شبابك غزة.. في العطلة عمل أيضاً

30 ابريل 2015
+ الخط -

العطلة الصيفيّة في فلسطين تختلف عن غيرها في البلدان العربيّة. فالحال في قطاع غزّة مثلا لا يختلف اليوم عنه بالأمس، هذا بالتأكيد بفعل الحصار الواقع عليه من إسرائيل منذ ثماني سنوات، وكذلك مصر التي اشتركت هي الأخرى بإحكام حصارها من خلال إغلاق "معبر" رفح البرّي، الذي يشكل متنفّس الغزّيين وطريقهم الوحيد للسفر إلى خارج القطاع.

وبين الأولى والأخيرة، يكاد يكون البحر الملاذ الأوحد لحوالى مليون و800 ألف مواطن غزّي، للاستجمام تارة، والعمل تارةً أخرى. إذ يسعى معظم طلّاب المدارس والجامعات إلى استغلال العطلة الصيفيّة في العمل لتحصيل بعض المال في ظل الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها فلسطينيو غزة.

بأصوات عالية ومنذ الصباح الباكر إلى أن تهترئ قدماه ويغلب عليه النّعاس، يصرخ هشام الحاج: "قهوتنا قهوة ديليس اشربها بتصير عريس" لاستقطاب الزبائن ممّن يلجأون إلى ميناء غزّة البحري للاستجمام. ويقول لـ"جيل العربي الجديد": كان لا بدّ من العمل في بيع القهوة ومحاولة لفت انتباه المارّة هنا لكسب المزيد من المال، فأبي يصنع القهوة وأنا آخذها وأبيعها وأسعى إلى إقناع الناس أنها أفضل ما يمكن لكثرة البائعين هنا، فلي أسلوبي الخاص في انتقاء الكلمات وجذبهم".

وعن العطلة الصيفيّة يعلّق: "لا أشعر بأن هناك فرقا بينها وبين أيام الدوام المدرسي، بل إن التعب يزداد، ولكنّها فرصتنا للحصول على المزيد من الشواكل". لافتاً: "أنا أحزن على أبي وأصرّ على العمل معه، هو يحاول أن يعطيني فرصتي في اللعب والراحة وأنا أرفض. فيجب أن أساعده وأخفّف عنه لنعيش بسلام بعيداً عن مشاكل الديون التي تغرقنا في المحلات إن لم نعمل بكد".

لا يختلف حال الحاج كثيراً عن عبد دياب (11 عاماً) إذ إنه يعمل في بيع الصحف منذ سنوات بعد انتهاء دوامه المدرسي في أماكن معيّنة قام بتقسيمها بينه وبين بعض زملائه العاملين، كي يجد كل منهم رزقه دون التأثير على غيره، قائلاً: "العطلة الصيفيّة تأتي لتخلّصني من كابوس العمل مع الدوام. ففيها أقوم ببيع الجرائد إلى جانب بسطة تحتوي على بعض السكاكر والشيبس والشوكلاتة، ليصبح دخلي أعلى ممّا هو عليه في أيّام الدوام المدرسي".

ويضيف: "العطلة الصيفيّة غالباً ما تفتح لي المجال للربح أضعاف يوميتي، لو كان بعد الدوام ولسويعات محدودة كما اقتصارها على الصحف، لأنّني لا استطيع حمل غيرها من المنتجات للبيع، كوني لا أقف في زاويّة واحدة، بل أتردّد على أحد الأبراج التي يعمل بها الصحافيّون ومن ثمّ أنزل إلى الميناء".

"عطلة من اللي بتحكي عنها؟" قالها أنور حمدان (21 عاماً) بسخرية، مشيراً إلى أن التفكير في العطلة الصيفيّة بشكل إيجابي لا يحدث في مدينة "بائسة" معظم ساكنيها يهمّون لتوفير قوتهم اليومي. ولفت حمدان- وهو طالب جامعي: "ما أن ينتهي دوامي الفصلي إلا وأبدأ في البحث عن عمل لتأمين رسوم الفصل الجديد للجامعة لي ولأختي، لأن أبي عامل من عمّال "إسرائيل" وهو منذ سنوات يبيع الترمس ولا دخل جيدا لنا. فنكاد نعتاش به إلى جانب بعض الكوبونات التي تُمنح لنا من هنا وهناك"، ولهذا يضطر حمدان إلى العمل كبائع لـلعلكة والسجائر على جانبي الطرق المزدحمة.

وقد أجبرت الظروف القاسية والصعبة في قطاع غزة الآلاف من الأطفال على العمل. ويذكر أنّ أكثر من 65 ألفا من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاما في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة يعملون لمساعدة ذويهم، بالإضافة إلى 102 ألف تحت سن الـ18 يعملون أيضاً. ويبدأ عمل هؤلاء على جانبي الطرق المزدحمة، والمشي في الشوارع والبحر والميناء، والعمل في المصانع، وهي كلها أمكنة ليست مخصصة لهم في هذه المرحلة العمرية على الأقل.


(فلسطين)

المساهمون