لدى شباب فلسطين أمنيات ليست مستحيلة، ربّما هي مطالب تحوّلت لأمنيات نتيجة ظروف الاحتلال والانقسام والحصار والاقتصاد المتدنّي، ومشاكل أخرى تُفتعل كل يوم، وما بين أمنيات فتح المعابر وتحسين خدمات الكهرباء في غزّة، إلى أمنيات انتهاء الاحتلال والحواجز في الضفة الغربية.
"جيل" أجرى استطلاع رأي بين شباب فلسطينيين في غزّة والضفة، بعضهم من العاطلين عن العمل، يُعبّرون عن أمنياتهم في تغيير واقعهم في فلسطين. إجابتهم في الغالب أجمعت على خلق فرص في الحياة، وإيجاد حلول لعيش كريم فقط.
يُجيب أحمد أبو مصطفى (24 سنة)، خريج معهد التجارة بخان يونس، عن سؤال حول كيفية تغيير الواقع إن عاد الأمر إليه في مجال واحد، فماذا سيختار؟ يقول: "أمنيتي أن أتثبت في وظيفة وأبتعد عن البطالة اللعينة، لأنني كل ثلاثة أشهر أعمل تحت ذلّ البطالة في مؤسّسات مختلفة، أكثر ما أتمنى أن يتغير، هم القائمون على معبر رفح كلهم، أريد إزالتهم حتى أتمكّن من السفر أنا وغيري من الشباب لنشاهد الحياة في الخارج بعيدًا عن لعنة السياسة".
وعن السؤال نفسه يجيب أحمد مهنا (26 سنة)، خريج إدارة باللغة الإنكليزية من غزّة: "لا أريد أن أفكر في الأماني لأنها محجوبة في بلادي، الأسوأ هو ما يأتي، لهذا لا أريد ان أتمنى، فيمكن أن تقوم حرب على غزّة العام القادم، لذلك لا قيمة لكل هذا. الواقع الذي أريد تغييره مثلما يريد مليونا مواطن غزي تغييره، بداية بالقائمين على شركة كهرباء غزّة وسلطة الطاقة، لأنهم يتفنّنون في عزف أسطوانة منع الوقود عن غزة".
دعونا وشأننا
قد تتشابه الأماني والأحلام عند الفلسطينيين لتشابه وضعهم، غير أن هناك من ما زال يحلم بأن تكبر أشجاره قبل أن يدوسها الصهاينة كما في كل مرّة، يقول إيّاد جرار (24 سنة)، طالب ماجستير إعلام من جنين: "أمنيتي بسيطة أن تكبر مزرعتنا وأشجار أراضينا من دون أن يتدخّل فيها المستوطنون أو يخرّبوها كما في كل عام، وأتخرّج من دراساتي العليا في الماجستير بتفوّق. أما ما أطمح إلى تغييره هو أن يزول الاحتلال عن الضفّة الغربية، ولا نهان أمام الحواجز، لأنني أكره نفسي عندما أتنقل بين نابلس ورام الله كل أسبوع بسبب الحواجز".
وعلى خطى النظرة المتأملة في الحياة، يجيب أحمد أبو نويصر (26 سنة)، خريج تكنولوجيا معلومات، أريحا: "لدي أمنيتان؛ أبني منزلًا مستقلًا، والثانية ألا أرى مسؤولًا فلسطينيًا في منصبه وأن يتركوا المناصب للشباب لأنهم سيغيرون واقعهم بطريقة أحسن منهم"، أما الشاب أيمن (28 سنة)، خريج تعليم أساسي من غزّة، فهو على غرار كثيرين ممن ضاقت بهم السبل إذ يصرّح: "لا أريد أن أتمنى، ولا أريد أن يتغيّر شيء، فقط أخرجوني من البلد حتى لو على الصومال لكي أعيش، وأنتم أحرار في فلسطين".
من جهته مصطفى داود (27 سنة)، خريج تربية لغة إنكليزية بنابلس يوضّح: "لا أتمنى أماني يصعب تحقيقها، لأننا في فلسطين نُحاسب على الأحلام، لكن أتمنّى أن أفتتح مشروعًا تجاريًا خاصًا بي ولا أريد الانخراط في أيّ مؤسسة عامة تقيدني أو مؤسسة خاصّة تستغلني. الواقع الذي أتمنى تغيره، كل شيء، من مؤسّسات وحكومات هنا وعند إخوتنا في غزّة، ويترك السياسيون فلسطين وشأنها للشباب".
هوية، معابر، سلام
في وقت يتمنّى فيه فلسطينيون الحصول على كهرباء مستقرّة ومنصب عمل دائم، مازال هناك من يبحث عن هوية إلى اليوم. وفاء (30 سنة)، خريجة صحافة من غزة، تعبّر عن ذلك بالقول: "أمنيتي هي الحصول على هوية فلسطينية، لأني ما زلت بدون هوية فلسطينية، وما زلت نازحة، وأريد تغيير واقع المعبر لأسافر للخارج"، وحين يتكرّر الحديث عن المعبر يعود الحديث عن السفر والعيش في أوروبا، ميري سابا (23 سنة)، خريجة تربية علوم، من بيت لحم هي إحدى الشابات التي يراودها هذا الحلم، إذ تقول: "العيش في أوروبا هذا ما أتمناه، بعيدًا عن كل معوقات الحياة في فلسطين، رغم أننا كلنا مجمعون على حبّها، لكن من حقي أن أبحث عن سبل عيش كريمة. الواقع الذي أريد تغيره هي المناصب الكبيرة في السلطة والمؤسّسات الدولية، لأنهم لا يتركون فرص للشباب وكل واحد في منصبه منذ 20 عامًا وبالضبط في يده التحكّم في التوظيف".
ربما تدفع حالات اليأس، إلى تمني أشياء قد لا يتنبه إليها كثيرون في الدول البعيدة عن الصراعات السياسية ومناطق التوتّر، مؤمن دياب (28 سنة)، خريج آداب لغة إنكليزية من غزة، يقول: "أمنيتي تخفيض ثمن السجائر والمعسّل، وعندها أفكر في أمنيات أخرى إن تمت هذه الأمنية. أما الواقع أريد تغير كل شيء من المعابر إلى الحكومة إلى الفاسدين في المؤسّسات إلى مديرين يستغلون الشباب،.. من الآخر يتركوا بلدنا في حالها".
أما أيمن الخليلي (26 سنة)، خريج فنون جميلة من القدس، فله رأي آخر: "أمنيتي الآن الهجرة وبكل وضوح، أريد بلدة تبتعد عن التجاذبات السياسية، يتركوني أرسم وأعبّر عن الجمال من غير قيود دينية وسياسية. الواقع الذي أريد تغييره هو العقول المفكّرة كلها في فلسطين وأولها عقول السياسيين، لأنهم ما بين دين يريدون فرضه بتعصّب في غزة، وما بين إيديولوجية سلام في الضفة وكلها أرجعتنا إلى الوراء".