سورية: مؤتمر المطارات

28 أكتوبر 2017
تريد روسيا حشد 1500 شخصية في حميميم (فاليري شاريفولين/Getty)
+ الخط -

تسوّق وسائل الإعلام الروسية لما تسميه "مؤتمر الشعوب السورية"، الذي ترعاه موسكو في مطار حميميم، "القاعدة العسكرية الروسية في محافظة اللاذقية"، كخطوة تالية لإنشاء مناطق "خفض التصعيد" التي أنتجتها اجتماعات أستانة. والهدف المعلن لهذا المؤتمر هو حشد 1500 شخصية من كل المكونات العرقية والدينية والمذهبية، بالإضافة إلى المكونات السياسية وممثلين عن المجالس المحلية، من أجل بحث مستقبل سورية في فترة ما بعد الحرب. كما يجري الحديث عن تقسيم المؤتمِرين على ورشات عمل، سياسية واقتصادية واجتماعية وخدمية، من أجل تقديم رؤى حول بناء سورية، على أن يتبعه مؤتمر آخر في مطار دمشق الدولي لاستكمال نتائج مؤتمر مطار حميميم.

ويبدو من تسمية هذا المؤتمر "الشعوب السورية"، ومن الشخصيات التي تسوّق له، ومن توقيته، أنه يندرج ضمن الخطة الروسية في قيادة الحل السياسي الذي يقوم على إعادة هيكلة النظام وإبرازه كجسم متماسك، مقابل إضعاف صوت المعارضة التمثيلية للثورة وتشتيتها، من خلال خلق المزيد من المنصات، ومن خلال تطعيمها بأصوات تتبنى الرؤية الروسية للحل وأخرى تتبنى رؤية النظام. لكن الخطورة في هذه المنصة الجديدة تكمن في أنها تعمل على خلق تجمع يسوَّق له على أنه يمثل السوريين، بكل أطيافهم وتوجهاتهم، وعلى أنه يضم الشخصيات الفاعلة على الأرض في الداخل، وبالتالي تسويق هذا التجمع دولياً، فيما لو نجح، على حساب تهميش الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات.

كما يلاحَظ من تسمية المؤتمر أنه محاولة لتسويق فكرة أن السوريين مجموعة شعوب، وليسوا شعباً واحداً، والتي تتعاطى مع الرؤية الروسية لشكل سورية، من خلال مسودة الدستور الذي طرحته على السوريين خلال اجتماعات أستانة. وبعد الإعلان عن هذا المؤتمر، بدا واضحاً أن الروس يعملون على عدة مسارات، تقوم على تهيئة الظرف على الأرض، من خلال مناطق "خفض التصعيد"، وخلق ممثلين عن تلك المناطق وتسويقهم على أنهم ممثلون شرعيون ومنتخبون ضمن مناطقهم، من خلال لعبة المجالس المحلية، بالتوازي مع العمل على إفراغ مفاوضات جنيف من محتواها وتغيير مرجعيتها، من خلال التوافق مع بعض الدول المؤثرة على المعارضة، من أجل إعادة هيكلة الهيئة العليا للمفاوضات، وتحويلها إلى هيئة تقبل بالرؤية الروسية للحل. كل هذا بالتوازي مع تقديم غطاء جوي للنظام من أجل فرضه كشريك دولي في محاربة الإرهاب.