18 أكتوبر 2024
سورية... حيث يغرق حزب الله
أعلن حزب الله في لبنان، صباح 13 مايو/ أيار الجاري، عن مقتل أحد أبرز قيادييه، مصطفى بدر الدين، والذي يشغل مواقع قيادية أساسية في الحزب، من عضوية مجلس الشورى، إلى قائد العمليات الخارجية في الحزب، إلى مستشار الأمين العام. والمعروف أن بدر الدين مطلوب للمحكمة الخاصة بلبنان التي تحقق باغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005، مع آخرين من الحزب، ورفض حزب الله تسليمهم للمحكمة التي اعتبرها مسيّسة وتستهدف وجوده، وطالما اتهمها بالأسرلة. وبدر الدين متهم بتنفيذ عمليات تُصنّف إرهابية، في الكويت وغيرها، فضلاً عن قيادته عمليات حزب الله الحربية في سورية خلال قتاله إلى جانب النظام السوري، تحت عنوان مواجهة المجموعات "التكفيرية" و "الإرهابية".
اتهم الحزب، في بيان أول، إسرائيل، ثم أرجع، في بيان آخر، سبب الاغتيال قرب العاصمة دمشق في مركز للحزب إلى صاروخ أو قصف مدفعي أو غارة طائرة، وقال إنه سيفتح تحقيقاً بالحادث. وأيّاً تكن الحقيقة، وعلى أهميتها، فإن الثابت إلى الآن وفقاً لبيان الحزب، أن بدر الدين قد قتل، وإنْ تضاربت الروايات، من غارة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، إلى انفجار في مركز للحزب قرب مطار دمشق، إلى احتمال مقتله في مواجهات ريف حلب الجنوبي والغربي التي دارت وتدور بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري مدعوماً بالحرس الثوري الإيراني وبحزب الله، وقد اعترفت إيران في الأيام الماضية بمقتل كثيرين من ضباط الحرس وجنوده في سورية، وقد يكون بدر الدين أحدهم. وتضع هذه الروايات حزب الله أمام تحدّ جديد وأزمة جديدة ليست سهلة.
إذا كان بدر الدين قُتل في غارةٍ للطيران الحربي الإسرائيلي، فذلك يطرح سؤالاً عن مدى (وحجم) التنسيق الأمني والعسكري بين الطائرات الإسرائيلية التي تجوب السماء السورية والرادارات الروسية المتمثلة بمنظومة صواريخ "أس 400" التي ترصد كل ما يتحرّك في تلك السماء، ما يطرح علامة استفهام عن العلاقة بين حزب الله وإيران من جهة، وروسيا من جهة أخرى، فضلاً عن جدوى قتال حزب الله في سورية إذا كان قتاله يستثمره الروس والإسرائيليون، ويصب في مصالحهم؟ الأمر الآخر أن الحزب، بهذا الاعتبار، بات مطالباً بالرد على هذا العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الصف الأول من قيادييه. وهنا، لا يملك الحزب سوى أن يقوم بعملية شكلية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، تكون "تنفيسية" وعملاً إعلامياً دعائياً.
وإذا كان بدر الدين قد قُتل على أيدي المعارضة السورية المسلحة في حلب وريفها، وربما هذا
هو الأرجح، فذلك يضع حزب الله أمام تحدّ جديد أمام جمهوره، ويحتاج إلى ردٍّ لا يملكه على المعارضة السورية التي تتقدم في ريفي حلب وحماة في مواجهة حزب الله، وتمكّنت من استعادة معظم المناطق التي خسرتها في أثناء التدخل الكبير للطيران الروسي، وهو ما يظهر المعارضة قادرةً على قلب المعادلة لصالحها، في وقتٍ يغادر فيه الطيران الروسي السماء السورية، ما يجعل الحزب مأزوماً أمام جمهوره، لجهة إقناعه بجدوى استمرار قتاله في سورية، طالما أن المعارضة قادرة على استعادة كل ما تملكه بمجرد غياب الطيران الروسي.
وإذا كان بدر الدين قتل في انفجار قرب مطار دمشق، فهذا يعني أن الذين نفذوا العملية تمكنوا من اختراق المنظومة الأمنية الضيقة المطلعة على تفاصيل كثيرة في المشهد السوري. وبالتالي، سيشعر الحزب بأن قياداته في الداخل السوري ستكون محل استهداف، الأمر الذي سيزيد من حجم الشك بالنظام السوري وضباطه وقيادييه، ويجعل العلاقة قائمة بينهما على الشك والريبة، ما يؤثر على ساحة العمليات الحربية. وتالياً، سيفاقم ذلك من حجم الرفض الذي يتصاعد داخل البيئة الحاضنة للحزب، وعبّرت عنه، في الأيام الماضية، نتائج الانتخابات البلدية في محافظة البقاع اللبناني التي كانت تعتبر خزاناً لمسلحي حزب الله، حيث أظهرت النتائج تراجعاً لشعبية الحزب، على الرغم من فوزه في بلدياتٍ عديدة.
وتبقى مسألة أن مصطفى بدر الدين مطلوب للمحكمة الخاصة بلبنان التي تحقق في اغتيال رفيق الحريري، ومتهم بارتكاب عملية الاغتيال. وهنا، يذهب بعضهم إلى فرضية القول إن مقتل بدر الدين جزء من عملية تصفية المتهمين بالاغتيال، بعدما باتوا يشكلون عبئاً وثقلاً على قياداتهم. وهنا تصبح الأزمة أكثر تعقيداً، إذ أن صدقية هذه الفرضية ستجعل أي قائد آخر في هذه المنظومة يخشى على نفسه من التصفية في أي لحظة، إذا ما تحوّل إلى عبء على قيادته.
ملخص القول إن سورية باتت اليوم مستنقعاً، يغرق فيه كل من تورّط وأوغل بدماء الشعب السوري، ولن يستطيع حزب الله أن يخرج من هذا المستنقع إلا منتهياً، أو منهكاً بشكل كامل.
اتهم الحزب، في بيان أول، إسرائيل، ثم أرجع، في بيان آخر، سبب الاغتيال قرب العاصمة دمشق في مركز للحزب إلى صاروخ أو قصف مدفعي أو غارة طائرة، وقال إنه سيفتح تحقيقاً بالحادث. وأيّاً تكن الحقيقة، وعلى أهميتها، فإن الثابت إلى الآن وفقاً لبيان الحزب، أن بدر الدين قد قتل، وإنْ تضاربت الروايات، من غارة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، إلى انفجار في مركز للحزب قرب مطار دمشق، إلى احتمال مقتله في مواجهات ريف حلب الجنوبي والغربي التي دارت وتدور بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري مدعوماً بالحرس الثوري الإيراني وبحزب الله، وقد اعترفت إيران في الأيام الماضية بمقتل كثيرين من ضباط الحرس وجنوده في سورية، وقد يكون بدر الدين أحدهم. وتضع هذه الروايات حزب الله أمام تحدّ جديد وأزمة جديدة ليست سهلة.
إذا كان بدر الدين قُتل في غارةٍ للطيران الحربي الإسرائيلي، فذلك يطرح سؤالاً عن مدى (وحجم) التنسيق الأمني والعسكري بين الطائرات الإسرائيلية التي تجوب السماء السورية والرادارات الروسية المتمثلة بمنظومة صواريخ "أس 400" التي ترصد كل ما يتحرّك في تلك السماء، ما يطرح علامة استفهام عن العلاقة بين حزب الله وإيران من جهة، وروسيا من جهة أخرى، فضلاً عن جدوى قتال حزب الله في سورية إذا كان قتاله يستثمره الروس والإسرائيليون، ويصب في مصالحهم؟ الأمر الآخر أن الحزب، بهذا الاعتبار، بات مطالباً بالرد على هذا العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الصف الأول من قيادييه. وهنا، لا يملك الحزب سوى أن يقوم بعملية شكلية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، تكون "تنفيسية" وعملاً إعلامياً دعائياً.
وإذا كان بدر الدين قد قُتل على أيدي المعارضة السورية المسلحة في حلب وريفها، وربما هذا
وإذا كان بدر الدين قتل في انفجار قرب مطار دمشق، فهذا يعني أن الذين نفذوا العملية تمكنوا من اختراق المنظومة الأمنية الضيقة المطلعة على تفاصيل كثيرة في المشهد السوري. وبالتالي، سيشعر الحزب بأن قياداته في الداخل السوري ستكون محل استهداف، الأمر الذي سيزيد من حجم الشك بالنظام السوري وضباطه وقيادييه، ويجعل العلاقة قائمة بينهما على الشك والريبة، ما يؤثر على ساحة العمليات الحربية. وتالياً، سيفاقم ذلك من حجم الرفض الذي يتصاعد داخل البيئة الحاضنة للحزب، وعبّرت عنه، في الأيام الماضية، نتائج الانتخابات البلدية في محافظة البقاع اللبناني التي كانت تعتبر خزاناً لمسلحي حزب الله، حيث أظهرت النتائج تراجعاً لشعبية الحزب، على الرغم من فوزه في بلدياتٍ عديدة.
وتبقى مسألة أن مصطفى بدر الدين مطلوب للمحكمة الخاصة بلبنان التي تحقق في اغتيال رفيق الحريري، ومتهم بارتكاب عملية الاغتيال. وهنا، يذهب بعضهم إلى فرضية القول إن مقتل بدر الدين جزء من عملية تصفية المتهمين بالاغتيال، بعدما باتوا يشكلون عبئاً وثقلاً على قياداتهم. وهنا تصبح الأزمة أكثر تعقيداً، إذ أن صدقية هذه الفرضية ستجعل أي قائد آخر في هذه المنظومة يخشى على نفسه من التصفية في أي لحظة، إذا ما تحوّل إلى عبء على قيادته.
ملخص القول إن سورية باتت اليوم مستنقعاً، يغرق فيه كل من تورّط وأوغل بدماء الشعب السوري، ولن يستطيع حزب الله أن يخرج من هذا المستنقع إلا منتهياً، أو منهكاً بشكل كامل.