ـ إلغاء محاضرة عن حقوق المرأة الصينية ـ إزالة تطبيق الكتروني يسمح للمتظاهرين في هونج كونج برصد حركة ضباط الشرطة المتوجهين لقمع المظاهرات ـ منع مناقشة التطورات السياسية في هونج كونج في بعض البرامج الإخبارية ـ إزالة أي إشارة إلى تايوان بوصفها دولة من مواقع الشركة على الإنترنت ـ الاعتذار عن تصميم تي شيرت عليه خريطة الصين دون أن تكون تايوان ضمن الخريطة ـ إزالة علم تايوان من الرموز التعبيرية "الإيموجي" الموجودة في لوحات المفاتيح لأجهزة يتم استخدامها في ماكاو وهونج كونج ـ إلغاء زيارة كان يفترض أن يقوم بها الدالاي لاما لأحد الجامعات ـ طرد باحث من الجامعة لقيامه بالتحقيق في وجود ضغوطات من الحكومة الصينية على المؤسسات التعليمية ـ إيقاف أحد لاعبي ألعاب الفيديو المحترفين وإجباره على رد أموال جائزة حصل عليها بعد أن أعرب عن تأييده للمتظاهرين في هونج كونج ـ فصل موظف بفندق في أوماها بولاية نبراسكا بعد أن ضغط على زر الإعجاب بتغريدة مؤيدة لحقوق التبت ـ إلغاء مشاركة في مسابقة لتصميم الأحذية الرياضية كانت قد صورت متظاهري هونج كونج وهم يرتدون أقنعة الغاز والقبعات الصلبة والنظارات الواقية ـ إزالة إعلان لشركة تظهر فيه عارضة وهي تغطي عينها اليمنى بسبب تشابه حركتها مع الحركة التي قام بها المتظاهرون في هونج كونج رداً على إصابة العديد من المتظاهرين في أعينهم ـ تغيير شخصية بطلة خارقة من التبت كانت ستظهر في أحد أفلام مارفل واستبدالها بشخصية امرأة بيضاء ـ حذف مشهد في أحد الأفلام تم تصويره في مدينة شنغهاي يسير فيه توم كروز إلى جوار حبل غسيل تم نشر العديد من الملابس الداخلية عليه لأن ذلك يسيئ إلى سمعة الصين.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.