سورية: تلّ الحارة يعبّد طريق المعارضة إلى دمشق

13 أكتوبر 2014
يعتبر تل الحارة أعلى هضبة في درعا (صالح ليلى/الأناضول)
+ الخط -

حقق مقاتلو المعارضة السورية المسلّحة، قبل أيام، تقدماً عسكرياً جديداً، من خلال السيطرة على تل الحارة في ريف درعا الشمالي الغربي، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام. ويعتبر التل هضبة استراتيجية تطلّ على مناطق عدة في كل من ريف دمشق الجنوبي، وريف القنيطرة، على بعد نحو 12 كيلومتراً عن منطقة الجولان المحتل.

وتمثل السيطرة على تل الحارة أهمية وبعداً جغرافياً، في الدرجة الأولى، بالنسبة للمعارك الدائرة هناك، إذ يعتبر التل أعلى هضبة في محافظة درعا، بارتفاع يصل إلى 1090 متراً، وتؤدي السيطرة عليه إلى تمكين مقاتلي المعارضة من التحكم نارياً في المنطقة المحيطة به من كل الجهات وبقُطر 40 كيلومتراً.

كما تنكشف لهم مناطق عدة في ريف دمشق الجنوبي. ويعتبر التل مركز الاستطلاع الأول في المنطقة الجنوبية، إذ يحتوي على منظومة رادار متطورة، وكتيبة حرب إلكترونية، مهمّتها مراقبة حركة المطارات الإسرائيلية، ويكشف الجولان السوري المحتل حتى بحيرة طبرية.

وبتحرير التل اغتنم مقاتلو المعارضة منظومة الرادار للمراقبة "اس 1"، إضافة إلى عدد من الدبابات والرشاشات الثقيلة، التي طالما استخدمها النظام في قصف القرى والبلدات المحررة في ريفي القنيطرة ودرعا، وهو ما يغير ميزان القوى العسكرية بين الطرفين المتقاتلين.

ويضم تل الحارة المركز الروسي السوري المشترك، حيث أظهرت صور بثها مقاتلو المعارضة من داخل المركز، بعد استيلائهم على التل، مجموعة من الضباط برتب مختلفة، بينهم مستشار وزير الدفاع الروسي، كوادالينو ل.ي. كما يتيح المركز الاستماع إلى المتغيرات في المواقف عبر شاشة الكمبيوتر.

وقد نشر المعارضون أمراً إدارياً صادراً عن إدارة الاستطلاع يعود لتاريخ 31 مايو/أيار الماضي كانوا قد حصلوا عليه داخل المركز، يقضي بتسجيل كافة المكالمات اللاسلكية التي يتم التقاطها لما يصفها النظام بـ"المجموعات الإرهابية".

ويصنع المعارضون من تحريرهم للتل نقطة التقاء لجبهات ثلاث تتمثل في جبهتي القنيطرة ودرعا وجبهة الغوطة الغربية ممثلة في كناكر والكسوة، وبالتالي يتم فتح الطريق إلى ريف دمشق على محورين، يبدأ الأول من مدينة الحارة وصولاً إلى بلدة غباغب شمال شرق مدينة الصنمين، والذي سيؤدي إلى محاصرة المعارضة للفرقة التاسعة في الصنمين، ويلي ذلك وصول مقاتليها إلى لواء زريقية "اللواء 78" ومقره شمال غباغب، ليتخذ مقاتلو المعارضة من غباغب منطلقاً إلى بلدة كناكر.

وليس بعيداً عن مدينة الصنمين، حيث تقع قرية دير العدس على مسافة 6 كيلومترات منها، في القسم الشمالي من منطقة حوران جنوب دمشق بحوالى 40 كيلومتراً، وشمال غرب مدينة درعا بحوالى 70 كيلومتراً، إذ تعتبر أول قرية في سهل حوران من جهة جبل الشيخ وملاصقة لبلدة كناكر في ريف دمشق، مما يمنح السيطرة عليها استراتيجية جغرافية مهمة.

أما المحور الآخر، فيبدأ من محافظة القنيطرة باتجاه كناكر وأوتوستراد السلام الذي يربطها مع دمشق، فلم يبق بيد قوات النظام سوى تلي الشعّار والكروم، المطلين على بلدة جبا، ومدينتي خان أرنبة والبعث، إضافة لبلدة حضر، واللواء 90 الواقع شمال شرق تل الشعّار. وبسقوط هذا التل تصبح مدينتا خان أرنبة والبعث بين فكي كماشة، وتسهل السيطرة الفورية على اللواء 90، الواقع تحت نيران تل الشعّار بمسافة لا تزيد عن كيلومترين اثنين فقط.

ولا تغيب أهمية سقوط تل الحارّة عن المشهد السياسي، فقد أبدت مصادر عسكرية إسرائيلية قلقها من غياب السيطرة الأمنية أو العسكرية على الجانب السوري من حدود وقف إطلاق النار، الأمر الذي يخلق مخاوف من فراغ أمني في سورية، واختلال في الجبهة التي لطالما كانت آمنة بعيدة عن أي اختراقات أمنية.

كما وصفت نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري، نورا الأمير، سيطرة "الجيش الحر" على تلّ الحارّة في مدينة درعا بـ"الخطوة الاستراتيجية"، التي ستنقذ مئات الآلاف من أهالي القنيطرة ودرعا ومناطق الغوطة الغربيّة، كون قوات الأسد كانت تتخذ من هذا التلّ الاستراتيجي، مكاناً للتمترس العسكري ونقطة قصف تستهدف من خلالها أهالي المدن المحيطة، والذي يعتبر سقف الجنوب العالي والنقطة الأعلى في المنطقة. فالسيطرة على الحارة، تعني حماية ظهر الغوطة الغربيّة، البوابة الأكثر خطورة لدخول دمشق. وكانت مدينة الحارة بتلتها الاستراتيجية، قد انخرطت في مسار الثورة في 21 مارس/آذار عام 2011، وأصبحت الآن نقطة تحول تاريخي في مسار الثورة المسلحة، ولاعباً مهماً في ميزان القوى العسكرية على الأرض.