شابة تقود "بيزنطة" إلى النجاح

12 نوفمبر 2014
مبادرات فردية للاستثمار السياحي(العربي الجديد)
+ الخط -
منذ الوهلة الأولى التي تتجاوز فيها مدخل الفندق، تشعر بطغيان اللمسة ‏الأنثوية في كل التفاصيل. سيدة اسمها سنية دليمي فقيه، استطاعت تأسيس فندق بيزنطة Byzance)‎‏) لتديره فيما بعد وحدها، فلمع اسمها في مجال السياحة في تونس.

الاستثمار الخاص
تقول سنية إنه بعد تخرّجها من المدرسة العليا للتصرّف بتونس، قررّت وزوجها الراحل، أن يخوضا غمار تجربة الاستثمار ‏الخاص في القطاع السياحي. "كنا من أول المستثمرين الشبان الذين استفادوا من التشريعات الخاصة ‏بالباعثين والمستثمرين الشبان في أوائل التسعينيات من القرن الماضي". هكذا "تأسس النُّزل سنة 1995 لأتولّى ‏إدارته بعد رحيل زوجي‎ ‎في نفس السنة".‏
منذ البداية، كان الطريق صعباً. فرغم الدعاية الرسمية لمنظومة تشجيع المستثمرين ‏الشبان، والرغبة الظاهرة في التشجيع على الاستثمار في القطاع السياحي، إلا أن الواقع كان مغايرا تماماً. ‏إذ إن "دفتر الشروط الخاص بإنشاء الفندق مجحف للغاية، خصوصاً عند التصنيف، حيث يحدّد عدد الأسرّة ‏بالنسبة للفندق ذي الـ3 نجوم بـ140 سريراً. هذا الواقع منعنا من الاستغلال الجيّد للموسم السياحي، وحدّ من ‏قدرتنا على الإيواء وقت الطفرة".
وتضيف فقيه أن كل هذا يوضع في كفة، وفي الكفة الأخرى تأتي ما تفرضه المصارف من فوائد مرتفعة واقتطاع للفوائد ‏من المبلغ الأصلي للقرض "مما يسبب للمستثمر الشاب محدود الإمكانيات صعوبة وعجزاً في السيولة، ‏دون أن ننسى طبعا بطء الإجراءات الإدارية والبيروقراطيّة التي تعرقل حسن سير المشروع وسرعته".‏
‏خلال سنوات عمل الفندق، اكتشفت فقيه أن الدخول في قطاع السياحة ليست بسيطة؛ كونه ليس قطاعاً عادياً يتأثر بسوق العرض والطلب، وإنما "يعجّ ‏بالتعقيدات والمشاكل، وتتداخل فيه مجمل العوائق السياسية والاقتصادية والأمنية".
وتستعيد فقيه حادثة لن ‏تمحى من ذاكرتها: "منذ سنة 2008 تمّ إغلاق المشرب البحري للفندق ومصادرة محتوياته، رغم حصولنا ‏على رخصة شفويّة من السلطات المسؤولة منذ ما يزيد عن 13 سنة". وتضيف "هذا هو الأسلوب ‏المعمول به هنا لنيل الرخص وممارسة نشاطاتنا". وتقول فقيه: "سألنا عن سبب إغلاق المشرب، فجاء الجواب: الرئيس (المخلوع) زين العابدين بن علي كان ‏وراء إغلاق المشرب ومنع إعادة فتحه".
تضحك فقيه من هذه الإجابة، وتعتبر أن "الرخص الشفوية عبارة عن مهزلة". وتقول فقيه إن أحد تحديات القطاع "النقص الحاد في اليد العاملة ‏الكفؤة والمتخصصة". هذا إضافة إلى "البنى التحتية المتواضعة حتى في أكبر المناطق ‏السياحية في البلاد.
وتقول فقيه إنه "طوال الفترة الممتدة بين 2010 و2011، لم تعترضنا مشاكل أمنية ‏خطيرة، عكس ما توقعناه. واستطعنا عبور المرحلة بسلام". وتضيف "حتى خلال المرحلة الانتقالية الأولى، كنا نعي ‏أنها مرحلة سياسية بامتياز، ولا جدوى من الضغط أكثر على الحكومة الانتقالية؛ لعدم امتلاكها الشرعية و‏القدرة على البدء بإصلاحات حقيقية".
ولكن ومنذ 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 "تدهور القطاع بشكل جدي وخطير، ‏وتفاقمت مشاكلنا. فإضافة إلى حالة الانفلات الأمني التي تواصلت حتى بعد الانتخابات، استمرت ‏التجاذبات والصراعات السياسية. كما فوجئنا بتجاهل السلطات لمشاكل القطاع ونداءات المهنيين".
وتضيف فقيه "يبدو أن ‏السياسيين لا يدركون أهمية السياحة وارتباطها بكل القطاعات الاقتصادية الأخرى. وقد صرنا أيضاً نعاني من ‏تقصير البلدية في أداء واجبها على مستوى النظافة والتهيئة البيئية، وهو ما نفّر العديد من السيّاح وأثار ‏استياءهم". هذا "واتسعت الاحتجاجات المطلبية والتجاوزات المهنية، وازداد عدد الدخلاء؛ مما يسبب لنا يوميا ‏خسائر فادحة، بالإضافة إلى التنزيلات المجحفة وغير المعقولة التي لجأت إليها فنادق الـ4 و5 نجوم لإنقاذ ‏الموسم".
ما هو المطلوب اليوم ‏لإنعاش السياحة التونسية؟ تجيب فقيه أنه "رغم كل المشاكل والصعوبات، إلا أن تونس استطاعت في وقت من الأوقات أن تكون قبلة ‏سياحية هامة على المستوى الدولي". وتضيف: "اليوم نحن لسنا بصدد إضاعة هذا الرصيد التاريخي الذي حققناه خلال ‏سنوات طويلة".
وتعتبر فقيه أن "إنقاذ القطاع يبقى ممكناً إذا قامت الجهات الرسمية بتسخير الإمكانيات ‏المادية والبشرية لدعم القطاع ووضعت استراتيجية طويلة المدى".
المساهمون