تبدأ صباح اليوم بتوقيت نيويورك، المناقشات العامة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة رفيعة المستوى في دورتها الـ 70، بحضور قادة ووزراء خارجية ووفود 193 دولة، والتي تستمر حتى يوم السبت المقبل. وتأتي اجتماعات الجمعية العامة هذا العام في ظل أزمات ساخنة، خصوصاً في الشرق الأوسط، وتحولات تاريخية في العلاقات الدولية، بعدما شهد العام الجاري إنهاء عداوات تاريخية وحصول تقارب بين الخصوم.
لذا، تشهد اجتماعات هذا العام الحضور الأكبر في تاريخ الأمم المتحدة لعدد رؤساء وقادة الدول وهو 160 رئيساً وزعيماً، إذ يتوقع أن تنعقد قمم ساخنة على هامش الاجتماعات لتبحث مصير أزمات المنطقة. ويلقي قادة 36 دولة كلماتهم في اليوم الأول لهذه الاجتماعات، ستكون أبرزها الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا. ومن الشرق الأوسط، يلقي قادة كل من إيران وقطر والأردن والبحرين والمغرب كلماتهم كذلك.
اقرأ أيضاً: البابا بالأمم المتحدة: انتقادات حادة للنظامين السياسي والاقتصادي العالمي
وتنفس مسؤولون عدة في الأمم المتحدة الصعداء عندما استبق الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الصيني شي جينبينغ، خطابيهما يوم الإثنين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإعلان عن اتفاق جديد يحدد الخطوات الفعلية التي سيتخذها كل طرف من أجل خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وتعد هذه الخطوة المفاجئة تقدماً ملفتاً للنظر في مساعي الأمم المتحدة على مستوى الملف البيئي. ويأتي في وقت تعاني منه الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة من شبه شلل، ليس على صعيد التحركات السياسية ومجلس الأمن وحل النزاعات وفشل وساطات مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة للشرق الأوسط في ما يخص سورية والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وأوكرانيا فحسب، بل في النقص الحاد في الموارد المادية لمنظمات الإغاثة الدولية، والتي تعتمد بشكل رئيسي على مساعدات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مما يجعلها عاجزة عن القيام بمهامها، إذ قلصت منظمات عدة مساعداتها الإنسانية والغذائية للاجئين السوريين والعراقيين على سبيل المثال. كذلك تعجز عن الوصول إلى الكثير من الأماكن وتقديم المساعدات في اليمن، ولا يوجد أي تقدم ملموس في ما يخص الوضع في غزة وإعادة الإعمار، فضلاً عن التوتر في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويتوقع الكثيرون في الأروقة الدبلوماسية في نيويورك أن يحدث تطور في الملف السوري بسبب اللقاء المقرر عقده اليوم أيضاً بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. لكن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، جوش إرنيست، استبق اللقاء بالحديث عن أن أولوياته تتعلق بالوضع الأوكراني.
وقال "عندما يلتقي الرئيس (أوباما) مع الرئيس بوتين، فإن الوضع في أوكرانيا سيكون على رأس الأجندة. وسيوضح الرئيس أوباما للرئيس الروسي أهمية الوفاء بالوعود التي قدمتها روسيا في سياق اتفاقية منسك". وأضاف "سيوضح الرئيس أوباما مجدداً للرئيس الروسي أن مراهنته على النظام السوري هي مراهنة خاسرة، وأن نتائج ذلك من المتوقع أن تؤدي إلى تعميق النزاعات في ذلك البلد، وهذا لا يخدم مصلحة الشعبين الأميركي والروسي". وأشار إلى أن "الرئيس أوباما يشجع الرئيس بوتين على تقديم مشاركة بناءة والانضمام للجهود الدولية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). هناك أكثر من 60 دولة ضمن الائتلاف تعمل على استراتيجية لإضعاف وتدمير التنظيم ونرغب بأن يقدم الروس مشاركة بناءة في هذه المجهودات".
ولحقت تصريحات البيت الأبيض تحركات عديدة على مستوى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي عقد لقاءات ثنائية عديدة على مستوى نظرائه الدوليين لعل أبرزها في السياق السوري كان مع كل من نظيريه السعودي عادل الجبير، والإيراني محمد جواد ظريف. وتحدثت أوساط دبلوماسية عن نية كيري طرح مبادرة جديدة بالشأن السوري. وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قد أعلنت الأسبوع الماضي خلال انعقاد القمة الأوروبية حول الشأن السوري أنه "يجب أن نتحدث مع عدة أطراف فاعلة... بما في ذلك (رئيس النظام بشار) الأسد".
اقرأ أيضاً: أوباما يعلن موقفه من سورية وأوكرانيا قبل لقائه بوتين
وشهدت نيويورك لقاءات عديدة نهاية الأسبوع على مستوى وزراء الخارجية العرب ونظرائهم الغربين بما فيها اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع كل من وزراء خارجية السعودية وقطر، خالد العطية، والإمارات، عبدالله بن زايد آل نهيان. وتتصدر المداولات حول "داعش" واستراتيجيات محاربته المؤتمر الدولي الذي يعقده ويترأسه أوباما الثلاثاء بحضور دول الائتلاف وعلى مستوى قادة أو رؤساء خارجية تلك الدول.
أما روسيا، فتترأس اجتماعاً في مجلس الأمن، يوم الأربعاء، على مستوى وزراء الخارجية حول "الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". ويترأس الأردن اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية حول الوضع الإنساني وتقديم الدعم للاجئين السوريين ودول الجوار المستضيفة. فيما يناقش الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وضع اللاجئين والهجرة إلى أوروبا بحضور وزراء خارجية دول أوروبية وغربية وعربية.
ويرتقب أن تعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة لقاءات ثنائية ومتعددة في الشأن اليمني والليبي والعراقي والمسار النووي الإيراني، في حين يستبعد أن يلتقي الرئيس أوباما بنظيره الإيراني. ويعقد بان كي مون كذلك لقاءات على هامش الاجتماعات مع "الرباعية" ودول عربية في محاولة لدفع ما يطلق عليه "محادثات السلام". فلسطينياً، تحتفل الأمم المتحدة بحضور وفود دبلوماسية رفيعة المستوى برفع العلم الفلسطيني لأول مرة، الأربعاء، أمام مقر الجمعية العامة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يقدم كلمته أمام الجمعية العامة في اليوم نفسه.
على المستوى العربي والإسلامي، يتوقع أن تعقد اجتماعات هامشية لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى اجتماع وزاري للمجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.