شدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على أنّ "العلاقات بين القاهرة والسعودية لا يوجد بها توتر"، مستدركاً بأنّه يوجد "خلاف في الرؤى بشأن عدد من القضايا المطروحة على الساحة"، في إشارة إلى الملف السوري.
وقال شكري، في تصريحات صحافية "نحن لسنا دولة واحدة، ولنا رؤى تتطابق وتختلف في أحيان عدّة، والاختلاف لا يعني أن هناك مشكلة بين البلدين، لكننا متفقون على المصير المشترك والاعتماد المتبادل والعمل على تعزيز العلاقة وتقويتها واستمرار الحوار حتى تصير سياسات فيها تطابق".
وأوضح أنه "فيما يتعلق بالقضية السورية لا يمكن تسمية الموقف بين القاهرة والرياض بأنّه خلاف، ولكنّ هناك موقفاً من جانب المملكة كان يركّز على ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية، ومصر لم تسر في هذا النهج".
وأضاف وزير الخارجية المصري، أنّ "مجالات التطابق في المواقف كثيرة بشأن ضرورة استعادة سورية استقرارها وتخليصها من مخاطر الإرهاب والمساعدة في بناء دولة تعبّر عن الشعب السوري الشقيق والحفاظ على سيادتها ومنع أطراف غير عربية من التدخل في شؤونها، لكن الخلاف يتعلق بما إذا كان الصراع المسلح يمكن أن يحسم الأمور في سورية أم لا"؟
وأكّد شكري أنّ "موقف مصر منذ البداية هو أنّ الصراع المسلّح لن يحسم شيئاً، وأنّه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في سورية جديدة، بينما رؤية السعودية هي أنّ الصراع المسلّح يحسم الأمور في البلاد ويؤدي إلى التغيير، ولكن هذا لم يحدث".
ونقلت "العربي الجديد" عن مصادر دبلوماسية مصرية، قبل عشرة أيام، أنّ "هناك فتوراً في العلاقات السياسية بين السعودية ومصر، بسبب خلافات في وجهات النظر حول العلاقات مع روسيا والموقف من الأزمة السورية، وملف التعامل مع تيارات الإسلام السياسي وبصفة خاصة جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في قطاع غزة".
وأشارت المصادر إلى "شعور في الأوساط السعودية الرسمية والقريبة من أولياء الأمر بالرياض، بأنّ السلطة الحاكمة في مصر ترغب فقط في الحصول على دعم اقتصادي كبير مقابل تسهيلات استثنائية للمستثمرين السعوديين، دون أن تقدم خدمات سياسية إقليمياً للمملكة، خاصةً في ظل عدم وضوح موقف الحكومة المصرية من أزمة تسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، وبالتالي تأخّر بدء تنفيذ المشروع السعودي لإنشاء جسر الملك سلمان الواصل بين البلدين مروراً بمضيق تيران".
وبدا الفتور واضحاً في التغطية الإعلامية المصرية والسعودية المتحفظة للقاء الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الصين على هامش قمة مجموعة العشرين، كما أنّه كان من المنتظر أنّ يزور وزراء سعوديون القاهرة، خلال شهر أغسطس/آب الماضي، للتباحث في بعض الموضوعات الاستثمارية، إلا أنّ الزيارة تأجّلت إلى ما بعد موسم الحج، بحسب مصادر حكومية مصرية.
وأوضحت المصادر أنّ "هذا المشهد الفاتر المتشابك ينعكس بمستويات عدّة، ففي ملف الخلاف الأول الخاص بالعلاقات مع روسيا، عبّرت الرياض، عبر وسطاء ودبلوماسيين محل ثقة من الجانبين، عن غضبها مما وصفه بعض المسؤولين بالارتماء المصري في أحضان روسيا، سواء بسبب موقف السيسي السلبي من المطالبات السعودية في الأزمة السورية، ودعمه الضمني للإبقاء على الرئيس السوري، بشار الأسد، كجزء من خريطة المستقبل السورية، وتقديم بعض خدماته لروسيا كاستضافة بعض الفرقاء القابلين للتدخل الروسي.
وذكرت أنّ "المسؤولين السعوديين يعتبرون أن روسيا لم ولن تقدم للسيسي أي مقابل لهذه الخدمات، في ظل استمرار توقف الرحلات الجوية الروسية لمصر على خلفية حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء العام الماضي، واستمرار اعتماد مصر أساساً على أسلحة أميركية في حربها على الجماعات المسلحة في سيناء".
وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ "السيسي له حسابات أخرى في هذا الملف، فهو يتحرك نحو روسيا بدافع الخوف من أي انقلاب أميركي مفاجئ ضدّه في حال فازت المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، والتي يدرك الرئيس المصري جيداً أنّها ليست متحمسة للتعاون معه، وله تجربة سابقة سلبية معها خلال فترة تظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013".
وأضافت "على الرغم من اعتناق السيسي أفكاراً مختلفة عن الإدارة السعودية الحالية فيما يتعلق بسورية، إلا أنه يتعمد ألا يعلن عنها صراحة تحسباً للغضب السعودي، وحفاظاً على العلاقات الاقتصادية التي تسير على ما يرام بين البلدين".